الخبر بالصوت

ذو الفقار قبيسي

خلال ٢٤ ساعة التقى موقفان دوليان الى حدود التماثل بين مقال لوزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية جيمس كليفرلي، وبيان مؤتمر باريس لمساعدة لبنان الذي نص على «خلل في النموذج اللبناني» أوصل البلاد الى «إفلاس مالي» وفقر ارتفع من ٢٨% الى ٥٥% و«كساد اقتصادي» وصفه البيان الدولي بانه «متعمد»، في إشارة ضمنية الى الطبقة السياسية اللبنانية، وأمن غذائي متدهور توقع الوزير البريطاني انه قد يصل في غياب الاصلاحات الى «عجز لبنان عن إطعام نفسه»، محذّرا من ان «البديل عن رفع الدعم سيكون مروّعا» في كارثة اقتصادية وبسرعة قياسية نادرة في العالم.


ففي عام واحد حدث ما يشبه الانقلاب الكامل في مختلف المؤشرات المالية والاقتصادية بدءا من انهيار الليرة بين ٣ و٤ أضعاف أمام جائحة الدولار ووباء الكورونا، وانخفاض قيمة الحد الدنى للأجر مما يوازي ٢٥٠ و٣٠٠ دولار الى ٩٦ دولار وهبوط الناتج الاجمالي من 5,52 مليار الى 18,7 مليار دولار والتضخم من ٧ % الى١٤٠% وبلوغ البطالة ٣٠% والفقر ٥٥% والفقر المدقع ٢٨% حتى لم يبقَ مؤشر اقتصادي واحد إلا وأصيب بجروح بالغة على يد طبقة سياسية تضغط على أنفاس الشعب، لا تأخذ من الغني ما يتوجب عليه وتنتزع من الفقير ما لا يمكن تحمّله، تعتاش من السطو على المال العام وقطاع مصرفي يحصد ٨٥% من عائداته من الريوع والخدمات والمضاربات ولا تترك للزراعة والصناعة إلا الفتات!

وحتى عندما حانت الفرص التاريخية خلال ربع قرن وتدفق على لبنان (لا سيما بين الأعوام ٢٠٠٨ و٢٠١٠) ودائع واستثمارات وتحويلات ومساعدات بأكثر من ٣٠٠ مليار دولار، هدر أو نهب الجزء الأكبر منها على يد دولة محاصصات كل وزارة فيها حصة بحالها في «دويلة» منفصلة كل همّها اقتطاع الجزء الأكبر من الجبنة «الوطنية»! المسماة تجاوزا «موازنة سنوية» لمنظومة طائفية – مذهبية – «توافقية»! في سلطة «عيش مشترك» هي في مقدمة الدستور «لا يعلى عليها» بين باقي السلطات في منظومة متعددة الرؤوس فوق كل رأس طائفة وفق كل طائفة عدة رؤوس في بلد قال عنه جبران قبل مائة عام: «قلّ فيه الدين وكثرت فيه الطوائف».
ولبنان ما قبل ولادة جبران وحتى اليوم «فدرالية» اقتصاد وسياسة وتربية طوائف ومذاهب ومناطق ومنذ حروب أربعينيات وستينيات القرن التاسع عشر، عندما كان قياصرة ورؤساء الدول الأجنبية حكام لبنان الحقيقيين، فيما مذاهب طوائف لبنان وكلاء لهم يتعلم أبناؤهم في كتب تواريخ مختلفة ومتناقصة الوقائع والتوجهات والعصبيات من بلد تحوّل مع الزمن من قائمقاميتين الى متصرفية الى ما نشهده اليوم من «قائمقاميات» و«متصرفيات»!

“اللواء”

اترك تعليقًا