ولاء دلول
يشهد لبنان اليوم حالة اقتصادية صعبة لا يرثى لها، بعد أن كان معروف بسويسرا الشرق بسبب ازدهار اقتصاده ورفاهية شعبه. هذا الازدهار تحوّل الى فقر مدقع ليصل بنصف سكان البلاد الى تحت خط الفقر بنسبة 55% بحسب تقرير الامم المتحدة.
هذا الوضع ليس وليد اليوم ولكن يبقى انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار، لاسيما ازمة كورونا والاقفال التام الذي يعيشه اللبنانيون في هذه الفترة الاسباب الجوهرية التي عززت هذه الازمة اكثر من قبل.
سعر صرف الليرة الى انهيار
بعد ان تخطى سعر صرف الليرة اللبنانية عتبة الـ9000 مقابل الدولار، اصبح الفقر يهدد ابواب معظم اللبنانيين ومنهم الطبقة الوسطى التي كانت تشكل النسبة الاكبر من المجتمع اللبناني. فالقدرة الشرائية لدى المواطن ذات الدخل المحدود انخفضت بفعل ارتفاع الاسعار بشكل جنوني وعدم تحمل الشركات والمؤسسات استيعاب عدد كبير من الموظفين، فلجأ البعض الى تخفيض الاجور او الى صرف عدد من العمال مما ادى الى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب اللبناني.
فتقول ميرنا وهي موظفة في احدى شركات التأمين” لم يعد لدي القدرة على تحمل اعباء عائلتي خصوصاً بعد صرفِ زوجي من عمله عندما كان ارتفاع سعر صرف الليرة في اصعب مراحله” مضيفةً ” نمط حياتنا كله تغير بفعل الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد فبعد ان كان دخلنا قرابة ٤٩٠٠ دولار، اليوم لا يتخطى المليونَي ليرة لبنانية وهو دخل بسيط جداً لإعالة عائلة من 5 اشخاص”.
كورونا تزيد الطين بلة
ومن جهة ثانية، جاءت ازمة كورونا وفترات الاقفال لتعزز هذا الفقر حيث ان نسبة كبيرة من اللبنانيين يعيشون من عملهم بشكل يومي، ففي ظل الاجراءات المشددة للإقفال اصبح عدد كبير من اللبنانيين غيرَ قادرٍ. على العيش وتأمين ابسط احتياجاتهم مما زاد الطين بلة.
وهذا ما يعانيه العم سعيد سائق تاكسي في ضواحي بيروت حيث يؤكد لنا ان معيشته اليوم الى اندثار ويقول ” في ظل الاجراءات المشددة التي تتبعها الحكومة، لم يعد لدي القدرة احياناً شراء اغراض بقيمة ١٠ آلاف يومياً” مشيراً الى ان الدولة لا تتحرك وكأنهم لا يعيشون في هذا البلد ” الوضع من سيء الى اسوأ فالحكومات التي تحترم نفسها لا تظلم شعبها بهذه الطريقة، نحن نريد ان نعيش”.
ومن هنا نجد ان مع تفاقم الازمة الاقتصادية اللبنانية التي لقت بثقلها على لقمة عيش المواطن، لم يعد للأخير اي أمل للعيش في البلاد فراودت فكرة الهجرة نسبة كبيرة من الشعب اللبناني وخصوصاً الشباب. هذا الفقر اودى بحياة الكثير من الناس الذين قضوا انتحاراً نتيجة الضغوطات النفسية والمعيشية، حيث لا يستطيع الأب الذي لم يعد لديه اي حل لتأمين رغيف خبز لأولاده الّا الانتحار، وهذا الواقع يشهده المجتمع اللبناني بشكل كبير منذ فترات سابقة.
وتبقى شعلة نتائج هذا الفقر والوضع الاقتصادي الصعب احداث 17 تشرين التي كانت ذروة غضب الشارع اللبناني احتجاجاً على هذه الحياة متضامنين بعيداً عن كل الانتماءات للدفاع عن لقمة عيش التي هي ابسط حقوقهم. ولكن يبقى السؤال الى اين نحن سائرون؟
خاص موقع “ML”