تراجع لبنان 23 مرتبة دفعة واحدة في “التصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2022″، وحلّ في المرتبة 130 من أصل 180 دولة، فيما حلّ العام الماضي في المرتبة 107. واستندت منظّمة “مراسلون بلا حدود” في تصنيفها إلى 5 عوامل أساسية هي: السياق السياسي، الإطار القانوني لعمل الصحافيين، السياق الاقتصادي، السياق الاجتماعي والثقافي، والأمان المُتاح للصحافيين.
وعزت “مراسلون بلا حدود” التراجع إلى “خضوع وسائل الإعلام اللبنانية لسيطرة مجموعة صغيرة من الأفراد الذين لهم صلات مباشرة بأحزاب سياسية أو ينتمون إلى عائلات معينة، برغم وجود حرية حقيقية في التعبير داخل وسائل الإعلام”.
وذكرت المنظمة أنّه “بينما ساد الاعتقاد في الأوساط الإعلامية أن 17 تشرين قد كسرت الخط الأحمر المتمثل في عدم انتقاد الشخصيات النافذة، أضحت اليوم الضغوط السياسية على أهل المهنة أقوى وأشد من أيّ وقت مضى”.
ففي السياق السياسي، “تئنّ وسائل الإعلام اللبنانية تحت قبضة الأحزاب السياسية، ويعكس المشهد الإعلامي التركيبة السياسية للبلاد”، بحسب “مراسلون بلا حدود”، “أضف إلى ذلك اعتماد وسائل الإعلام بشدة على أموال المستثمرين. كما تعكس الصحافة المكتوبة الخلافات السياسية والطائفية التي تشهدها البلاد، ناهيك عن الرقابة الدينية التي تثقل كاهل وسائل الإعلام، التي أصبحت سلاحاً مهماً في الصراع السياسي”.
اما في الإطار القانوني، بينما يشترط القانون على وسائل الإعلام الشفافية في شأن ملكيتها وسبل تمويلها، فإن البعض يلجأ إلى “أساليب مبهمة للالتفاف على هذه الشروط”، وفق المنظمة التي تُشير إلى أنّ “تجريم القانون الجنائي اللبناني التشهير والقذف ونشر معلومات كاذبة، وإن كان يخصص لها تعريفات فضفاضة للغاية”. وتضيف: “يُلاحَظ بشكل مقلق استخدام جهاز القضاء كأداة لملاحقة وسائل الإعلام والصحافيين، إذ تصدر المحاكم بانتظام أحكاماً بدفع غرامات أو بالسجن غيابياً”.
وفي السياق الاقتصادي، تعاني وسائل الإعلام جرّاء الأزمة المالية التاريخية التي يمرّ بها لبنان، فقد ترتّب عن انفجار مرفأ بيروت إجراء تخفيضات ضخمة في الميزانية، ممّا أدى بالتالي إلى تخفيض أنشطة المؤسسات الإعلامية من جهة، وتقليص عدد موظفيها من جهة ثانية. وبحسب المنظمة، “يعتمد عدد من الصحافيين والمنابر الإعلامية في بيروت والمتضررين من الانفجار على المساعدات الدولية للتعافي من الفاجعة وتخطي الأزمة. أضف إلى ذلك أن نقص البنزين والكهرباء بات يعيق العمل الميداني تماماً”.
نظراً للسياق الاجتماعي والثقافي، يتّسم الرأي العام بـ”النزعة المحافظة في الغالب”، على حدّ تعبير “مراسلون بلا حدود”، “إذ تظلّ بعض المواضيع من المحرمات التي لا يمكن التطرق إليها بأيّ حال من الأحوال، مثل نقد التراث الثقافي والديني. ولا تخلو الساحة من أحداث تنم عن العنصرية أو تحط من شأن المرأة، علماً أن الصحفيات يتعرضن لحملات التشهير باستمرار. كما ينخرط النشطاء السياسيون في حملات التخويف، وخاصة الموالين لـ(حزب الله)، الذين يستخدمون (تويتر) لتهديد الصحافيين”.
اما على مستوى الأمن، فخلال مظاهرات 17 تشرين، تضاعفت وتيرة الاعتداءات والدعاوى القضائية ضدّ الصحافيين ووسائل الإعلام. كما تستخدم الشرطة القوة استخداماً غير متناسب وتهاجم الصحافيين بعنف. وبدورهم يتعرض المراسلون الذين يعملون لوسائل الإعلام المقربة من السلطة إلى سوء المعاملة من قبل المتظاهرين الذين يشككون في صدقيتهم.