في محطة عيد مار مارون تتوضح رسائل كثيرة مع العظة التي يلقيها البطريرك الماروني الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي أمام الرؤساء الثلاثة، في وقت تتجه الأنظار إلى الحملة المنظمة على الموازنة العامة للعام 2022، قبل ساعات قليلة من جلسة مجلس الوزراء غداً، حيث من المتوقع ان تناقش وتقر وتحال إلى المجلس النيابي… إلا إذا.
ويتوقع ان يضمن البطريرك الراعي مواقف عالية السقف وعناوين وطنية، ويخاطب فيها الرؤساء الثلاثة المرتقب مشاركتهم بالقداس. اما لماذا يريد البطريرك رفع مستوى خطابه الى مستوى غير مسبوق في لغة التخاطب مع المسؤولين، ولا سيما مع رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل تحديداً، فيما لن يوفر الاطراف السياسيين المشاركين بالسلطة ايضا؟
وتكشف مصادر متابعة للقاءات ومشاورات البطريرك الراعي النقاب عن تراكم المواقف والممارسات التي ادت الى وصول الامور إلى الدرك الاسفل، الذي يعيشه اللبنانيون حالياً، كما تقول.
وتستذكر مراحل تعطيل الدولة والحكومات طوال السنوات الماضية، تحت ذرائع ومسميات غير مقنعة، وكانت كلها تحقيقا لمصالح شخصية صرفة على حساب البلد، او لمصالح خارجية كما ظهر ذلك تباعاً.
لكن القشة التي قصمت ظهر البعير في توجهات البطريرك الماروني، من وجهة نظر المصادر المتابعة، فهي تلهي رئيس الجمهورية ووريثه السياسي عن الأمور والمسائل الحيوية التي تهم الناس والوطن، واستمرار تركيزهم على المصالح الشخصية التي تهم شخصا واحداً، وهو صهر رئيس الجمهورية باسيل، من دون تسميته مباشرة، وكأن الدولة والشعب كله أصبح محصورا بشخصه، فيما مصلحة الاخرين غير مهمة للعهد كله.
وتكشف المصادر النقاب عن اسباب الاستياء الحاد لدى سيد بكركي، استنادا إلى الحملة المتصاعدة التي شنها باسيل ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجند لها القاضية غادة عون التي تتفرد بقرارات لا تراعي فيها ادنى حد من الموجبات المهنية القضائية، واستكملت بتبني رئيس الجمهورية شخصيا لهذه الحملة غير المبررة.
واستذكرت المصادر فحوى آخر لقاء جرى بين البطريرك الراعي وعون في بعبدا بعد احداث عين الرمانة المؤسفة وقالت، إن “يومها حمل البطريرك مسؤولياته الوطنية وسعى ما في وسعه لتطويق مضاعفات ما حصل، وقابل عون بهدف ايجاد حل لما حصل بتوافق الجميع، ويومها تطرق اللقاء لموضوع التدقيق الجنائي الذي اتخذه رئيس الجمهورية سببا، متهما الحاكم بانه وراء تعطيل مسار التدقيق، لمنع انكشاف اختفاء المليارات من المصرف المركزي، وهنا تدخل البطريرك الراعي وقال، انت تعلم يا فخامة الرئيس ان هذه الأموال استدانتها الدولة من المصرف المركزي، وبالتالي معروفة وجهتها. وهنا تدخل عون وقال، دينّها للدولة، ومين قلو يدينّها وكيف يعني؟ وهنا عاد البطريرك للكلام وقال، بطلب من السلطة السياسية، بموجب قانون النقد والتسليف، وبإمكانك كرئيس للجمهورية ان تسأل الحاكم وتستفسر منه فهو موظف بالدولة بالنهاية. وسأل البطريرك عون، لماذا لا يتناول التدقيق الجنائي موضوع الكهرباء ايضا، وهناك كلام عن هدر كبير فيها، فتدخل رئيس الجمهورية وقال، ما بدنا “نخلط شعبان برمضان”. ما وقت الكهرباء هلق وكلو حكي عالفاضي. التدقيق لازم يتناول الحاكم والبنك المركزي. وهنا أيقن البطريرك ان رئيس الجمهورية يركز الحملة على الحاكم وان وراء الحملة ما وراءها، وانتهى اللقاء على زغل”.