جاء في “المركزية”:
في انتظار إقرار موازنة 2022 المتوقّع أن ترفع قيمة الدولار الجمركي، إذ وافق مجلس الوزراء على البند 133 منها المتعلق به، مع بعض التعديلات والتفسيرات، والمتعلق بتحديد الحكومة بمرسوم كيفية استيفاء الرسوم الجمركية بالعملة اللبنانية وفق سعر صرف للدولار يصل إلى سعر الصرف على منصة صيرفة، ويرفع السعر تدريجًا حسب السلع. ومن ضمن السلع الأساسية التي سيطالها سعر الجمرك الجديد هي السيارات، ما يعني أن على اللبنانيين الاعتناء جيّداً بسياراتهم والحفاظ على “صحّتها” لأن شراء سيارة جديدة سيصبح من الأحلام، الا للاغنياء منهم. وفي السياق، تمّ التداول بمعلومات صحافية عن أن معارض السيارات خلت من السيارات الجديدة بشكل كامل إذ أخفاها أصحابها في المستودعات، في انتظار دخول قرار رفع الدولار الجمركي حيّز التنفيذ.
إلا أن نقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة وليد فرنسيس نفى عبر “المركزية” صحّة هذه المعلومات، لافتاً إلى أن “السيارات موجودة في كلّ المعارض وأبوابها مفتوحة، حتّى أن العمل بقرار الدولار الجمركي لن يصبح سارياً قبل شهر أو شهر ونصف على الأقلّ، فما من مصلحة لأصحاب المعارض بإخفاء سياراتهم طول هذه الفترة، إذ يمكن بيعها وشراء غيرها”.
أما عن تداعيات رفع الجمرك على القطاع بشكل عام، فيؤكّد أنه “سيصبح من الصعب على أصحاب المعارض الاستمرار بنشاطهم”، مضيفاً “أصغر سيّارة سعرها تقريباً 8000 $ سيصبح جمركها 80 مليون ليرة لبنانية، أما السيارات الضخمة وسعرها الوسطي 80000$ فيمكن أن يتراوح جمركها بين المليار والمليار ونصف ليرة”.
ويشير فرنسيس إلى أن “أصحاب المؤسسات في لبنان يؤمّنون تمويل خزينة الدولة بأغلبه تقريباً، إذ يتّكل اقتصاد البلد على السياحة والتجارة في ظلّ انعدام التصدير. لكن، الأولى باتت شبه معدومة أما المؤسسات التجارية فثلثها أقفل محلّياً وانتقل للعمل في الخارج منها دبي وقبرص وغيرهما من الدول المجاورة من ضمنها معارض السيارات، والمؤسسات المتبقية في البلد حُجزت أموالها في المصارف فكُسِرت رجلها الأولى، أما الثانية فتُكسر عبر رفع الدولار الجمركي”، سائلاً “كيف يعقل للحكومة التفكير بإفلاس شعب يموت من عدم قدرته على تأمين حاجاته الحيوية؟”.
ويشدد على أن “في لبنان لا يمكن اعتبار السيارة من الكماليات وهذه النظرية خاطئة لأنها على العكس من الضروريات كون ما من نظام نقل عام مؤهّل يسمح بالاستغناء عن السيارات. كذلك، فإن الباصات والفانات يمكنها أن تنقل سكّان الساحل أما في الجبال فيصبح الأمر معقّدا على المواطن الذي لا يكون منزله على الخطّ العام”.
وضع المعارض راهناً
توازياً، يوضح فرنسيس أن “50% من المعارض على الأقلّ أقفلت أبوابها واتّجهت للاستثمار في دول أخرى منها دبي، قبرص، أفريقيا، بلجيكا… أما النسبة المتبقية فتكافح للاستمرار”، مردفاً “المبيع تراجع وكذلك الاستيراد. فلسنا أفضل من شركات السيارات الجديدة التي أوقفت الاستيراد إذ تراجعت مبيعاتها من 40000 سيارة سنة 2019 إلى 4000 سنة 2021. أما حركة مبيع السيارات المستعملة فقريبة من هذه الأرقام، وربّما مع بدء التداول بإمكانية رفع الجمرك تحرّك القطاع قليلاً إذ بدأ البعض بشراء السيارات خوفاً من ارتفاع سعرها، لكن تبقى القدرة محدودة، فمن كان يستورد سيارة سعرها ما بين الـ 40 والـ 60 ألف دولار يشتري سيارات صغيرة، خصوصاً في ظلّ ارتفاع أسعار البنزين. أزمة المحروقات غيّرت نوعية التجارة في البلد”.
ويتابع: “كان قطاع تجارة السيارات الثاني لجهة قدرته على إدخال مبالغ إلى خزينة الدولة. ومثلاً مصلحة تسجيل السيارات كانت تربح من القطاع مليون دولار يومياً عندما كان سعر الصرف 1500 ليرة، وحتّى اليوم يبلغ مدخولها منه 3 مليار ليرة لبنانية يومياً. أما الجمارك فوصل مدخولها إلى 5 ملايين دولار يومياً. اليوم ومع انتقال المستثمرين إلى الخارج فقدت هذه المبالغ نصف قيمتها، وفي كلّ مرّة يلحق الضرر بالقطاع تتأذى خزينة الدولة مباشرةً”.
ويشرح فرنسيس أن “العديد من القطاعات مرتبط بتجارة السيارات ويتأثرّ نشاطها سلباً. أكثر من 20% من اللبنانيين يعتاشون من أعمال تستند إلى السيارات: شركات تجارة السيارات، شركات التأمين، شركات الشحن، كاراجات الصيانة والميكانيك والبويا، محلّات الدواليب، محلّات الفرش، محلّات زينة السيارات…”.
ويلفت إلى أن “خطّ الترانزيت في لبنان كان من الأقوى في المنطقة وكانت الدول العربية تمرر بضائعها عبره ويأتي زبائن من أفريقيا، مصر، ليبيا، دبي، السعودية وغيرها من الدول العربية يشترون من لبنان إلكترونيات وسيارات ويشحنونها إلى بلدانهم إلى جانب تصدير سلع أخرى، أما في ظلّ الوضع الذي وصلنا إليه وارتفاع الأسعار الكارثي انعدمت القدرة على التصدير ووقفت الحركة التجارية الخارجية”، مضيفاً “من أصل 24 شركة شحن كانت تأتي إلى لبنان 3 فقط تتعامل اليوم مع البلد، لأن شركات التأمين لا تغطّي البواخر كون لبنان بلدا غير آمن”.