في موضوع حجم الخسائر، كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنه تمّ التوصّل الى اتفاق على رقم موحّد، وهو رقم أصغر من رقم الخسائر الذي جرى تحديده في الخطة السابقة التي وضعتها حكومة حسان دياب. هذا التطور يعتبر ايجابياً، اذا افترضنا، وهذا الأمر مُرجّح، ان الرقم وافق عليه مندوبو الصندوق الذين يتواصلون مع الجانب اللبناني. وخلاف ذلك، يصبح الانجاز منقوصاً، وقد يفقد قيمته التفاوضية، لأن المطلوب ان يكون الرقم واقعياً ويتماهى مع الخطة الانقاذية التي سيتمّ التوافق عليها مع الصندوق لتبنّيها وتمويلها. لكن، وبما أن رئيس الوفد اللبناني في المحادثات سعادة الشامي، صاحب خبرة في التعاطي مع الصندوق، بالاضافة الى حرفية (professionalism) كل من وزير المال يوسف الخليل وحاكم المركزي رياض سلامة، من البديهي الاستنتاج ان الرقم الموحّد المتعلق بالخسائر في القطاع المالي قد حظي بموافقة مبدئية من الصندوق.
الملاحظة الاساسية ان الجانب اللبناني خفّض رقم الخسائر، رغم مرور حوالى 20 شهرا على صياغة الخطة السابقة، بما يعطي فكرة عن مقدار المبالغة الذي اعتمدته حكومة دياب في هذا الاتجاه.
وعلى عكس ما يُنظّر به البعض، للادعاء ان الخسائر تراجعت في هذه الفترة بسبب ما يعتبره الاعيب تسديد القروض، وخفض حجم الودائع المصرفية، فإنّ الخسائرالحقيقية ارتفعت، لأن الفجوة اتسعت، وقد أنفقنا خلال العشرين شهراً اكثر من 16 مليار دولار حقيقية كانت موجودة في المصرف المركزي وفي المصارف.
وفي موازاة الانتهاء من اشكالية تحديد الخسائر، جرى تسجيل خرق جديد على مستوى توزيع هذه الخسائر، لكي تصبح أي خطة انقاذية، واقعية وقابلة للتنفيذ. وتمّ تبني مبدأ التراتبية في تحمّل المسؤولية وفقاً للترتيب التالي: الدولة، مصرف لبنان، المصارف والمودع. لكن الاقرار اخيراً بهذه التراتبية لم يترافق حتى الآن مع موافقة على توزيع الخسائر وفق هذه التراتبية، وهنا بيت القصيد. اذ من دون انشاء صندوق لادارة اصول الدولة، والافادة من عائداته لسد جزء من فجوة الخسائر، فهذا يعني ببساطة ان الخسائر سيتحمّلها المودع بنسبة كبيرة جدا. وفي المعلومات ان الحكومة، وربما بضغط من اطراف سياسية مؤثّرة، ترفض هذا الاقتراح.
تجدر الاشارة الى ان هذا الحل قد يُعتمد في الحالتين، أي سواء وافقت الدولة على تحمّل جزء من الخسائر ام لا. لكن الفرق بين الحالتين، يتعلق بنقطتين: سعر الصرف الذي سيُعتمد لتحويل الودائع الدولارية الى الليرة. والمدة التي سيتم تحديدها للسماح للمودع بسحب وديعته بالكامل. وهذا ما يفسّر ربما، اصرار المركزي على الابقاء على سعر الصرف الرسمي كما هو (1507)، وعلى ابقاء سعر السحب كما هو ايضاً. اذا اعتمد سعر السحب الحالي (3900)، لتحويل الودائع، ستكون نسبة الهيركات وفق سعر الدولار الحالي في السوق الحرة، حوالى 85%، في حين اذا اعتمد سعر الصرف الرسمي، سترتفع نسبة الهيركات الى حوالى 95%. اما اذا اعتمد سعر السحب الوارد في التعميم 158 (12 الف ليرة) ستنخفض نسبة الهيركات الى حوالى 48%.
ومن غير المستبعد ان يتم اعتماد اكثر من سعر صرف لتحويل الودائع، بحسب حجمها، وبعد تقسيمها الى 3 أو 4 فئات.