كاترين كرم
ضحية جديدة تضاف إلى لائحة ضحايا العنف المنزليّ، ضحايا الجهل والإجرام. زينة كونجو، قُتلت خنقاً على يد زوجها في محاولة لإسكاتها، وهي ثالث ضحية في الأسبوع نفسه بعد مقتل أحكام درباس ووداد حسون.
من المؤكد، أن موتهن ليس قضاءً وقدر، بل هو نتيجة مجتمع ذكوريّ متخلّف يعتبر أن من حق الرجل الطبيعيّ قتل زوجته في حال اكتشف خيانة ما او لمجرّد الشعور بها. وتُعرف هذه الجرائم في المجتمعات الذكورية بـ “جريمة الشرف” فتُحلّل وتُعلّل باسم الكرامة والرجولة. يعتبر الرجل في هذه المجتمعات العقيمة وصيّاً على زوجته إذ يرى انه من الطبيعيّ تعنيفها وتعذيبها كعقاب لها في حال عدم الطاعة او التمرّد. الجدير بالذكر أن موتهن جاء نتيجةَ جهل مجتمعي يرى في علم النفس شعوذة وشواذ، فاستشارة طبيب نفسيّ في حال وجود اضطرابات هو تصرف معيب ويقلل من قيمة الرجل.
أوضحت الإختصاصيّة النفسية أنجيليك رحموش في حديث خاص لـ “ML“ أن هناك الكثير من الأسباب التي تدفع الرجل إلى ممارسة العنف على زوجته؛ من اهمّها وأول هذه الأسباب هو طبيعة ونمط حياة الرجل الاجتماعية والاقتصادية ومعاناته من الضغوطات لتأمين حاجات عائلته والمصاعب في عمله وخصوصاً في الفترة التي يمر بها لبنان. أما السبب الثاني هو ما يسمى “comportment appris” أي السلوك المكتسب، وينجلي عندما يكبر الطفل في منزل يمارس فيه العنف عليه أو على أفراد عائلته ممّا يجعل منه رجلاً عنيفاً. السبب الثالث هو المجتمع الذي يفرض على الرجل الا يعبر عن مشاعره ما يدفعه على التعبير عن احباطه من خلال ممارسة العنف.
وشددت رحموش أن معظم حالات التعنيف لا تكون بسبب تصرفات الزوجة على العكس تكون نتيجة لضعف الرجل الذي يحاول أن يلقي اللوم على زوجته ليتهرب من الشعور بالذنب. ومهما حاولت الزوجة ان تغير في تصرفاتها خشيةً ان تتعرض للتعنيف لا فائدة لأن سبب التعنيف متعلق بالرجل وأوضحت أن الرجل الذي يعنف زوجته بهدف قتلها يكون قد فقد القيم الاجتماعية والشعور بالذنب والندم. هذا الانحدار والانزلاق القيمي والأخلاقي يجعل من الرجل غير قادرٍ على التقاط انفاسه فيفقد السيطرة كلياً على تصرفاته مرتكباً الجريمة. في حال الجريمة، يشعر الرجل بفائض قوة معتبراً زوجته سلعةً او مخلوقاً من الممكن استملاكه وقد استملكه، فيسمح لنفسه القيام بتلك الأفعال الشنيعة.
بالنسبة للحلول يمكن للزوجة أن تلجئ إلى الجمعيات المختصة او حتى إلى طبيب نفسيّ لاستشارة عائلية في حال كان الرجل يتقبل فكرة الخضوع لعلاج نفسيّ ولكن هذا من الصعب جداً في معظم الحالات.
في الختام، من المؤسف ان بعد وقوع عدد كبير من جرائم القتل لم يقرَّ قانون يحمي المرأة ومن المؤسف أيضاً أنه في حال تم اعتقال المجرم فيتم إخلاء سبيله لأتفه الأسباب.
والأكيد أن اقوال قاتل زينة كنجو ” زينة ماتت انا وعم سكتها متل أي رجال بسكت مرتو” لن تبرئَه من قتل زوجته، فمهما قاموا بتحويل هذه الجرائم الى حادثة أو الى مسألة شرف، هذا لا يغير الواقع ألا وهو أنها جريمة ومن قام بها مجرم يجب أن يُعاقب فقد تعددت الاعذار والجريمة وقعت والموت واحد.
خاص موقع “ML”