نظمت رابطة كاريتاس – لبنان برئاسة رئيسها الأب ميشال عبود طاولة مستديرة في فندق “بادوفا” – سن الفيل بعنوان “التأمين الصحي للعمل المنزلي والحق في الوصول للرعاية الصحية”، في إطار مشروع ميرا – “حقوق المهاجرين والمناصرة”، الممول من الاتحاد الأوروبي والمنفذ بالشراكة مع كاريتاس النمسا، كاريتاس لبنان، منظمة “كفى” ومؤسسة عامل الدولية. وأشرف على جلسة الافتتاح وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور هيكتور حجار.
وشارك في جلستي الطاولة المستديرة كل من: المديرة العامة لوزارة العمل بالإنابة مارلين عطا الله، نقيب أصحاب شركات التأمين في لبنان الياس نسناس، مدير وحدة الرقابة على سلوكيات سوق الضمان في وزارة الاقتصاد والتجارة يحيى تبولي، المنسقة العامة المركزية في الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة وفاء كنعان، مستشار الشوؤن الإدارية لوزيرالشؤون الاجتماعية بيار باز، المستشار التقني في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي في الوكالة الألمانية للتعاون الدولي فيليب نون، المعالجة النفسية سهى فليفل، إضافة إلى ممثلي الجمعيات المشاركة.
عبود
بعد النشيد الوطني، ألقى عبود كلمة قال فيها: “إن الحضارات والشعوب تبنى من خلال مشاركة بعضنا البعض تجاربنا وأفكارنا، ونحن مجتمعون اليوم حول هذه الطاولة المستديرة، لأن لدينا ايمانا بأن الانسان هو نواة اهتمامنا، والحضارات المتوالية تؤكد ذلك، الأمر الذي يدفعنا الى النظر في البعد الموجود في كل إنسان”.
أضاف: “عندما نرى قلبا يدق، فذلك يعني أن تاريخا يدق أمامنا. ولذلك، يجب أن يكون البعد الانساني هو محور اهتمامنا، كائنا من يكون الشخص الذي نصادف، انطلاقا من وصية المسيح: أحبب قريبك حبك لنفسك”.
وسأل: “لم لا يستطيع الناس أن يحبوا الآخر، وخصوصا الآخر الضعيف؟ لأن الناس ما زالوا يتسولون الكرامة والتقدير والشكر. ومن هنا، فإننا غالبا ما نسعى إلى التقرب من الأشخاص الذين نلتقيهم، ليس لأننا نريد أن نخدمهم، بل حتى نستفيد من خدماتهم لنا. فإذا خدمونا، نخدمهم في المقابل. أما اذا لم يخدمونا فلا نقدم إليهم العون، لكن متى تتجلى قوة الانسان؟ عندما يخدم الانسان شخصا ضعيفا من دون أن ينتظر منه مقابلا. عندها فقط يدرك أنه يختبر عظمة المحبة، انطلاقا من مقولة: ما من حب أعظم من أن يبذل الانسان نفسه في سبيل أحبائه”.
وتابع: “نحن وجدنا على هذه الأرض، ونستقبل العاملات الأجنبيات، نستقبل الأجانب على أرضنا علما أن الشعب اللبناني هو أكبر شعب مهاجر، هناك أربعة ملايين صامدون على أرضنا، لكن هناك 12 مليون موزعون في الخارج. كل العائلات اللبنانية لديها مغترب أكان أبا أو إبنا أو قريبا أو صديقا، وكم يشعر بالفرح والامتنان عندما يحظى بالاهتمام من قبل أشخاص وعائلات التقاهم واستقبلته بحفاوة في بلاد هو غريب عنه. إننا نلتقي غرباء في بلدنا، ويجب أن نكون اليوم حرصاء على خدمة هؤلاء ومعاملتهم المعاملة نفسها، التي نتمنى أن يعاملنا بها الآخرون في بلاد الاغتراب”.
وأردف: “خلال عملنا مع فريق كاريتاس في مشروع محدد، دائما يكون الهدف أن نحصي عدد الأشخاص والحالات التي تمكنا من مساعدتها، ودائما أردد على مسامعهم: صحيح أننا نحصي الأرقام، لكننا في الحقيقة نتعامل مع بشر. صحيح أننا نحصي الحالات، لكن هذه الحالات تتألم”.
وقال: “إن نطاق عملنا اليوم يتمحور حول كل هؤلاء الاشخاص الذين يحتاجون إلينا وإلى تعاوننا وتكاتفنا للحفاظ على إنسانيتهم وحقوقهم، خصوصا من الناحية الصحية. نريد أن نكمل مسيرتنا بمناقبية وشفافية واندفاع وشجاعة وصبر، حتى نرى في كل انسان قصة تستحق أن تعيش بكرامة”.
وإذ شدد على أهمية “البرامج الممولة التي من دونها لا نستطيع أن نستمر في رسالتنا”، لفت عبود إلى أن “مشروع ميرا يهدف الى دعم ومناصرة حقوق العمال المهاجرين في لبنان والدفاع عنها، لا سيما العاملات في الخدمة المنزلية، والعمل على إلغاء نظام الكفالة، ويتضمن هذا المشروع نشاطات عدة على مختلف الأصعدة، من ضمنها هذه الطاولة المستديرة، وهدفنا واحد: أن نخدم ونصون قلب الانسان كي يعيش بكرامته”.
حجار
بدوره، قال حجار: “يشرفني أن ألتقي بكم اليوم إخوة أعزاء تحت راية هذه المؤسسة العريقة كاريتاس لبنان، نجتمع حول طاولة مستديرة ونناقش حق الوصول إلى الرعاية الصحية والتأمين الصحي للعمل المنزلي، وما أحوجنا في هذه الأيام إلى ثقافة الطاولة المستديرة الجامعة، واعتماد الحوار كمسار استراتيجي لا بديل عنه لحل الخلافات والنزاعات في الداخل والخارج”.
أضاف: “إنها لفسحة أمل في حياتنا اليومية التي نستعيد بها لقاءاتنا الحضورية الطبيعية، رغم جائحة كورونا ومسبباتها. لقد تغلبنا على نمط الحجر والتباعد الإجتماعي، وعاودنا حياتنا الطبيعية بالاجتماع والمحبة، ولا شك في قدرتنا على ذلك، فنحن أبناء الرجاء وشهود للقيامة، نواجه الموت المتعدد الأوجه ونبحث ومؤسسة كاريتاس كما وجميع الفاعلين ذوي الإرادات الحسنة في هذا الوطن عن حلول عملية لأزماتنا معتمدين على ذواتنا وانفتاحنا المحلي والدولي من دون الارتهان لأي طرف أو فئة”.
وتابع: “إن طرقاتنا معبدة بالأشواك، لكنها لم ولن تنل من عزيمتنا، فنحن أبناء حضارة المحبة. إن أسمى أعمال المحبة في أيامنا هذه، المساهمة في تحرير أموال المودعين من خلال التحرك ودعم عملية قضائية ترتكز على الشفافية والمساءلة، تعيد الأموال لأصحابها وتخفف العبء عن كاهل المؤسسات والجمعيات، وتؤمن الاستقرار الحياتي لمواطن بات ينتظرالمساعدة الغذائية لكي لا يموت جوعا، وإن نجح بذلك فهو مهدد في كل وقت بالموت من عدم توافر الدواء والاستشفاء”.
وسأل: “إلى متى ستبقى قراراتنا المالية في القطاعين الخاص والعام غير مرتبطة بشكل وثيق بمنظومة الأخلاق وتأتي لتصب الزيت على النار فتؤججها، ولا من سائل أو مسائل؟ ”
وختم حجار: “دورنا اليوم، والرهان علينا أكبر، علنا بالاتحاد والتضامن نخرج من حال العقم إلى الإنتاجية الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، فلطالما عملنا بالشراكة مع مؤسسة كاريتاس هادفين إلى تحسين نوعية حياة الإنسان، كل إنسان من دون تمييز أو تفرقة. إن المهمة صعبة، لكن عندما توجد الإرادة تسقط الحواجز وتذلل الصعاب، ويجد الخير سبيله إلى المهمشين والضعفاء ونحقق الغاية المرجوة”.
الجلسة الأولى
وبعد أن عرفت مسؤولة قسم الأجانب في كاريتاس حسن الصياح بمشروع “ميرا”، انطلقت الجلسة الأولى، التي تمحورت حول “التأمين الصحي والعمل المنزلي من منظور مقدمي الخدمات – الواقع، الثغرات، الحق في الحصول على الرعاية الصحية والصحة النفسية للعمال والعاملات في الخدمة المنزلية”.
وخلال الجلسة، تم البحث في “عمل مقدمي الخدمات والأطباء والمنظمات غير الحكومية، التي تتعامل مع عاملات المنازل المهاجرات اللواتي يطلبن المساعدة في الحالات الصحية ودعم الصحة النفسية بشكل أساسي”.
كما تناولت الجلسة “التحديات التي تواجه عاملات المنازل المهاجرات في حصولهن على الخدمات الصحية في المستشفيات الخاصة أو العامة، إضافة إلى الثغرات والتحديات في الخدمات الصحية”.
الجلسة الثانية
وتطرقت الجلسة الثانية إلى “التأمين الصحي للعاملات في الخدمة المنزلية بين الواقع والقانون والثغرات في الخدمات الصحي”، وناقش المشاركون فيها “الثغرات في الخدمة الصحية والتأمين من منظور ممثلي الجهات الرسمية وشركات التأمين، ونطاق تغطية بوليصة التأمين للقضايا الصحية لعاملات المنازل المهاجرات”.
الجلسة الثالثة
أما في الجلسة الثالثة فعرض المستشار القانوني في الرابطة المحامي رفيق زخريا ملخص التوصيات الرئيسية، التي تمت على أساسها صياغة مسودة التوصيات ومشاركتها مع المشاركين للمناقشة بحلول الطاولة المستديرة التالية.