ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
بعد قراءة الإنجيل المقدس ألقى عوده عظة قال فيها، “قال الرب للرسول بطرس: (سمعان، سمعان، هوذا الشيطان طلبكم ليغربلكم كالحنطة) (لو 22: 31). فمنذ الرابع من آب 2020، والشيطان يزيد حيله وتجاربه على شعبنا، مستخدماً كافة الوسائل. لا نزال نعيش مأساة التفجير حتى اليوم، مع رحيل أشخاص جدد ممن أصيبوا في ذلك اليوم المشؤوم، وما رحيلهم إلا تذكير للمسؤولين بتقصيرهم، وللمواطنين بتحمل مسؤوليتهم تجاه تحرير البلد وأنفسهم من نير من يتحكمون بمصائرهم. على الشعب ألا يخضع للترهيب ولا يضعف بسبب الوعيد أو التجويع والضغوط الحياتية المتزايدة، وألا يتخلى عن التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها. قوة الشعب تكمن في صوته الحر، إذا مارس حقه الدستوري بشفافية وحرية، بعيداً عن الرشوة والتبعية، واضعاً نصب عينيه خلاص البلد أولاً.
وأضاف، “إن لم يبتعد شعبنا عن العصبيات الطائفية والحزبية، لن يقوم وطننا من الحفرة الجهنمية، وسيبقى ذوو السلطة متحكمين برقاب الناس اقتصادياً ومالياً وثقافياً وتربوياً. لا تكونوا مشاركين في تنفيذ حكم الإعدام بحق هذا البلد، الذي كان قبلة أنظار العالم أجمع لتنوعه الاجتماعي، ورقيه الثقافي، ورفعة قطاعه الطبي، وإبداع أبنائه الذين لمعوا في العالم بأسره وكانوا روادا في شتى المجالات. حكموا ضمائركم، وابتعدوا عن من يستزلمكم ويستعبدكم ويحاول شراءكم واستغلال أصواتكم. تذكروا ودائعكم المنهوبة، وبيوتكم المخروبة، ومصيركم الغامض. لا تنسوا أحباءكم الذين رحلوا في ريعان طفولتهم وشبابهم وعز عطائهم، بسبب الفساد والإهمال واسترخاص النفوس. تذكروا من تهاون بأرواح البشر ومصير البلد، ومن فجر بيروت وأعاق سير العدالة، وصرف ودائعكم، وقتل ما تبقى من سحر الطبيعة وجمالها بالمرامل والكسارات والنفايات والتعدي على البحر وعلى الغابات. تذكروا من لا تعنيهم همومكم الإقتصادية والمعيشية، ومن لم يتخذوا القرارات الضرورية لوقف التدهور، ومن لم يحترموا فصل السلطات، واستقلالية القضاء، وحق المواطن بالعدالة. تمردوا على من أذلكم وقهركم وخرب حياتكم وأظلم أيامكم وبذر أموالكم”.
وتابع، “لا تتنازلوا عن تأمين مستقبل مشرف لأولادكم، وآمنوا أن صوتكم هو صوت الحق والحرية، وأنه ضروري يوم الانتخاب، لكي لا تكون الانتخابات مجرد محطة عابرة، بل استحقاق دستوري يرتب واجباً على المواطنين هو اختيار ممثليهم بصوتهم الحر وضميرهم الحي، بعيداً عن الولاء الأعمى”.
وقال عودة، إننا “نستذكر قول القديس يوحنا السلمي القائل: التمييز سراج في الظلام وهدى للضالين ونور للعيون الكليلة. ذو التمييز يستعيد الصحة ويستأصل المرض). لنتذكر أننا في زمن نحتاج فيه إلى التمييز أكثر من أي أمر آخر، علنا نصل إلى القيامة المرجوة على صعيد النفس الخاطئة، كما على صعيد الوطن المريض، آمين”.