ليليان خوري
لبى الرئيس المكلّف سعد الحريري دعوة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على مائدة فرنسية حيث تصدّر الطبق الحكومي اللبناني لائحة الطعام في مطبخ الأليزيه.
الحكومة وتعثراتها ووحدة المعايير واعادة بث الروح الى العلاقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كانت من المقبلات الأساسية على مائدة ماكرون خصوصاً بعد ان لحظنا قيام كل الأطراف المولجين بالطبخة الحكومية بريجيم قاسٍ كل تلك الفترات السابقة لدرجة كاد ان يختفي فيها المعني بالتشكيل لقساوة التزامه بال diet الحكومي، قبل ان ترأف بنا الأم الحنون فرنسا وتستدعي الحريري الى احضانها من جديد وتقدّم النصح له بضرورة اعادة التواصل مع عون.
منّن اللبنانيون أنفسهم بالمّن والسلوى على هذه الزيارة، وتأملوا خيراً ان العقبات ذلّلت والتشكيلة الحكومية التي ترضي الأطراف كافةً أصبحت في حقيبة الحريري ينتظر فقط ان يفرد اغراضه ويفرج عنها. الا ان حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر.
في الزيارة الصباحية التي قام بها الحريري الى قصر بعبدا جاءت الطبخة خالية من المنكهّات الضرورية لإنجاح الطبخة الحكومية وبقيت مكوناتها “فجةّ” غير مستوية وبحاجة اكثر الى المزيد من الطبخ انما من خلال “recette” صرف لبنانية وعلى نار قصر بعبدا الذي يعرف كيف “يعيّر” درجة حرارتها كي لا “تشوشط” الطبخة.
فرنسا قدّمت النصح لسعد انما زيارته الى بعبدا بانت كرفع عتب فقط، بانتظار ما ستؤول اليه زيارة ماكرون الى السعودية لحثّها تسهيل ودعم حكومة الحريري المرتقبة.
في انتظار مباركة سعودية مطلوبة، عبثاً يحاول الحريري التعالي والقفز فوق الصلاحية الوحيدة المتبقيّة للرئيس المسيحي، فميشال عون الذي خسر في عهده حلمه في الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد لن يخسر القوة الوحيدة المتبقية له بعد ان وهب الحريري وزارة المالية للشيعة وهي لم تكن مدرجة في بنود المبادرة الفرنسية وشكلّت الشرارة الأولى في تعثّر تأليف الحكومة ولم يكن ليسلم من غضب من يعطيه اليوم حلاوةً ويبّخ السموم في وجه غيره، لو لم تحظَ طائفته الكريمة مسبقاً حقيبة المالية، او نشهد لديه هذا الزهد المصطنع في الحصص.
الأجواء ليست صافية بين الأطراف واللهجة العالية النبرة تنذر ان اللبنانيين سيعتادون العيش مع حكومة حسان دياب المستقيلة وسيتعايشون مع واقع مأزوم سياسياً واقتصادياً، لا سيّما ان الأطراف المتناحرة تتصلّب في مواقفها اكثر فأكثر، والثقة مفقودة بين الجميع خصوصاً بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، وفي خَضّم معركة ضروس بدأها المستقبل دون مبرّر مع بداية ثورة 17 تشرين بعد ان جمعتهما في السابق علاقة وئام وهيام.
مصادر الطرفين لا تنبىء بخير حكومي مقبل، وكلاهما يتمترس وراء قناعاته وحججه ومواقفه، فالتيار يرفض ان يهمّش وهو على رأس الجمهورية، والحريري يصطنع ثباتاً في معارك وهمية يستخدمها لشدّ عصب الشارع السنّي من جديد، فالتحمية الشعبية العاطفية مطلوبة اكثر خصوصاً مع ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وستشهد الساحة فترة مشدودة، قد يمتد الفراغ الحكومي فيها الى نهاية العهد اذا لم يتبلور اي مستجّد خارجي يقلب موازين القوة لدى الأطراف كافة.
خاص موقع “ML”