الخبر بالصوت

أعلنت وزارة الطاقة والمياه في الفترة الأخيرة، تأجيل مزايدة الشركات المؤهّلة في دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية، التي كانت مقرّرة في 14 آب 2014. ويمتدّ التاجيل لفترة ستة أشهر كحدّ أقصى من تاريخ إقرار مرسومَي تقسيم المياه البحرية وإتفاقية الإستكشاف والإنتاج.
وقد أعطت الاضطرابات بين روسيا والغرب، زخماً أكبر لاكتشافات شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والصادرات المحتَمَلة في المستقبل. وما زال لبنان الرسمي لا يبدي اكتراثه بكميات النفط الهائلة في مياهه البحرية. أما السياسيون فيستمرّون في إهمال هذا الملف الذي تضعه الحكومات حول العالم، على رأس أولوياتها.
وزارة الطاقة اللبنانية بدأت قبول العطاءات في 2 أيار من العام 2013، لكنّ لبنان قام بتأجيل موعد تقديم الشركات عروضها لجولة التراخيص للتنقيب عن النفط والغاز، 5 مرّات:

  • من 4 تشرين الثاني 2013 الى 10 كانون الاول 2013.
  • من 10 كانون الاول 2013 الى 10 كانون الثاني 2014.
  • من 10 كانون الثاني 2014 الى 10 نيسان 2014.
  • من 10 نيسان 2014 الى 14 آب 2014.
  • من 14 آب 2014 الى 14 شباط 2015.

ورأت وحدة الاستقصاء في مجموعة «ايكونوميست» أنّ التأجيل «يعكس فشل الحكومة في اقرار المرسومين المتعلّقين بتحديد شروط اتفاقات التنقيب والانتاج، وبتحديد البلوكات البحرية». وأشارت إلى أنّ «اللجنة الوزارية المكلّفة مراجعة مشروعَي المرسومين لا تجتمع بانتظام، وتكافح للتوصل الى أيّ اتفاق».
وحذّرت «ايكونوميست» من أنّ التأخير المتواصل من شأنه إضعاف قدرة لبنان على إملاء الشروط التجارية القوية على الشركات النفطية. ولفتت إلى أنّ كبرى الشركات العالمية لا تملك صورة واضحة حول شروط التعاقد بالنسبة الى عملية اكتشاف وتطوير الاحتياطيات البحرية في البلاد، إضافة الى عدد البلوكات التي سيتم تلزيمها.
وكان السجال قائماً في شأن عدد البلوكات البحرية التي يجب تلزيمها. منهم مَن رأى انه لا بدّ من تلزيم 10 بلوكات في آن واحد، في حين رأى آخرون انه يجب تلزيم البلوكات بشكلٍ تدريجي، علماً انّ حجم البلوكات يتراوح بين 1،259 و2،374 كيلومتراً مربعاً لكلّ منها.
ياغي
في هذا الاطار، أكّد الخبير النفطي ربيع ياغي انّ موضوع التأجيل يشير الى انّ «ملف النفط والغاز، ليس من اولويات الحكومة».
وأوضح انه كان يجب، قبل اطلاق المناقصة او المزايدة، إقرار المرسومين القابعين في مجلس الوزراء والمتعلّقين بمسودة الاتفاق مع الشركات حول الاستكشاف والتنقيب، وبتقسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة، أي البلوكات البحرية.
وقال لـ«الجمهورية» إنّ «إطلاق مناقصة دورة التراخيص الأولى كان يجب أن يتم بالتزامن مع إقرار المرسومين، ولكنّ عامل الوقت لم يكن لصالح الحكومة المستقيلة آنذاك، ما ادّى الى تأجيل المزايدة لتقديم عروض التنقيب عن النفط».
وأشار الى نوع من «قصور في الرؤية لدى الحكومة السابقة، بسبب اطلاق المناقصة من دون إقرار المرسومين، ما جعل الشركات العالمية تضع علامةَ استفهام حول مصداقية الدولة اللبنانية».
أضاف ياغي أنّ «الاولوية اليوم هي لمناقشة المرسومين»، مشيراً الى أنّ «الاول المتعلّق بالاتفاقية مع الشركات، يربط الدولة اللبنانية لمدّة 40 عاماً مع الشركات، لذلك يجب التعامل معه بدقة ومن خلال نقاش جدّي يصبّ في مصلحة الدولة والشعب اللبناني» والى أنّ «المرسوم الثاني المتعلّق بتقسيم البلوكات، فهناك مشكلة في عدم اقرار اتفاقيات ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، لغاية اليوم، مع الدول المجاورة».
وقال ياغي إنّ «لبنان لم يقرّ رسمياً ترسيم حدوده البحرية مع قبرص»، وإنّ «هناك فقط مسودّة اتفاق»، أما مع إسرائيل وسوريا «فلا يوجد أيّ اتفاق رسمي لترسيم الحدود البحرية».
ورأى بالتالي، أنّ «الحكومة اللبنانية تعمل من طرف واحد، لأنّ ترسيم الحدود البحرية او البرية يتمّ من خلال اتفاق بين الدولتين المجاورتين».
واشار الى انّ الدول الثلاث المجاورة للبنان والمحيطة به بحراً، متداخلة في مجال الحقوق البحرية مع لبنان، «وهناك عملية قضم من اسرائيل لمساحة 860 كلم مربع، ومن جهة قبرص هناك قضم لمساحات تفوق الـ 1500 كلم مربع، ومن سوريا ايضاً».
واعتبر ياغي انّ تلك الاسباب مجتمعة، «تؤثر سلبا في لبنان وفي تقديم الشركات العالمية أيّ عرض جدّي قبل إقرار المرسومين». لافتاً الى انّ الشركات التي تستثمر مليارات الدولارات تبحث عن مناطق تتمتع باستقرار سياسي وأمني وبأنظمة وقوانين واضحة مثل كرواتيا، اليونان، قبرص وإسرائيل.
واوضح انّ «عملية التباطؤ والتلكؤ الحاصلة في لبنان تؤدي الى ضرب مصداقية الدولة تجاه الشركات العالمية، في حين يبقى عامل الوقت عدوّاً لنا، حيث إنّ الدول الاخرى متقدّمة في ملف التنقيب، على غرار اسرائيل التي سبقتنا بعشر سنوات وقبرص بسبع سنوات، ناهيك عن سوريا التي قامت بتلزيم 3 بلوكات بحرية لشركات روسية على رغم الأزمة القائمة هناك».
في الختام، لفت ياغي الى انه «لو لم يكن لبنان بلداً واعداً نفطياً، لما تقدّمت 36 شركة غير عاملة و12 شركة مشغّلة». وقال إنّ «لبنان يحتوي على كميّات هائلة جداً من الغاز والنفط، ربما تفوق ما تمّ اكتشافه في قبرص واسرائيل مجتمعتين. ولكن في النهاية، الرأسمال جبان لأنّ الشركات ستتكبّد ما لا يقلّ عن 4 مليارات دولار خلال عملية الاستكشاف والتنقيب فقط. وبالتالي ليست مستعدّة للدخول في نفق من الفوضى السياسية والأمنية».

اترك تعليقًا