الخبر بالصوت

في المشهد صورتان، على تعلق الواحدة بالاخرى، الصورة الأولى، تواصل السجال بين بعبدا وبيت الوسط، بعدما ‏فجر المستشار في القصر الجمهوري الوزير السابق سليم جريصاتي دورة جديدة من دورات السجال، الذي يتلطى ‏وراء ستارة دستورية، حيناً، وميثاقية حيناً آخر، و”تربيح جميلة” مرّة ثالثة، ليستتبع رداً محكماً من المكتب ‏الإعلامي للرئيس المكلف، ومن رؤساء الحكومة السابقين وهكذا دواليك‎..‎

والصورة الثانية، تتعلق بالصدام بين السلطات السياسية، وهي دستورية، والمحقق العدلي القاضي فادي صوان، على ‏خلفية الادعاء غير الدستوري، الذي طال رئيس حكومة تصريف الأعمال، واعفى مراجع ووزراء وقيادات أمنية ‏وإدارية أخرى، ولو من باب العلم، الذي سارع هؤلاء إلى البوح به، من دون جدوى.. في وقت أخذ القاضي صوان ‏وجهة المثابرة على الادعاء، وحدد موعداً جديداً للاستماع إلى الرئيس دياب يوم الجمعة المقبل، في حين ان النائب ‏العام التمييزي القاضي غسّان عويدات تنحى عن التحقيق، كمدع عام، في قضية انفجار المرفأ، على خلفية المصاهرة، ‏التي تربطه بالنائب الحالي والوزير السابق غازي زعيتر‎..‎ 

على ان الأخطر، تخوف مصادر مطلعة من ان تزيد البيانات التي تتضمن روايات متضاربة حول الملف الحكومي ‏تعقيدا، “فالكربجة” الحاصلة هي نتيجة المقاربة المختلفة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. وقالت ‏أن الصورة الحكومية أصبحت أكثر تشاؤمية ولا تكهنات بمصيرها‎.‎ 

ولفتت المصادر إلى أن ما يفهم من هذه البيانات المتبادلة أن كلا منهما متمسك بما اورده وليس على استعداد للتنازل ‏عن موقفه أو ملاحظاته‎.‎ 

وأشارت هذه المصادر إلى أنه بعد ذلك ليس معروفا ما إذا كان الحريري سيزور قصر بعبدا قريبا أو سيمر وقت حتى ‏تهدأ الأجواء المتصلة بهذا الملف وأكدت أن أي تطور مرهون بخرق معين لكن ليس واضحا ما إذا كان حاضرا ام لا، ‏مع الإشارة إلى ان مهلة تأليف الحكومة ما تزال في الدائرة الطبيعية، انطلاقاً من ان مرسوم تكليف الرئيس الحريري ‏تأليف الحكومة صدر في 22 ت1 الماضي‎.‎ 

وهكذا، بدل ان يجري البحث عن قواسم مشتركة لتشكيل الحكومة وإنقاذ البلد من حالة الانهيار التي سقط فيها، إندلعت ‏حرب بيانات بين قصر بعبدا وبيت الوسط ستؤدي حتما الى مزيد من التعقيد في تشكيل الحكومة، فيما اندلعت حرب ‏مواعيد بين قاضي التحقيق العدلي في إنفجارالمرفأ فادي صوان وبين رئيس الحكومة حسان دياب، ما يعني ان البلد ‏دخل في دوامة مقفلة لن يخرج منها من دون تفاهمات سياسية كبرى جديدة ترسم حدود التعامل بين القيادات الرسمية ‏والمؤسسات الدستورية.او من دون تدخل خارجي كبير وقوي ضاغط على الجميع بما يدفعهم الى جعل مصلحة البلاد ‏والعباد اولوية بدل التناحر على الصلاحيات والمكتسبات‎.‎ 

ويبدو حسب مصار متابعة ان تشكيل الحكومة يترنح اكثر، وسط تنازع الصلاحيات، وبعد ترقب عون والحريري ‏الواحد للآخر، وكأن هناك “فيتو” من جهة معينة لمنع التشكيل، ما يجر البلاد الى مراحل اصعب. وأُفيد ان ألامانة ‏العامة لمجلس النواب طلبت من القاضي صوان عبر النيابة العامة التمييزية، المستندات اللازمة للسير في ملف ‏استدعاء النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر من خلال المجلس النيابي‎.‎ 

جريصاتي يُشعل السجال 

ولئن كانت عدم استجابة السراي والوزراء الثلاثة المدعى عليهم للحضور إلى مكتب المحقق صوان في وزارة العدل ‏بدءاً من اليوم، بعلة الحصانة النيابية لكل من خليل وزعيتر، والتمثل بهما بالنسبة لوزير الاشغال السابق يوسف ‏فنيانوس، معروفة، فإن المفاجأة، ان ينبرى جريصاتي، عبر مقالة منشورة، لرمي “كرة النار الحارقة” بتأخير التأليف ‏في ملعب الرئيس المكلف سعد الحريري، من خلال تأكيده على النقاط التالية‎:‎ 

‎1- ‎المهلة المعقولة لتأليف الحكومة قد مضت‎.‎ 

‎2- ‎تأخير تأليف الحكومة يعني تأييد حالة تصريف الأعمال في أدق الظروف واحوجها إلى القرارات الحاسمة، ‏والناضجة من حكومة مكتملة الاوصاف الدستورية‎..‎ 

‎3- ‎دعوة الرئيس المكلف لوضع “كفّه بكف” الرئيس (رئيس الجمهورية) الذي نستطيع ان نأتمنه في “الازمات ‏والملمات‎”.‎ 

ردّ الحريري-1‏ 

لم يتأخر ردّ الرئيس الحريري، عبر المكتب الإعلامي، إذ حبّذ ان يعدل المستشار جريصاتي “وجهة رسالته”، إلى ‏‏”الجهة المسؤولة عن تأخير التأليف، وهي على مسافة خطوات من مكتبه في القصر الجمهوري‎”.‎ 

بكلمات قليلة، اعتبر الرئيس الحريري المشكلة لدى رئيس الجمهورية وهو المسؤول عن تأخير المراسيم‎..‎ 

اما السبب فهو التباين في النظرة إلى الحكومة، فالرئيس الحريري يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف ‏الانهيار الذي يعيشه البلد واعادة اعمار ما دمّره انفجار المرفأ، اما فخامة الرئيس فيطالب بحكومة تتمثل فيها الاحزاب ‏السياسية كافة، سواء التي سمّت الرئيس المكلف او تلك التي اعترضت على تسميته، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى ‏الامساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي‎.‎ 

وهذا يعني ان الرئيس الحريري لا يريد تكرار تجارب في حكومات سابقة ترأسها، ولم تؤد إلى أية قرارات إنقاذية‎.‎ 

وكشف الحريري ان 12 لقاءً عقدها مع رئيس الجمهورية، وهذا دحض لما اسماه “جريصاتي المهلة المعقولة”، وان ‏التشكيلة تضمنت أسماء أشخاص وسيدات طلب رئيس الجمهورية توزيرها في اللقاء الثنائي‎.‎ 

وجزم الرئيس الحريري أن الخروج من مشكلة تأخير المراسيم، يكون بـ”توقيع رئيس الجمهورية على مراسيم تشكيل ‏الحكومة”، “ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانباً، واهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد، وهو ‏ما لن يحصل أبداً تحت أي ذريعة أو مسمى‎”.‎ 

والواضح، ان وراء أكمة التأخير مطالبة تكتل لبنان القوي بسبعة وزراء، وهذا لن يتحقق من قبل الرئيس المكلف، ‏تحت أي اعتبار‎..‎ 

ردّ الرئاسة الأولى 

وإذا كان ردّ الرئيس الحريري تضمن رواية واضحة، ضمن معلومات وخيارات، فإن ردّ المكتب الإعلامي لرئاسة ‏الجمهورية، دحض بعض ما في الرواية من باب ما اسماه مغالطات، وحصرها بأربع‎:‎ 

‎1- ‎نفي البحث بالأسماء، وان اعتراض رئيس الجمهورية كان “على طريقة توزيع الحقائب الوزارية على ‏الطوائف‎”..‎ 

وطلب رئيس الجمهورية إعادة النظر نظراً لأن “المعايير ليست واحدة في توزيع الحقائب‎”.‎ 

وفي هذه النقطة إضافة مأخذ على الحريري، وهو “تفرده بتسمية الوزراء خصوصاً المسيحيين، من دون الاتفاق مع ‏رئيس الجمهورية‎”.‎ 

ثانياً: لم يسلّم رئيس الجمهورية لائحة بأسماء مرشحين للتوزير، بل طرح خلال النقاش مجموعة أسماء كانت مدرجة ‏في ورقة اخذها الرئيس المكلف للاطلاع عليها، واستطراداً لم تكن هذه الورقة معدّة للتسليم، او لاعتمادها رسمياً بل ‏أتت في خانة تبادل وجهات نظر‎.‎ 

ثالثاً: في كل مرة كان يزور فيها الرئيس المكلف قصر بعبدا، كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة ‏التي قدمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيغ التي تشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية‎.‎ 

رابعاً: لم يطرح الرئيس عون يوماً أسماء حزبيين مرشحين للتوزير، بل كان يطرح على الرئيس المكلف ضرورة ‏التشاور مع رؤساء الكتل النيابية الذين سوف يمنحون حكومته الثقة ويتعاونون معه في مشاريع القوانين الإصلاحية ‏التي كانت تنوي الحكومة اعتمادها، ولم يرد في ذهن الرئيس عون يوماً “امساك الأحزاب بمفاصل القرار” او “تكرار ‏تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي‎”.‎ 

هذا التضارب، في الرواية الصادرة عن بعبدا، تكشف عن أزمة ثقة، تولدت خلال اللقاءات 12 بين رئيس الجمهورية ‏والرئيس المكلف‎.‎
‎ 

ردّ الحريري-2‏ 

الرد الثاني للمكتب الإعلامي للرئيس الحريري، وضع السجال الدائم في خانة المسبب جريصاتي.. داعيا الرئاسة ‏الأولى لوقف ما اسماه التلاعب في مسار تأليف الحكومة، وضبط ايقاع المستشارين بما يسهل عملية التأليف لا ‏تعقيدها، مشدداً على ان الاولوية التي لا تتقدم عليها اي اولوية هي الخروج من نفق الازمة وتداعياتها المعيشية ‏والاقتصادية ووضع البلاد على سكة الانقاذ الحقيقي‎.‎ 

لكن المكتب أكّد في رده على ما جاء في الرواية الوقائعية الأولى. وقال: يهم المكتب الإعلامي للرئيس الحريري التأكيد ‏على مضمون البيان الذي صدر عنه تعقيباً على مقالة المستشار الرئاسي، لاسيما لجهة تسلم الرئيس المكلف لائحة من ‏فخامة الرئيس بأسماء المرشحين للتوزير في الاجتماع الثاني بينهما، واختياره منها أربعة أسماء لشخصيات مسيحية، ‏خلافاً لما أورده بيان القصر عن تفرد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء المسيحيين‎. ‎ 

كما تسلم الرئيس المكلف في الاجتماع الأخير مع رئيس الجمهورية طرحاً محدداً لإعادة النظر في توزيع الحقائب ‏والتواصل مع الكتل النيابية بما يفضي إلى تمثيلها في التشكيلة الحكومية وتوفير الثلث الضامن لأحد الجهات الحزبية‎.‎ 

الاشتباك القضائي 

وفي الاشتباك القضائي، فقد رفض الرئيس دياب مجدداً المثول امام صوان بتهمة التقصير والاهمال. كما رفض ‏الوزيران السابقان للمال علي حسن خليل وللإشغال العامة والنقل غازي زعيتر اللذان إدعى عليهما صوان بتهمة ‏‏”الاهمال والتقصير والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص”، المثول امام القضاء لإستجوابهما في هذا الملف. وقد حدد ‏صوان موعداً جديدا لزيارة السرايا يوم الجمعة المقبل للاستماع الى افادة دياب، وأيام الاربعاء والخميس والجمعة من ‏الاسبوع المقبل للاستماع تباعا الى كل من حسن خليل وزعيتر والوزير الاسبق للاشغال يوسف فنيانوس‎.‎ 

وفي هذا الإطار قال النائب غازي زعيتر: انا ملتزم بالمادتين 40 و 70 من الدستور، وحتى الساعة لم نتبلغ سبب ‏استدعائنا. بدوره، قال النائب علي حسن خليل انه ايضا لن يحضر لانه لم يتبلّغ باستدعائه سوى من الاعلام‎.‎ 

رؤساء الحكومات: خرق الدستور خلل في الكيان 

وفي الإطار، رأى رؤساء الحكومات السابقون ان “خرق الدستور بصورة متعسفة، فإنه يخشى ان يؤدي إلى خلل كبير ‏في الركائز التي يقوم عليها الكيان اللبناني‎”..‎ 

وجاء في بيان للرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام انه “اذا أراد قاضي التحقيق أن يعتبر ‏ذلك جرما عاديا، وهذا غير صحيح، فإنه ايضا ينطبق على فخامة الرئيس بسبب تماثل الفعلين بالإحجام عن درء ‏الخطر قبل وقوعه. وبالتالي فإن من واجب قاضي التحقيق أيضا أن يلفت مجلس النواب إلى الاخلال الذي حدث من ‏رئيس الجمهورية، وهو ما يعني وجوب التقيد بما هو وارد في المادة 60 من الدستور، اذ أن هذا الإخلال يتماثل تماما ‏مع ما هو منسوب لرئيس الحكومة وللوزراء‎”.‎ 

وأكد رؤساء الحكومة على تحقيق محايد تتولاه لجنة تحقيق دولية نتيجة تخوفنا من وضع القضاء اللبناني تحت ‏ضغوط التمييع والتسييس والتطييف والابتزاز الداخلي، وذلك من أجل الحرص على كشف الحقيقة كاملة أمام جميع ‏اللبنانيين المنكوبين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة أيا كانوا ومهما كان شأنهم وموقعهم السياسي او الطائفي‎.‎ 

ورأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان عهد الرئيس عون هو عهد كارثي، ونتفق معه على شيء ‏واحد ألا يصاب الجبل بأي توتر.. واصفاً العلاقة مع الرئيس الحريري بالفاترة، ووقفت معه في محطات عدّة، واختلفنا ‏بعد 7 أيّار 2008، والظروف فرضت نفسها‎.‎ 

يُشار إلى ان الرئيس عون، قال لدى استقباله السفير البريطاني كريس رامبلينغ وكبير مستشاري وزارة الدفاع ‏البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الجنرال السير جون لوريمير في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء مهمة السفير رامبلينغ ‏في لبنان والجنرال لوريمير في المنطقة أن “معركتي من أجل الإصلاح مستمرة”، وان المجتمع الدولي يدعو إلى ‏تحقيق الإصلاحات‎.‎ 

وانزلت حركة “أمل” طلابها إلى الشارع، رافعة الصوت في ما خص الدولار الطالبي، ومطالب القطاع التربوي ‏عموماً‎.‎ 

كذلك نظمت منظمة الشباب التقدمي مسيرة من الكولا إلى الأونيسكو، لرفع الصوت بوجه قرارات الجامعات الخاصة، ‏لرفع أسعار الأقساط الجامعية، ودعوة وزارة التربية لحماية مستقبل الطلاب‎.‎ 

وفي سياق طلابي آخر، نفذ طلاب كلية الآداب في الجامعة اللبنانية في زحلة – البقاع (الفرع الرابع) اعتصاما، في حرم ‏الجامعة، على خلفية حادث صدم ادى الى مقتل الطالبة إسراء أيوب الخميس الماضي بينما كانت تجتاز الطريق الدولي ‏المحاذي للجامعة في زحلة. ورفع المشاركون لافتات طالبت بانشاء جسر يحمي الطلاب من خطر الاصابة لدى العبور ‏إلى مبنى الكلية‎.‎

اللواء

اترك تعليقًا