كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي ومن ثم تصاعد ازمة #تشكيل الحكومة الجديدة، بدأت الوتيرة العالية لمواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي ومتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس #عودة تبلور معارضة كنسية صارخة لمسارات السياسة التي تنهجها السلطة خصوصا من دون توفير التبعات الاوسع على الطبقة السياسية برمتها. ولكن الوتيرة النارية التي طبعت امس مواقف البطريرك الراعي والمطران عودة تجاوزت الاطار الاعتيادي الذي يترقبه اللبنانيون كل احد، وذهبت في اتجاه استثنائي بالغ الأهمية، بدت معها هذه المواقف بمثابة ثورة كنسية على العهد والسلطة في المقام الأول، وعلى مجمل الطبقة السياسية في ظل تناسل الفضائح والسقطات والأزمات والكوارث على نحو خيالي. جاءت الوتيرة النارية لعظتي الراعي وعودة بعد أسبوع مشحون بملفات القضاء والمقاطعة #السعودية والخليجية للمنتجات الزراعية اللبنانية بالإضافة الى الملف المأزوم الدائم المتصل بتعطيل تشكيل الحكومة لترسم معالم تطور لا يمكن معه العهد ان يتجاهل السؤال الكبير الذي ردده كثيرون امس وهو “اين العهد من هذه الاعتراضات الكنسية الصارخة ؟”
اشعال الردود والسجالات الحادة والمقذعة بين القوى السياسية صار تقليداً في ازمة الانسداد السياسي، وكانت آخر نماذج هذه الجولات السبت الماضي بعد المؤتمر الصحافي لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي شنّ هجمات حادة وعنيفة على الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري و”القوات اللبنانية ” استدعت ردوداً من عيارات ثقيلة أيضا. ولكن هذه الجولة لم تقل شيئا سوى ان التأزم في ملف تشكيل الحكومة ذاهب الى استيلاد مزيد من التوتر والتعقيد والدوران ضمن حلقة العقم. وحصل ذلك فيما كانت تترقب الأوساط الداخلية نهايات ازمة التمرد القضائي وانعكاساتها على واقع القضاء من جهة، كما كانت تتفاقم ازمة جديدة ذات طابعين خطيرين أولهما ديبلوماسي – سياسي والآخر اقتصادي بعدما قررت المملكة العربية السعودية منع دخول الفاكهة والخضار من لبنان الى أراضي المملكة بسبب عمليات #تهريب المخدرات والممنوعات اليها وبدأت معالم تمدد القرار نحو دول خليجية أخرى .
الراعي وعودة
وسط هذا الغليان وتفجر الفضائح والأزمات المتسابقة وتخبط السلطة في سياساتها الأحادية والفاشلة سواء بسواء، بدا واضحاً ان العهد لن يكون في مقدوره تجاهل خطورة الغليان الصاعد في مواقف الرأي العام الداخلي الذي اختصرته امس مواقف الراعي وعودة وكأنهما يعوّضان أيضا عن قصور القوى السياسية او تواطؤ بعضها او قصور بعضها الاخر، فيما سيكون الأسوأ ان “يتكل” على موجات ردود تياره عبر وسائل التواصل الاجتماعي متهجمة على المراجع الدينية.
فالبطريرك الراعي الذي كشف انه اتصل بالسفير السعودي #وليد البخاري وابلغه “إستنكارنا، وطلبنا إليه نقله إلى المملكة مع التمني بأن تأخذ في الإعتبار أوضاع لبنان والمزارعين الشرفاء”، طالب الدولة “بالمحافظة على صداقاتها مع الدول العربية، وبخاصة مع المملكة السعودية لما لها دائما من مواقف ومبادرات إيجابية لصالح لبنان واللبنانيين”. ثم تناول الملف القضائي قائلا “أصابنا الذهول ونحن نرى على شاشات التلفزة واقعة قضائية لا تمت بصلة إلى الحضارة القضائية ولا إلى تقاليد القضاء اللبناني منذ أن وجد. فما جرى يشوه وجه القاضي النزيه والحر من أي إنتماء، ذي الهيبة التي تفرض إحترامها واحترام العدالة وقوانينها. نحن نصرّ على أن يكافح القضاء مكامن الفساد والجريمة بعيدا من أي تدخل سياسي. ونصر على أن تعود الحقوق إلى أصحابها، لاسيما الودائع المصرفية. ولكن ما جرى، وهو مخالف للأصول القضائية والقواعد القانونية، قد أصاب هيبة السلطة القضائية واحترامها وكونها الضمانة الوحيدة لحقوق المواطنين وحرياتهم”.
موقف المطران عودة جاء مماثلا تماما محذرا من “تدمير المؤسسات واخرها السلطة القضائية التي هي حصن لبنان الاخير والجيش الذي يدافع بنقاء ومحبة وتضحية”. وسأل “هل يجوز ان يتمرد قاض على القانون وهو مؤتمن على تطبيقه، هل يجوز ان يقتحم قاض املاكا خاصا دون مسوغ قانونيّ، هل يجوز الاعتداء على الاعلاميين الذين يؤدون واجبهم؟ “. واستغرب غياب مجلس النواب، سائلاً: “اين مجلس النواب من كل ما يجري اليس من واجبه القيام بما يلجم هذه التجاوزات ؟ وقال: “الانسان الذي كرمه الله اهانوه وجعلوه عبداً لرغباتهم، وقطعوا الغذاء عن الاطفال، ويل لمسؤول يجوع الاطفال في عهده ويهان البشر في عهده”.
وردت القاضية غادة #عون مساء معتبرة ان “من صلب مهامها اجراء المداهمات وضبط الادلة لكشف الجريمة ”وقالت: “ما يثير الذهول بالفعل انه وبدل ان يستهجن كل من الصق بي اليوم تهم التمرد ومخالفة القوانين انه لم يخدش شعورهم صورة بشعة تظهر مدى تمرد البعض على القضاء نتيجة وقوف مدعي عام امام مكاتب شركة مشتبه بتهريبها اموال اللبنانيين ومنعه من الدخول الا يستحق ذلك الشجب”.
ازمة المقاطعة
اما في ما يتصل بأزمة قرار السعودية #مقاطعة المنتجات الزراعية اللبنانية الذي بدأ تنفيذه امس، فان الأنظار ستتجه الى الاجتماع الذي دعا الى عقده رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم في قصر بعبدا ويضم الوزراء المعنيين ورؤساء الأجهزة الأمنية الذي يفترض ان يخرج بقرارات عملية حاسمة على صعيد مضاعفة الجهود لضبط مراقبة الحدود ومكافحة التهريب بما يقنع السعودية والدول الخليجية وغيرها بجدية هذه الإجراءات ويحول دون اتساع مقاطعة المنتجات اللبنانية.
وكان السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي يمضي إجازة في السعودية غرد امس عبر “تويتر” قائلاً: “بلغ إجمالي ما تمّ ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي مصدرها لبنان من قبل مُهربي المخدرات أكثر من 600 مليون حبة مخدرة ومئات الكيلوغرامات من الحشيش خلال الست سنوات الماضية”.
وفي السياق ذاته قال بخاري في حديث تلفزيوني “ان الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها”. وتوجه بخاري بالشكر الى البطريرك الراعي ”على موقفه المستهجن لاستهداف السعوديّة من خلال تهريب المخدرات إليها”.
وأعربت امس دولة الإمارات عن تأييدها لقرار المملكة العربية السعودية بحظر المنتجات الزراعية القادمة من الجمهورية اللبنانية بعد أن ثبت استخدامها لتهريب المخدرات إلى أراضي المملكة. ودعت الوزارة “إلى تطوير التقنيات المناسبة واتخاذ كل الإجراءات والتدابير المناسبة للحد من تهريب هذه الآفة الخطيرة، التي تهدد سلامة المجتمعات، وتضر بمصالحها”.
وسبق للكويت والبحرين ان اعلنتا مساء السبت ان الكويت تأييدهما لقرار المملكة العربية السعودية حظر دخول الخضار والفواكه من لبنان بسبب استغلالها لتهريب المخدرات كما انضمت سلطنة عمان الى هذا التأييد