كتبت صحيفة ” الشرق ” تقول : أسبوع “الكمامات”، سياسيا وصحيا، انتهى كما بدأ، بل على واقع اكثر اسودادا. على الخط الاول، انسدادٌ تام في الافق الحكومي تسبّب به الشريط الذي سُرّب عن قصد او غير قصد، لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ويصف فيه، من خلف كمّاماته، الرئيسَ المكلف سعد الحريري بالكاذب، قبل ان يحزم الاخير حقائبه من جديد، ويغادر بيروت في جولة “سياسية – صحية” عربية قد تتوسّع لتشمل فرنسا ايضا، في مؤشر الى ان لا احتمال لاي خرق في المدى المنظور. اما صحيا، فأرقام كورونا تحلّق وتسجّل يوميا سكورات قياسية مخيفة، تنذر بالاسوأ مجتمعيا واستشفائيا، وقد بدأ الحديث منذ الآن عن توجّه نحو تمديد مهلة الاقفال التام لمساعدة الجسم الطبي المنهك، على استجماع قواه مجددا، ولمساعدة اللبنانيين كلّهم على الصمود الى حين وصول اللقاحات الى بيروت، انطلاقا من الاسبوع الثاني من شباط المقبل، وفق ما قال رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، بعيد اقرار قانون اللقاحات في البرلمان، على امل ان يكون توزيعها عادلا وقائما على أُسس علمية سليمة، لا ان تحكم هذه العملية المحاصصات والمحسوبيات السياسية، كما هو حاصل في ملف تأليف الحكومة!
مشوار اللقاحات
فيما البلاد تعيش اليوم الثالث من قرار الاقفال الشامل وسط التزام مقبول جدا من قبل المواطنين والتجار، واستنفارٍ لافت للاجهزة الامنية لمراقبة حسن التقيد به، مشوارُ اللقاحات الذي بدأ متأخرا جدا لبنانيا، يتقدم دستوريا وقانونيا. فقد وقّع رئيس مجلس النواب نبيه بري ، القوانين التي اقرها المجلس النيابي في جلسة الجمعة وفي مقدمها القانون المعجل المكرر لتنظيم الاستخدام المستجد للمنتجات الطبية لمكافحة جائحة كورونا واودعها رئاسة مجلس الوزراء، حيث وقّعها رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بعد الظهر، واحالها الى رئاسة الجمهورية الذي وقعها بدوره.
العد العكسي بدأ
في الموازاة، اشار رئيس اللجنة الوطنية للقاح ضد كورونا عبد الرحمن البزري إلى أن “العد العكسي الحقيقي بدأ لاستقبال اللقاحات في النصف الاول من شباط وقد يأتي في الربع الاول من الشهر”. ولفت في حديثٍ تلفزيوني إلى أن ”من يستحق تلقي اللقاح أوّلا هم العاملون في القطاع الصحي خصوصًا من في الخطوط الأمامية والممرض والمسعف قبل الطبيب”. وأوضح أن “اللقاح سيصل إلى لبنان تدريجيًا إن كان من شركة فايزر أو غيرها”، وأضاف “مشكلتنا أنّ لبنان ما زال مصنفا دولة متوسطة الدخل وفايزر ليست متساهلة معنا في الموضوع المالي”.
وساطة قريبا؟
الاجواء اللبنانية ليست “موبوءة” جرثوميا فقط، بل سياسيا ايضا. وفي السياق، بقي الجمود الثقيل والمكلف، مسيطرا على ضفة اتصالات تشكيل الحكومة العتيدة، في ظل معطيات تحدثت عن مساع قد تتحرك هذا الاسبوع، مع عودة الحريري المفترضة من الخارج، سينشط على خطها الثنائي الشيعي وربما ايضا بكركي، لردم الهوة بين عون والحريري، وربما تأمين عقد لقاء يجمعهما. وبحسب المعلومات، فإن لا بد لطرفي الكباش من النزول عن شجرة شروطهما التأليفية، العالية، لأن اعتذار الحريري غير وارد، تماما كما اعادة النظر في النظام (الطرح الذي يطرحه الفريق الرئاسي). وعليه، بات هذا التنازل مسألة وقت لا اكثر، لكن الخشية كبيرة من ان يطول الانتظار سيما وان تقاذف المسؤوليات بالتقصير والتعطيل، بين الجانبين، مستمر…
لا اعتذار.. وهؤلاء يعرقلون
في هذا الاطار، أكد عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم أن “الرئيس الحريري لن يعتذر ولن يتهرب من مسؤوليته”، داعيا رئاسة الجمهورية الى “الموافقة على تشكيلته ووضع مصلحة البلد فوق المصالح الشخصية”. ورأى أن “الرئيس المكلف تحمل مسؤوليته وقدم تشكيلة من 18 وزيرا للرئيس ميشال عون والعرقلة مصدرها النائب جبران باسيل وحزب الله”. واذ طالب الرئيس عون بـ”التخلي عن مستشاريه واتخاذ القرارات المناسبة لإنقاذ البلد”، لفت في حديث اذاعي الى أن “المبادرة الفرنسية لم تسقط بعد وبنودها تشبه بنود مؤتمر سيدر والجهد الذي يقوم به الرئيس الحريري هو للحفاظ عليها”. وقال “لا يحق لتكتل لبنان القوي الإملاء على الرئيس الحريري ما يجب أن يفعله وهو لم يسمه”، مشيرا الى أن “رئيس الجمهورية سمى أربعة وزراء في تشكيلة الرئيس الحريري”. وأضاف ”الرئيس الحريري قادر على إنجاز ما لم يتمكن الرئيس الاختصاصي من إنجازه بسبب علاقاته الجيدة مع الخارج التي من شأنها انقاذ لبنان وتحقيق المبادرة الفرنسية”.
الاسراع في التشكيل
في الخندق الآخر، اعتبرت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر اثر اجتماعها برئاسة النائب جبران باسيل، أن ملف أزمة كورونا يجب أن يكون حافزاً لتسريع تشكيل الحكومة كما أنه يجب أن يحفز حكومة تصريف الأعمال للقيام بواجباتها خصوصًا الوزراء الذين يفسّرون الإستقالة على أنها تنصّل من المسؤولية فينكفئون عن العمل. وتابعت ”الدستور يحمّل حكومة تصريف الأعمال مسؤولية التقاعس الذي يؤدي في هذه الظروف الصعبة صحياً وماليًا الى إلحاق الضرر لا بل الخطر بالمواطنين مما يرتّب على الوزير المتقاعس مسؤولية قانونية وأخلاقية تجاه المواطنين”.
وامس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي جدّد الدعوة للقاء مصالحة بين الرئيسين عون والحريري متمنيا على رئيس الجمهورية اخذ المبادرة فالوقت لا يرحم، وحالة البلاد والشعب المأسوية لا تبرر على الاطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة.
“الشرق”