الخبر بالصوت

كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : تصدّر عنوان المخدرات المهرّبة الى المملكة العربية السعودية كل ‏العناوين الأخرى، نظراً لانعكاسه على العلاقة بين بيروت والرياض، ‏والتي تراجعت أخيراً بسبب المآخذ السعودية على السياسة اللبنانية. ‏وجاء هذا الملف ليزيد من هذه المآخذ، فضلاً عن ارتداده على ‏المزارعين اللبنانيين الذين فقدوا أحد الشرايين الأساسية لتصريف ‏إنتاجهم، بسبب إهمال الدولة اللبنانية لحدودها ومعابرها، فيما يراكم ‏لبنان خسائره مع دولة شقيقة كانت السند الدائم له في كل الظروف ‏والأوقات، الأمر الذي يستدعي استنفاراً للدولة لكشف ملابسات هذه ‏الجريمة، وتقديم الإيضاحات المطلوبة للمملكة، في سبيل طي هذه ‏الصفحة التي لا تشرِّف لبنان، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل ‏هذه الفضيحة، حرصاً على العلاقة التاريخية التي تربط بيروت ‏بالرياض، كذلك حرصاً على مصلحة المزارعين، في وقت لبنان أحوج ‏ما يكون فيه إلى مساعدة، وتحديداً من السعودية التي لم تبخل يوماً ‏في مساعدته.‏ 

وفي موازاة هذا الملف الذي ستتمّ متابعته اليوم في الاجتماع الذي ‏دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، في حضور ‏رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، ووزراء الدفاع الوطني، ‏والزراعة، والداخلية والبلديات، والخارجية والمغتربين، والمال، ‏والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والجمارك، وعدد ‏من المعنيين في القطاع الزراعي من مزارعين ومصدّرين، وبالتالي في ‏موازاة هذا الملف، وفي انتظار ما سيصدر عنه، بقي الاشتباك ‏السياسي سيِّد الموقف، مع إطلالة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران ‏باسيل، الذي شنّ هجمات بالجملة واستدرج ردوداً عليه بالجملة، الأمر ‏الذي يرفع من منسوب التشنُّج ويبقي أبواب تأليف الحكومة مغلقة ‏وبإحكام.‏
‏ ‏
ومع غياب المبادرات وتعليق كل الوساطات، تراجع الشأن الحكومي ‏إلى ما دون الصفر، وتقدّم الهمّ المالي والمعيشي والاجتماعي في ‏ظلّ الخشية الواسعة من رفع الدعم وانعكاسه على الاستقرار، لأنّ ‏خطوة من هذا النوع أصبحت حتمية مع الاقتراب من سقف الاحتياطي ‏الإلزامي، ويستحيل الخروج من هذه الدوامة سوى بخطوة سياسية ‏من قبيل تأليف حكومة وفق المعايير والشروط الدولية، بغية ان تكون ‏قادرة على قيادة مفاوضات مع المجتمع الدولي تحقيقاً للإصلاحات ‏المطلوبة وفتحاً لباب المساعدات، التي وحدها قادرة على وقف ‏الانهيار ووضع لبنان على سكة التعافي مجدداً.‏
‏ ‏
ولكن، يبدو انّ الهمّ الحكومي غائب عن بال المسؤولين الذين يتلهّون ‏بفتح الملفات الواحد تلو الآخر، والاشتباك بعد الآخر، وما يكاد يتراجع ‏ملفّ حتى يتقدّم آخر، فيما الملف الأساسي الذي يفترض ان يتقدّم كل ‏الملفات، لأنّه يشكّل مفتاح الحلول المطلوب، ما زال ممنوعاً من ‏الصرف والترجمة لاعتبارات فئوية وخلافات شخصية، اين منها مصلحة ‏المواطن اللبناني الذي يريد حكومة بأي ثمن، تضمن له استعادة ‏أمواله وتُبعد عنه شبح الفقر والعوز والجوع.‏
‏ ‏
الحريري في ابو ظبي
‏ ‏
وفي الوقت الذي غاب النشاط على جبهة الاستحقاق الحكومي عن ‏قصر بعبدا و”بيت الوسط”، أمضى الرئيس المكلّف سعد الحريري ‏ساعات قليلة في بيروت، كانت فاصلة للعودة الى الامارات العربية ‏المتحدة. فبعد عودته من الفاتيكان مساء الخميس الماضي، غادر عصر ‏اليوم التالي الى ابو ظبي، التي تحولت محطة بين كل زيارة خارجية ‏وأخرى يقوم بها.‏
‏ ‏
مواجهة التهريب
‏ ‏
وفي ضوء دخول القرار السعودي بمنع دخول الفواكه والخضار ‏اللبنانية الى المملكة او العبور من خلالها، حيز التنفيذ امس، والاجتماع ‏المقرّر في القصر الجمهوري اليوم للبحث في هذا التطور، قالت مراجع ‏معنية بالتحضيرات الجارية لهذا الاجتماع لـ “الجمهورية”، انّ “هناك ‏سلسلة من الإجراءات سيشدّد عليها المجتمعون، وهي تقضي برفع ‏مستوى الجهوزية على المعابر البرية والبحرية والجوية، لضمان وقف ‏التهريب، والتشدّد في عمليات المراقبة والاستعلام عن الشبكات ‏المحترفة القائمة بالتعاون في ما بين لبنان وسوريا وبلدان مختلفة، ‏ومنها بالطبع الدول التي تستورد الإنتاج اللبناني وتلك التي تستخدم ‏الموانئ اللبنانية لتصدير إنتاجها وبضائعها، بعد انقطاع الخطوط ‏البرية بين مجموعة الدول.‏
‏ ‏
ولا تتجاهل المقترحات المطروحة زيادة التعاون مع دول الخليج ‏العربي، فإذا وجدت شبكات لبنانية للتهريب وتتعاون مع أخرى في ‏العراق وسوريا، فهي تتعاون مع شبكات أخرى في دول الخليج العربي ‏لتسويق المخدرات والممنوعات، وهي عملية متكاملة لا تكتمل سوى ‏بمزيد من التعاون وتبادل المعلومات المسبقة في هذا الشأن، ‏لمحاصرة هذه الشبكات العابرة للقارات والدول. فالمعلومات الواردة ‏من السعودية تؤكّد انّ اكتشاف العملية كان نتيجة معلومات ‏استخبارية مصدرها اجهزة اميركية، حسب تأكيد اكثر من مصدر أمني ‏وإعلامي في المملكة.‏
‏ ‏
توسع المقاطعة خليجياً
‏ ‏
وما بين الدعوة الى الإجتماع وموعده، توسعت رقعة المقاطعة ‏الخليجية للانتاج الزراعي اللبناني، بعد تضامن وتأييد الإمارات العربية ‏المتحدة الإجراءات السعودية، حيث قرّرت حظر المنتجات الزراعية ‏القادمة من الجمهورية اللبنانية، بعد أن ثبت استخدامها لتهريب ‏المخدرات إلى أراضي المملكة.‏
‏ ‏
وأكّدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي دعم السعودية “في ما تتخذه ‏من إجراءات لحماية المجتمع من آفة المخدرات، وتأييدها في كافة ‏الخطوات التي تتخذها في إطار جهودها الدؤوبة لمكافحة هذه ‏الجريمة المنظمة، وحقها في حفظ وسلامة المجتمع”. ودعت إلى ‏‏”تطوير التقنيات المناسبة واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير المناسبة ‏للحدّ من تهريب هذه الآفة الخطيرة، التي تهدّد سلامة المجتمعات، ‏وتضرّ بمصالحها”.‏
‏ ‏
اما الكويت فقد تميزت في الموقف على رغم تضامنها مع السعودية، ‏فأصدرت “تعليمات شفوية باستمرار السماح باستيراد شحنات الخضار ‏والفواكه من لبنان بحراً وجواً في الوقت الحالي، مع تشديد الرقابة، ‏ودعوة السلطات اللبنانية إلى العمل على ضمان خلو صادراتها من ‏أي ممنوعات تعرّض صادراتها للحظر والمنع”.‏
‏ ‏
وقالت مصادر رسمية كويتية، إنّ “المنتجات الهندية واللبنانية باتت ‏تحت أعين الرقابة الدقيقة لدى وزارة التجارة والصناعة، التي بدأت قبل ‏ايام رصد مخزون الخضار والفواكه المتوافر منها في السوق المحلية”.‏
‏ ‏
وأعربت وزارة الخارجية العمانية عن تأييد السلطنة لجهود السعودية ‏في إطار مكافحة تهريب المخدرات بكل أشكالها، ودعت إلى تطوير ‏تقنيات وآليات التعاون الإقليمي في هذا الشأن.‏
‏ ‏
كذلك أعربت وزارة الخارجية البحرينية عن تأييدها للقرار الذي اتخذته ‏السعودية بمنع استيراد أو عبور المنتجات الزراعية اللبنانية إلى ‏أراضيها، بعد أن ثبت لدى الجهات المختصة أنّها تُستخدم لتهريب ‏المخدرات إلى أراضي المملكة.‏
‏ ‏
وتابعت: “تؤكّد وزارة الخارجية دعم المملكة للقرار السعودي الذي ‏يأتي لحماية المجتمع السعودي من أضرار المخدرات، وفي إطار جهود ‏المملكة العربية السعودية في مكافحة الجريمة المنظّمة العابرة ‏للحدود، تنفيذاً للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تجرّم ‏استغلال حرّية التبادل التجاري في تهريب المخدرات، والإضرار بمصالح ‏الدول وسلامة مجتمعاتها”.‏
‏ ‏
جردة البخاري
‏ ‏
وتزامناً، مع الشكر الذي توجّه به السفير السعودي في لبنان وليد ‏البخاري الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على موقفه ‏المستهجن لاستهداف السعوديّة من خلال تهريب المخدرات إليها، ‏اأجرى جردة عن السنوات الست الماضية، فكشف أنّ “إجمالي ما تمّ ‏ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي كان مصدرها لبنان ‏على يد مُهرّبي المخدرات بلغ أكثر من 600 مليون حبة مخدرة ومئات ‏الكيلوغرامات من الحشيش”. وأضاف في سلسلة تصريحات ادلى بها ‏قبيل مغادرته الى الرياض في اجازة “انّ الكميات التي يتمّ إحباط ‏تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بكامله بالمخدرات والمؤثرات ‏العقلية وليس السعودية وحدها”.‏
‏ ‏
وكان تردّد أنّ البخاري غادر لبنان إلى السعودية قبل يومين، من دون ‏اتضاح سبب المغادرة، وما إذا كانت متصلة بالقرار السعودي الأخير، أو ‏أنّه استُدعي للتشاور. إلّا أنّ البخاري أوضح في حديث تلفزيوني، أنّه ‏‏”غادر لبنان في إجازة اعتيادية”، مشيراً إلى أنّه “أبلغ الى وزارة ‏الخارجية اللبنانية بهذا الخصوص”.‏
‏ ‏

اترك تعليقًا