الخبر بالصوت

وطنية – اعتبر رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة “إن حزب الله والتيار الوطني الحر والأطراف الحليفة لهما تتحمل نتائج ممارسات التعطيل وما يصيب البلاد من مصائب وتراجعات وأزمات ، ومسؤولية ما يمكن أن يصيبها في المستقبل اذا ما استمرت سيطرة السياسة العائلية والفردية والشخصية الخاضعة لأجندات إقليمية لارتهان المصائر الوطنية”.
واكد خلال رعايته حفل الافطار السنوي لمؤسسات الهيئة الاسلامية للرعاية في صيدا والذي تزامن مع احتفال الهيئة بعيد تأسيسها الثلاثين، “ان المهمة الأساس، في هذه المرحلة، هي مهمة انتخاب رئيس للجمهورية لإنهاء حالة الشغور الرئاسي وانتخاب الرئيس القوي بحكمته ورؤيته البعيدة ومناقبيته وقدراته القيادية وقدرته على جمع اللبنانيين في المساحات المشتركة وهي الصفات التي تمكنه أن يكون رئيسا توافقيا ويكون رمز وحدة اللبنانيين لا عنوانا لتفرقهم”.
وقال: ان “الرئيس المقبل إن لم يكن رئيسا توافقيا ووفاقيا في الوقت عينه، سيتحول بذاته إلى مشروع مشكلة وليس الى مشروع حل”، داعيا “النواب في المجلس النيابي للتوجه بالحق والواجب والتوافق لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد” .
ورأى: ان “الشعب اللبناني يعرف مصالحه، ويعرف طريقه ولديه من يمثله، لكن ليرفع حزب الله وايران أيديهم عن لبنان وعن رقاب اللبنانيين، وليدرك فداحة نتائج تورطه في الحرب السورية”، معتبرا أنه “حين يقدم الحزب على الانكفاء عن هذا التورط القاتل، فإنه ولا شك سيعود إلى رحاب الوطن والسلم الأهلي وعندها سيجد قلوب اللبنانيين وعقولهم وضمائرهم ترحب به”.
وتوجه السنيورة الى الدولة الايرانية بأنه “وبدل الانغماس في صراعات لا تنتهي وفي إثارة النعرات ومحاولات الاستقواء وفرض الهيمنة، فإن من مصلحتها الإسهام مع الحكومة اللبنانية وعبرها مع جميع اللبنانيين ومع جميع الدول العربية في بناء علاقات أخوة وصداقة مبنية على المشتركات الكثيرة وعلى صلات التاريخ والجغرافيا والجوار وعلى أساس الاحترام المتبادل وعلى قواعد المصالح العديدة المشتركة ودون التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية”.
واعتبر “أن الاستمرار باعتماد منطق التسلط والاستقواء بالسلاح وغض النظر عن التطرف من جهة، ورؤيته فقط لدى الطرف الآخر، من دون التنبه إلى حقيقة أن التطرف لدى طرف يستولد أو يزيد التطرف لدى الطرف الآخر ، هو ما يفتح الطريق للعنف وللارهاب والارهابيين ويعطيهم الذريعة للتصاعد وللتمدد والانتشار”. وقال:”إذا كان المراد تجنين أهل السنة والجماعة ودفعهم باتجاه التطرف بالاعتداءات من جهة، وبالادعاءات من جهة ثانية، فهذا في الحقيقة عمل مدمر وهو بإذن الله وبإرادتنا جميعا لم ولن يحصل. ونحن الذين صبرنا على مدى عشر سنوات وأكثر على القتل والاغتيال والشيطنة ونحن أهل الوحدة والعيش المشترك، لن نخرج عن طورنا الآن في وقت تشتعل فيه المنطقة، ويهدد مواطنونا وإنساننا من الطغاة، ومن هجمات الإيرانيين وحلفائهم، ومن الدواعش والمتطرفين الآخرين. ولن يزحزحنا شيء عن نهج الاعتدال والوسطية الوطنية، وعن الولاء للوطن والدولة والعيش المشترك”. معتبرا أن “النهج السليم هو في الاستغناء عن هذا الخطاب الهائج والإصرار على التمسك بالدستور وبالاعتدال وبالخطاب الوطني الجامع، والاتجاه إلى مجلس النواب الذي هو الجهة الناخبة حصرا التي حددها الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية، بدلا من الإصرار على التنكيل والتجريح وإفساد معنى المواطنة وحياة الناس في لبنان وفي سورية”.
ودعا “لوجوب التنبه للأهوال والمخاطر التي تحيط بنا وما يجري في المنطقة من العراق إلى سوريا واليمن وليبيا وما جرى مؤخرا في تونس والكويت، وفرنسا والقاهرة والصومال من ارتكابات الإجرام والإرهاب والاغتيال والمحاولات المتكاثرة لنشر الفوضى، والانعكاسات التي تطال بلدنا ومجتمعنا بنارها وبتداعياتها، حتى لا ينجرف بلدنا أيضا إلى هذا الأتون الملتهب”. 
ورأى “ان آفتي الاستبداد والديكتاتورية من جهة والتطرف والمذهبية والإرهاب من جهة ثانية هما وجهان لعملة واحدة”. وقال: “ما يزيد الأمر خطورة هو ما نعيشه من ممارسات اليوم، حيث تتمدد في لبنان وتستفحل آفة الخروج على قواعد الديمقراطية والدستور وعلى فكرة الإجماع الوطني اللبناني وعلى ما طالما التزمنا به لجهة احترامنا القرارات الدولية الى إهمال سياسة النأي بالنفس وعدم الالتزام بها، الى الخروج على الميثاق الوطني والاستقواء بالسلاح ومنطق السلاح، والقوة والرغبة في التسلط والفرض والإملاء والاستسلام لفكرة تغليب المصالح العائلية والشخصية وتحويلها لكي تبدو وكأنها مطالب وطنية حتى ولو قاد ذلك إلى تعريض البلاد لشتى المخاطر والأزمات”. 

وقد حضر حفل الافطارالذي اقيم في قاعة La Sall في الرميلة : ممثل مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان الشيخ مصطفى الحريري ، ممثل محافظ الجنوب منصور ضو امين سر المحافظة نقولا بوضاهر ، منسق عام تيار المستقبل في الجنوب ناصر حمود ، المسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في الجنوب بسام حمود والمسؤول التنظيمي للجماعة احمد جردلي وممثل قائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد سمير شحادة المقدم حسين عسيران وعدد من اعضاء المجلس البلدي للمدينة ورئيس رابطة المخاتير ابراهيم عنتر وفاعليات رسمية وسياسية وروحية واقتصادية واجتماعية واهلية من صيدا والجوار ورئيس واعضاء مجلس امناء الهيئة الاسلامية للرعاية ومديرها التنفيذي مطاع مجذوب ومدراء مؤسساتها الرعائية والتربوية وحشد من المدعوين.
زيدان

استهل الحفل بترحيب من مسؤول العلاقات العامة والاعلام في الهيئة الاسلامية للرعاية غسان حنقير ثم بعرض مصور لبرامج ومشاريع مؤسسات الهيئة ولا سيما الخاصة بشهر رمضان المبارك، ثم كانت كلمة لرئيس مجلس امناء الهيئة عبد الحليم زيدان استعرض فيها اهداف الهيئة ومسار تطور عملها ومؤسساتها وتقديماتها طيلة 30 عاما والتحديات التي تواجه العمل الاجتماعي في ظل ما يتهدد مجتمعاتنا العربية من مخاطر وازمات جراء الحروب والأحداث الجارية من حولنا .
السنيورة

ثم تحدث الرئيس السنيورة فقال: “قال الله في كتابه العزيز: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.نلتقي اليوم في رحاب هذا الشهر الفضيل، شهر الصوم والرحمة، والمودة والصلاة والتفكر، والمراجعة والتأمل والنقاش مع الذات والتوبة الى رب العالمين. إن الأثر الأول للصيام بحسب القرآن هو التقوى، والتقوى تعني خوف الله سبحانه، والإقبال على العمل الصالح. وقد جاء في الحديث النبوي: التقوى ها هنا، وأشار عليه الصلاة والسلام إلى صدره. لقد لفتني في هذه الأمسية الكريمة أن الإخوة في مؤسسات الهيئة الإسلامية للرعاية، يعملون منذ أكثر من 30 سنة على رعاية الأيتام والصائمين والأشخاص الأكثر حاجة، ليس في مدينة صيدا وحسب بل وأيضا في عدد من المناطق اللبنانية. وهذا كما هو ظاهر من الأعمال الخيرة والمقدرة والمحسوبة في سجل هذه المؤسسة الكريمة وسجل المشرفين عليها. ومن هذه الأعمال مشروع إفطار الصائم الذي يشمل المئات من الأشخاص في العديد من المناطق اللبنانية. وهنا تصبح رعاية الصائمين أيضا عمل تقوى ومساعدة وخير وطلب مغفرة وتوبة ومحبة وتآلف. فالتقوى في القلوب، والتقوى في الإقدام على أعمال البر ومساعدة الناس صغارا وكبارا”.
اضاف : “يمر بلدنا ومنطقتنا في هذه الأيام بظروف صعبة وخطيرة واستثنائية. وليست المناسبة الآن مناسبة استعراض الأهوال والمخاطر التي تحيط بنا وتعدادها وسردها، فأنتم تتابعون ما يجري في المنطقة من العراق إلى سوريا واليمن وليبيا وما جرى مؤخرا في تونس والكويت، وفرنسا والقاهرة والصومال، وتدركون الخطورة على هذه البلدان وعلى الأمة جمعاء جراء ارتكابات الإجرام والإرهاب والاغتيال والمحاولات المتكاثرة لنشر الفوضى، والانعكاسات التي تحصل يوميا، وتطال بدورها بلدنا ومجتمعنا بنارها وبتداعياتها، وهو ما يجب التنبه له حتى لا ينجرف بلدنا أيضا إلى هذا الأتون الملتهب. في الأزمنة الصعبة ووسط المتغيرات العاصفة من حولنا تبرز أهمية التبصر في الأمور والحرص على أن تكون بوصلة تحركنا وممارساتنا صحيحة. وهنا تبرز أهمية الابتعاد عن التردد والارتباك وبالتالي عدم تغليب التناقضات الفرعية على التناقضات الأساسية، وكذلك أهمية العودة في الملمات إلى الأساسيات والمرتكزات والاهتداء بها للولوج إلى قضايا الحاضر والمستقبل باقتدار.في فترات الصعاب والمآزق ينبغي على المسؤول البحث عن سبل الخروج منها. وكما يقال لدى الحكماء، اذا كنت في حفرة فأول ما يجب التوقف عنه، هو الاستمرار بالحفر أي التوقف عن تعميق المشكلة وعدم زيادة حدة وصعوبة المأزق الذي نحن فيه”. 
وتابع : “نحن في العالم العربي عانينا ومازلنا نعاني في هذه المرحلة على وجه الخصوص، من آفتين، الآفة الاولى، هي آفة الاستبداد والديكتاتورية، والثانية هي آفة التطرف والمذهبية والإرهاب، وهما آفتان في المحصلة تعتبران وجهين لعملة واحدة. وما يزيد الأمر خطورة هو ما نعيشه من ممارسات اليوم، حيث تتمدد في لبنان وتستفحل آفة الخروج على قواعد الديمقراطية والدستور وعلى فكرة الإجماع الوطني اللبناني، اللذين ارتضيناهما واتفقنا عليهما في دستورنا وبعدها كذلك في مقررات الحوار الوطني وآخرها إعلان بعبدا. وكذلك أيضا في الخروج على ما طالما التزمنا به لجهة احترامنا القرارات الدولية – الى إهمال سياسة النأي بالنفس وعدم الالتزام بها، الى الخروج على الميثاق الوطني والاستقواء بالسلاح ومنطق السلاح، والقوة والرغبة في التسلط والفرض والإملاء. وكذلك الاستسلام لفكرة تغليب المصالح العائلية والشخصية وتحويلها لكي تبدو وكأنها مطالب وطنية حتى ولو قاد ذلك إلى تعريض البلاد لشتى المخاطر والأزمات. كذلك أيضا إلى الاستسهال والإمعان في التفرد والاستخفاف بالآخرين وبالشركاء في الوطن عبر اتخاذ القرارات المصيرية دون الرجوع الى الشركاء، بما يؤدي إلى توريط لبنان واللبنانيين في مآزق وصراعات لا قبل لهم بها. ان الطريق للخروج من الأزمة واضح وهو العودة إلى الالتزام بالدستور وبالقانون وإعادة الاعتبار لمفهوم الدولة العادلة والقادرة والابتعاد عما يفجر ويؤجج النيران والفتن، والعودة إلى التمسك بما يجمع لا بما يفرق”.
وقال: “إن الاستمرار باعتماد منطق التسلط والاستقواء بالسلاح وغض النظر عن التطرف من جهة، ورؤيته فقط لدى الطرف الآخر،من دون التنبه إلى حقيقة أن التطرف لدى طرف يستولد أو يزيد التطرف لدى الطرف الآخر وهو ما يفتح الطريق للعنف وللارهاب والارهابيين ويعطيهم الذريعة للتصاعد وللتمدد والانتشار. ولذلك تبرز أهمية دعم الاعتدال والعودة إلى التبصر بما قد يحمله الآتي من الأيام من مخاطر ومن صدمات وخراب على الأمة والوطن في البشر والعمران من أجل تجنيب إنساننا ووطننا تلك المخاطر.لست أفهم كيف يحل سياسي لنفسه حقوقا على الوطن وعلى المواطنين، تصل إلى حدود التسبب بشرذمة البلاد وتقطيع أوصالها وزعزعة رسالة العيش المشترك ودفع الجميع إلى الانكفاء إلى مربعاتهم الطائفية والمذهبية. وكأن المقصود تجنين المواطنين اللبنانيين، ونشر اليأس في صفوفهم من التزام مبدأ المواطنة والدفاع عن الوطن. وهذا النزوع من جانب هذا الطرف السياسي لا يحسب حسابا لليوم وصدماته ولا للغد ومآلاته”. 
واضاف: “لقد استطاع اللبنانيون حل أزمات أصعب، وهم قادرون على ذلك اليوم بالتواضع والتبصر واستنهاض الحس بالمسؤولية والعودة إلى اجتراح الحلول الوطنية القائمة على الإيمان بفضيلة المواطنة والعيش المشترك وبالإنماء المتوازن وليس على التقوقع ضمن مربعاتهم الطائفية والمذهبية. وإذا كان المراد تجنين أهل السنة والجماعة ودفعهم باتجاه التطرف بالاعتداءات من جهة، وبالادعاءات من جهة ثانية، فهذا في الحقيقة عمل مدمر وهو بإذن الله وبإرادتنا جميعا لم ولن يحصل. فإننا نحن الذين صبرنا على مدى عشر سنوات وأكثر على القتل والاغتيال والشيطنة ونحن أهل الوحدة والعيش المشترك، لن نخرج عن طورنا الآن في وقت تشتعل فيه المنطقة، ويهدد مواطنونا وإنساننا من الطغاة، ومن هجمات الإيرانيين وحلفائهم، ومن الدواعش والمتطرفين الآخرين. لن يزحزحنا شيء عن نهج الاعتدال والوسطية الوطنية، وعن الولاء للوطن والدولة والعيش المشترك. ونحن مصرون على أن النهج السليم هو في الاستغناء عن هذا الخطاب الهائج والإصرار على التمسك بالدستور وبالاعتدال وبالخطاب الوطني الجامع، والاتجاه إلى مجلس النواب الذي هو الجهة الناخبة حصرا التي حددها الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية، بدلا من الإصرار على التنكيل والتجريح وإفساد معنى المواطنة وحياة الناس في لبنان وفي سورية.. مشروعنا الدولة المدنية القادرة والعادلة لا دولة التسلط والأقليات والمؤامرات. المواطنون ينتظرون منا أن نقدم لهم الأمل في المستقبل لا أن نتسبب لهم بالخراب. ونحن لن نتراجع عن إحياء الأمل بالعمل الجاد والمنتج لأن لبنان وطننا ولن نتركه لقمة سائغة للوحوش الطائفية ولدعاة المذهبية والعقول المريضة والاحلام الواهية”.
وتابع السنيورة : “الإسلام دين الاعتدال والوسطية والتسامح، حيث قال تعالى في كتابه العزيز: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا”. كما يقول سبحانه وتعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.لقد كنا نفيئ إلى ظل ظليل عندما تهب العواصف هو ظل سماحة الدين، وحرص رجالاته ومؤسساته على سلامة الأوطان والدول والعمران. لكنني أقول لكم أيها الإخوة والأبناء بصراحة، ونحن في رمضان، الذي نعمل جميعا على الصدق فيه مع الله، ومع أسرنا، ومع مجتمعاتنا، ومع أمتنا وأنفسنا، ومع العالم. أقول إن أفعال أولئك المتطرفين المشينة والإجرامية توشك أن تحرمنا من ظل ديننا الظليل، ومن الألفة فيما بيننا، ومن الإقبال على صلوات الجمعة والجماعة، بل ومن الحركة بأمن وأمان في العالم ومعه. من هم أولئك الذين يسيئون ولا يتوقفون أمام دين أو خلق أو إنسانية؟. إنهم مجموعات صغيرة مغرر بها، اتخذت من القتل الفظيع باسم الدين منهجا للإرعاب، ولتكفير الناس، ولضرب السكينة والسكون إلى الدين وإلى الأعراف وإلى الفهم العريق والباقي للعيش المتنوع والمشترك. ما عاد الاستنكار كافيا، ولا عادت فتاوى التبرؤ كافية. لا بد أن يعتبر كل منا نفسه مسؤولا عن ذاته ومشاعره وأحاسيسه. ومسؤولا عن أولاده لكي لا يتنمروا على دينهم وباسمه للأسف، ولكي لا يسيئوا للأخلاق والأوطان وإنسانية الإنسان. إنه مرض مخيف هذا الذي نزل بنا على اختلاف الأديان والمذاهب. كل عنف باسم الدين أو القومية أو السلطة الغاشمة مرفوض ومدان. وإذا لم نحرص على سلام وسلامة العقيدة والمجتمع، فلن تبقى لنا شعوب وأوطان وأديان أيضا. نحن لا نريد أن نخاف العالم، ولا نريد أيضا أن نخيفه. وإنما نريد التعارف الذي طالبنا الله عز وجل به، بل أوجبه علينا. وقد قال صلوات الله وسلامه عليه: من حمل علينا السلاح فليس منا”.
وقال: “بغير السلام مع النفس والآخر، فإن الدول والمجتمعات العربية ستكون عرضة، كما هو ظاهر وحاصل وجار حتى الآن، لمزيد من التفرق والانقسام والتباعد. وبطبيعة الحال للخطر والمخاطرة بالوحدة، والسلامة الوطنية والقومية. وكل ذلك مما يخدم إسرائيل العدو القومي المغتصب للأرض العربية ويعزز احتلالها. وهذا فضلا عن تخريب البلدان والعمران وقتل الناس باسم الدين والمذهب، وباسم معاداة الآخرين وظلمهم والإساءة إلى دياناتهم ومواطنتهم.ولهذا فإن طريقنا الأكثر ضمانة لمواجهة التدهور المستمر في أوضاعنا والانقسام في صفوفنا هو بالعودة الى ما يجمع والابتعاد عما يفرق ويباعد. وهذا يعني العودة إلى الأساسيات أي إلى لبنان الوطن وإلى المواطنة الجامعة، وإلى العروبة المستنيرة التي تقبل الآخر، وتعترف به وتحترمه. العروبة التي تعترف بنا وتجمعنا جميعا وتأخذنا إلى فضائها الرحب البعيد عن التطرف والانغلاق، وأوهام التعصب الديني والإثني والمذهبي.كذلك فإن هذا يقتضي منا جهدا حثيثا ومثابرا من أجل صون إيماننا وديننا من خلال إعداد وتطبيق البرامج الهادفة لإصلاح التعليم الديني لدينا بما يسهم في تغيير رؤية أجيالنا الصاعدة للعالم وفي إثراء المنظور الديني وتعميقه عبر إعادة الاعتبار للعلم والمعرفة والتأكيد على المطالبة بتوفير حقوق الإنسان والانفتاح على العالم وعلى الآخر المختلف على قاعدة أخوة البشر. وكذلك التأكيد على تعارفهم وتعاونهم في المشتركات والمصالح الكثيرة والكبيرة التي تجمعهم في الحاضر والمستقبل”.
واضاف: “نحن في لبنان يجب أن تكون أهدافنا الوطنية واضحة ومعروفة، وهي التمسك بنقاط الإجماع الوطني في الحرية والسيادة والاستقلال والانتماء العربي لا الخروج عليها. وفي حماية ما حققه الشعب اللبناني من إنجازات لا التفريط بالمكتسبات الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. والحرص على عدم الانزلاق والتورط فيما يهدد وحدة اللبنانيين وحاضرهم وغدهم.المهمة الأساس، في هذه المرحلة، التي لا يصح أن تتقدمها أية مهمة أخرى هي مهمة انتخاب رئيس للجمهورية لإنهاء حالة الشغور الرئاسي واستعادة الحيوية لجميع مؤسساتنا الدستورية. انتخاب الرئيس القوي بحكمته ورؤيته البعيدة ومناقبيته وقدراته القيادية وقدرته على جمع اللبنانيين في المساحات المشتركة وهي الصفات التي تمكنه أن يكون رئيسا توافقيا ويكون رمز وحدة اللبنانيين لا عنوانا لتفرقهم. فهو إن لم يكن رئيسا توافقيا ووفاقيا في الوقت عينه، سيتحول بذاته إلى مشروع مشكلة وليس الى مشروع حل”.
وتابع : “إن حزب الله والتيار الوطني الحر والأطراف الحليفة لهما تتحمل نتائج ممارسات التعطيل وما يصيب البلاد من مصائب وتراجعات وأزمات اقتصادية واجتماعية وأمنية، وكذلك مسؤولية ما يمكن أن يصيبها في المستقبل. وعلى وجه الخصوص اذا ما استمرت سيطرة السياسة العائلية والفردية والشخصية الخاضعة لأجندات إقليمية لارتهان المصائر الوطنية.إني من هنا وفي رحاب هذه المؤسسة الخيرة وهذا الشهر الفضيل، وبحضور هذا الجمع الكريم المتنوع ومن باب الحرص على السلم الأهلي وعلى حاضر ومستقبل اللبنانيين، أدعو الزملاء النواب في مجلس النواب للتوجه بالحق والواجب والتوافق لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد، لأننا اليوم يمكننا أن نحصي الخسائر النازلة بنا ونعرفها، لكن في حال استمرت السياسة الحالية لحزب الله والتيار الوطني الحر في عبثيات الاشتراط والتعطيل، فإنه ليس فقط سوف يكون متعذرا علينا في المستقبل إحصاء أو معرفة الأضرار التي ستلحق بالبلاد وبالعباد ولكن سوف لن يستطيع أحد أن يتحمل تبعات ما قد سيحل بنا وبوطننا وباقتصادنا ومستوى ونوعية عيش إنساننا من التداعيات السلبية والمدمرة لهذه الممارسات”. 
وقال السنيورة:”نحن قادرون على انتخاب رئيس للجمهورية، وإعادة بناء بلدنا، والشعب اللبناني يعرف مصالحه، ويعرف طريقه ولديه من يمثله، لكن ليرفع حزب الله وايران أيديهم عن لبنان وعن رقاب اللبنانيين، ويطلقوا سراح المخطوفين والرهائن والمحتجزين في الأقبية الحزبية والمصالح الإقليمية الواهية التي لن يكتب لها النجاح.إني أتمنى صادقا أن يدرك حزب الله فداحة نتائج تورطه في الحرب التي يشنها النظام السوري على شعبه المطالب بالحرية وبالكرامة وأنه حين يقدم الحزب على الانكفاء عن هذا التورط القاتل، فإنه ولا شك سيعود إلى رحاب الوطن وإلى رحاب السلم الأهلي لجميع اللبنانيين دون اي تفريق . وهو عندما يفعل ذلك سيجد قلوب اللبنانيين وعقولهم وضمائرهم ترحب به.عندما يقوم حزب الله بذلك فإنه يسهم إسهاما أساسيا في تدارك الفتنة وشرور الانقسام ويفتح الباب واسعا لإعادة بناء الوحدة الوطنية الحقيقية وكذلك المستقبل الزاهر لجميع اللبنانيين في رحاب الوطن وفي الفضاء العربي والعالم الأوسع.كما أتمنى صادقا على الدولة الإيرانية أنه وبدل الانغماس في صراعات لا تنتهي وفي إثارة النعرات ومحاولات الاستقواء وفرض الهيمنة، فإن من مصلحتها الإسهام مع الحكومة اللبنانية وعبرها مع جميع اللبنانيين وكذلك مع جميع الدول العربية في بناء علاقات أخوة وصداقة مبنية على المشتركات الكثيرة وعلى صلات التاريخ والجغرافيا والجوار وعلى أساس الاحترام المتبادل وعلى قواعد المصالح العديدة المشتركة ودون التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية”

.وخلص السنيورة للقول : “تحية صادقة للمشرفين على الهيئة الإسلامية للرعاية، وكل عام وانتم بخير، في ظل هذا الشهر الفضيل الكريم، الذي يشمل الجميع بنعمته وعلى امل أكيد ان يبقى بلدنا، وتبقون جميعا متمسكين بالرحمة والود والعمل من أجل خير المواطنين والوطن وروح الاسلام السمحة والوسطية والاعتدال، بحيث يبقى لبنان لمواطنيه وأمته، وتبقى له. {فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}. صدق الله العظيم. وكل عام وأنتم بخير”.

وفي الختام ، قام رئيس مجلس امناء الهيئة الاسلامية للرعاية عبد الحليم زيدان بمشاركة المدير التنفيذي للهيئة مطاع مجذوب بتقديم درع تكريمي باسم الهيئة الى الرئيس السنيورة . 

اترك تعليقًا