لأجواء الإيجابية التي أشاعها الاتصال المشترك الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان برئيس الحكومة نجيب ميقاتي والاتفاق على معالجة الأزمة اللبنانية مع دول مجلس التعاون الخليجي، ورغم ما لاقاه من أصداء لدى معظم القوى السياسية، لكنه لم يغيّر شيئاً بعد من سياسة التعطيل لجلسات مجلس الوزراء ما لم يتخذ هذا المجلس قرارا يطلبه فريق سياسي محدد بقبع القاضي طارق بيطار، وبالتالي فإن هذه العقدة تبقى قائمة حتى إشعار آخر خاصة في ظل الحديث عن حصانة دستورية يحظى بها بيطار تمنع الحكومة من اتخاذ قرار بإقالته.
توازياً، أشارت مصادر حكومية عبر “الانباء” الالكترونية الى إطالة في أمد الازمة الحكومية في ظل إصرار حزب الله ومعه حركة أمل على مقاطعة أية دعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء لا يكون على جدول أعمالها إقالة بيطار، كاشفة ان رد الرئيس ميقاتي هو دائماً عدم استعداده للتدخل بالقضاء وأنه مع مبدأ فصل السلطات، وهذا الموقف سبق له ان عبّر عنه منذ بداية الأزمة ولا يمكنه التراجع عنه خاصة وأن هناك قوى سياسية وازنة متمسكة بمتابعة القاضي بيطار تحقيقاته في انفجار المرفأ وكذلك أهالي الضحايا الذين يرفض ميقاتي ان يضع نفسه بمواجهتهم.
المصادر الحكومية استبعدت بذلك عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية السنة، متوقعة الاستعاضة عنها بالمراسيم الجوالة.
وفي سياق متصل، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «انّ الامور ما زالت في مربع التعطيل، وليس في الافق حتى الآن ما يوحي بحلحلة، على الرغم من انّ لقاء جدة القى على الحكومة مسؤولية ان تلعب الدور الاساس في ترجمة ايجابيات، سواء ما خصّ الازمة الداخلية او ما خصّ العلاقة المقطوعة مع السعودية ودول الخليج».
ولفتت المصادر الى انّ رئيس الحكومة سيكثف مشاوراته في هذا الاتجاه، الّا انّه لن يبادر الى دعوة الحكومة الى الانعقاد في ظلّ الخلاف القائم، وهو وإن كان يأمل بأن يستثمر لبنان على الايجابيات التي تمخض عنها لقاء جدة، وهذا يوجب بالدرجة الاولى الاتفاق الداخلي على اعادة انعاش الحكومة واطلاق عملها بما يمكنها من تحقيق ما هو مطلوب منها، لترجمة المناخ الايجابي بما يخدم مصلحة لبنان، ذلك انّه طالما انّ الحكومة معطّلة فإنّه يخشى من ان يتبدّد كل المناخ الايجابي، وبالتالي لا يجوز ان تبقى الحكومة قائمة شكلاً ومشلولة فعلاً. وهنا يبرز رهان رئيس الحكومة على حكمة الاطراف السياسية وتوجّهها الى بذل جهد استثنائي يحقق انفراجة حكومية تعيد اطلاق جلسات مجلس الوزراء.
وعلى ما يقول مقرّبون من الرئيس ميقاتي، فإنّ «الضرورات الداخلية باتت تتطلب القفز فوق اي مصالح سياسية او شخصية، واقتناص الفرص الإنقاذية المتاحة، وهذا يوجب تحرير الحكومة من اي قيود تكبّلها وتمنع انعقادها، وخصوصاً انّ عامل الوقت يضيق، فهو يصرّ على انّ الحكومة يجب ان تجتمع، وليس مقبولاً ان تبقى الامور على ما هي من تعطيل من شأنه ان يفاقم الأزمة ويزيدها خطورة، ومن يدفع الثمن هم اللبنانيون».
في المقابل، أكّدت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» أن لا إيجابيات توحي بحلحلة للأسباب المانعة انعقاد الحكومة. وقالت المصادر انّ الانقسام السياسي ما زال قائماً وبصورة اعمق مما كان عليه، حيال ملف التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت. لافتة الى أنّ موقف «الثنائي الشيعي» على تصلّبه حيال المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وقراره حاسم لجهة عدم مشاركة الوزراء الشيعة في الحكومة، قبل البت النهائي في مصير القاضي البيطار، والفصل في ملف التحقيق العدلي ليس لناحية إقصاء المحقق العدلي بل لناحية تحديد صلاحياته في التحقيق مع الموظفين، وعدم تجاوزها والمسّ بصلاحيات المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.