الخبر بالصوت

جاء في “المركزية”:

في بيان “العودة المشروطة” الشهير، علل ثنائي امل وحزب الله سبب تراجعه عن قراره الكبير الذي علّق بموجبه مشاركة وزرائه في جلسات الحكومة بشرط “قبع” المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار، بتحسسه عمق الازمة المعيشية والحياتية للبنانيين، “واستجابة لحاجات المواطنين الشرفاء وتلبية لنداءات القطاعات الاقتصادية والمهنية والنقابية ومنعا لاتهامنا الباطل بالتعطيل ونحن الاكثر حرصا على لبنان وشعبه وامنه الاجتماعي، علما ان الموافقة هذه جاءت محصورة بإقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي وكلّ ما يرتبط بتحسين الوضع المعيشي والحياتي للبنانيين”.

بمراجعة سريعة لتاريخ ممارسات الثنائي وعلى الاخص حزب الله، يتبين ان خارج المدار الانتخابي، لم يكن الهم المعيشي للبنانيين مدرجا يوما في حساباته، الا للرشوة الانتخابية. وتسأل مصادر سياسية معارضة عبر “المركزية” اين كان هذا الهم حينما شرع الحزب في تدمير مسيرة التعافي التي انطلقت بعيد انتهاء الحرب الاهلية التي شهدت نهضة وفورة اعمارية واستثمارية غير مسبوقة منذ العام 1992 وحتى العام 2005؟ آنذاك حينما كانت البلاد متجهة صعودا على الاصعدة كافة وكان الشعب يعيش برخاء وبحبوحة والمشاريع الاعمارية لا تهدأ من بنى تحتية الى اعادة اعمار المطار ووسط بيروت وشق الطرق والاوتوسترادات، كل ذلك مقابل 33 مليون دولار دين عام، كان آنذاك الحزب رأس حربة في المعارضة يقود مشروعا مناهضا تُرجم على ارض الواقع مع سيطرته على السلطة اعتبارا من الـ2005 حتى تاريخه، حيث انقلبت الاوضاع رأسا على عقب وتوالى زمن الانهيارات المتتالية تدريجيا وصولا الى يومنا هذا، مع تسجيل نسبة دين بلغت نحو 67 مليار دولار هي كلفة السرقات والنهب التي لم تنتج مشروعا واحدا ذا قيمة، لا بل هدر لا محدود في قطاع الكهرباء وفي سدود جافة، ليتوج مشروعه هذا بالانهيار الشامل الذي تقبع البلاد في ظله اليوم ومن ضمنها بيئة الحزب التي ما عادت تغريها صفيحة مازوت ايراني دعائية من النوعية الرديئة، وقد انتهت مفاعيلها بأسرع من الوعود الطنانة التي اطل بها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بحيث توسعت الى حدود بعيدة رقعة الاعتراضات الشعبية داخل بيئته  ومناطقه المصنّفة خزانا شعبياً، من البقاع الى الجنوب مرورا بالضاحية الجنوبية، وبعض خطب الجمعة المنتقدة التي ترصدها شخصيات شيعية خير دليل. ولا يقتصر الامتعاض الشيعي على الاحاديث الاهلية بل يتعداه الى المستوى القيادي، وقد توقفت المصادر المعارضة عند تغريدة دوّنها نجل رئيس مجلس النواب الراحل صبري حمادة، علي، منذ ثلاثة ايام على صفحته على تويتر، تمنى فيها “على وسائل الإعلام ورجال السياسة أن يوقفوا استعمال كلمتي “الثنائي الشيعي” للإشارة الى حزب الله وحركة أمل. وكأنكم تريدون اختصار الطائفة الشيعية بالحزبين. وهذا وصف مستفز للكثير من الشيعة الذين هم خارج هذه الثنائية. الحزبان لديهما تسميتاهما فاستعملوهما حزب الله وحركة أمل”. هذه التغريدة تعتبرها المصادر مؤشرا بالغ الدلالة الى مدى الامتعاض داخل البيئة الشيعية من الحال التي اوصل ثنائي امل والحزب البلاد اليها بعدما استنفد طاقات شبانها في حروب الاخرين من سوريا الى العراق واليمن لمصلحة عرابه الايراني الذي يبرم اليوم التسويات مع من يشن عليهم نصرالله وقيادات الحزب حملاتهم الشعواء سائلين عن ثمن دماء الاف الشباب الذين جندهم في هذه الحروب.

وتضيف، الى حجم التململ الذي تجلى بوضوح ابان ثورة 17 تشرين داخل هذه البيئة، ولو ان اساليب القمع والتهديد نجحت لاحقا في تخفيف وهجها، ومصير المفكر لقمان سليم ما زال حاضرا، تتحدث المصادر عن امتعاض كبير من الحال التي تعيشها هذه البيئة حيث بلغ مستوى الفقر حدا غير مسبوق نتيجة الغلاء الفاحش لا سيما اؤلئك الذين لا ينتمون الى الثنائي ولا يتلقون مساعدات مالية وعملة خضراء.

واقع الحال هذا، يشكل عنصر ضغط اساسيا على الحزب والحركة حملهما على مراجعة سياسة تعطيل المؤسسات الذي تسبب بأذى مباشر على بيئتهما عشية الانتخابات، التي تعتبرها المصادر العنصر الاساس في هذه المراجعة غير المسبوقة، خشية انعكاساتها القاتلة انتخابياً، ولولا الاستحقاق المصيري هذا لما تحسس “ثنائي التعطيل” معاناة شعبه واوجاعه ولا همه المعيشي، وتاريخه يشهد.

اترك تعليقًا