الخبر بالصوت

تيا صادر

خرج الناس عن صمتهم في مدينة طرابلس ليل الأحد-الاثنين 25 كانون الثاني، وبدأت التحركات في الشوارع احتجاجاً على قرار الإغلاق العام الذي أعلنته الحكومة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، من دون تأمين أبسط حاجيات الصمود للناس رغم الوعود بالتعويض على العاملين اليوميين، وأيضاً للتنديد بغياب فرص العمل وتراجع الأوضاع المعيشية جراء الانهيار الاقتصادي المتزامن مع الغلاء الفاحش نتيجة تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء عتبة 8900 ليرة لبنانية.

توجه المنتفضون إلى الساحات في مختلف المناطق اللّبنانية رفضاً لهذا الواقع، لكنَّ حال الفقر والحرمان والإهمال جعلوا من طرابلس سبّاقة في التعبير عن المأساة، هي التي كانت عروس ثورة 17 تشرين، عادت اليوم إلى الواجهة لتكمل نضالها.

وعن ما جرى في المدينة مؤخراً، قال أحد الناشطين من طرابلس لموقع “ML”: “الوضع في لبنان أصبح لا يُحتمل، وخاصةً في عاصمة الشمال، وخرجت الأمور عن السيطرة فالجوع يهدد الأهالي والأطفال أكثر مما يهددهم فيروس كورونا، وطبعاً رجال السلطة والنفوذ الطرابلسيون لا يأبهون لحالنا إلّا في فترة الانتخابات.”

وتجدر الإشارة إلى أنَّ الحكومة اللبنانية خصصت مساعدات مالية للعائلات الأكثر عوزاً وقدرها 400 ألف ليرة لبنانية للعائلة الواحدة وتولى الجيش توزيعها. فأين حصة أبناء طرابلس؟ فأكثر العائلات فقراً في طرابلس تقول أنه لم يطرق بابها أحدٌ. وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: من أكثر عوزاً من أبناء حي التنك وباب الرمل وغيرها من أحياء طرابلس الفقيرة لتوزع عليهم المساعدات؟

وهنا يعلق الناشط مضيفاً: “لم ينزلِ الطرابلسيون إلى الشارع لأنهم يريدون علبة مساعدات غذائية أو مساعدة مالية، بل لطلبِ حق مدينتهم في الإنماء وخلق فرص العمل لأبناء طرابلس ليعيشوا بكرامة. هم ينزلون إلى الشارع لأنهم إذا ما ماتوا من كورونا سيموتون جوعاً.

والسؤال الآخر الذي يتردد إلى الأذهان عند التكلم عن طرابلس: هل من طرفٍ سياسي يقف خلف الاحتجاجات أم أنها تحركات عفوية؟ في هذا السياق يجيب الناشط: “لا أحد يستطيع التحكم بقراراتنا بعد اليوم. والاحتجاجات في طرابلس استهدفت كل التيارات السياسية، فالمنتفضون طالبوا باستقالة النائب فيصل كرامة، وأقدموا على تكسير كاميرات المراقبة أمام منزل النائب سمير الجسر، كما أضرموا النار في مستوعبات النفايات أمام منزل النائب محمد كبارة. ولكلّ حدا عم بقول نحنا مشاغبين، لا نحنا موجوعين وجوعانين”.

وفي الواقع، تختلف القراءات حول ما يجري في الشارع الطرابلسي، فالبعض يعتبر أن أعمال الشغب التي جرت في المدينة مدبرة لاستغلال التحركات واستخدامها لتوجيه رسائل سياسية.

فمن جهةٍ، اعتبر البعض أن الأحداث موجهة للضغط على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، للرضوخ لمطلب سعد الحريري لتأليف الحكومة. ومن جهته ندّد الحريري بالعنف الذي يمارس في المدينة وتحدث عن محاولات لاستغلال مأساة أهالي طرابلس لأغراض سياسية.

ومن جهةٍ أخرى، يتحدث آخرون عن وقوف بهاء الحريري خلف هذه الاحتجاجات، إلّا أنّ الآخر ردَّ على هذه الفرضيات قائلاً لـ”ML”: “عند اغتيال الشهيد رفيق الحريري لجأنا للقانون ولهذا نرفض التخريب”.

وفي السياق نفسه، يحكى عن اختراق للمخابرات التركية للشارع الطرابلسي، خصوصاً بعدما أبدى السفير التركي في لبنان استعداد بلاده ترميم المباني الحكومية التي تضررت خلال الاحتجاجات، وتقديم مساعدات للعائلات الأكثر فقراً في المدينة.

وبالرغم من احتمال ثبوت اختراق للوضع من قبل أحد الأطراف المذكورة أعلاه أو غيرها، لا بدَّ من النظر بتمعن إلى وضع المدينة وأهلها فلا يمكن طمس الحقيقة مهما كثرت السيناريوهات، ولا يمكن تجاهل صعوبة الوضع المعيشي والاقتصادي الذي يعيشه اللّبنانيون عموماً والطرابلسيون خصوصاً، فقد أصبح أكثر من نصف اللّبنانيين اليوم يرزحون تحت خط الفقر، وارتفعت نسبة من يعيشون فقراً مدقعاً من 8 بالمئة إلى 23 خلال العام 2020 وذلك وفقاً للأمم المتحدة، فهل يدرك من هم في السلطة صعوبة الوضع؟

خاص موقع “ML”

اترك تعليقًا