الخبر بالصوت

جاء في “المركزية”:

بعد مرور عشرة أعوام ونيف على اندلاع الحرب السّورية، لا تزال أزمة النازحين في لبنان من دون حلّ. فالبلد الذي يستضيف أكثر من مليون ونصف نازح، وهي أكبر نسبة في​العالم قياساً بمساحته وعدد سكانه، يرزح اليوم تحت أثقال همومه الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية… ويُعدّ لبنان من أكثر دول جوار سوريا تضرراً من النزوح إلى أرضه، وبات اليوم عاجزاً عن تحمّل المزيد من الأعباء الناتجة عنه، وهذا ما عبّر عنه رئيس الجمهورية ميشال عون عندما قال أن البلد “وصل إلى مرحلة الإنهاك نتيجة تداعيات هذا​النزوح”، خصوصاً أن كلفته بلغت نحو 46 مليار دولار بعد عقدٍ على اندلاع الحرب وفق التقديرات الرسمية، مقابل دعم دولي لم يتخطَّ الـ8.7 مليارات دولار. 

صرخات الاستغاثة الرسمية لمساعدة لبنان لم تتوقف، إلا أن المجتمع الدولي صمّ آذانه كلّ وفق مصالحه الخاصة، ولم يُحسن لبنان استخدام النزوح كورقة ضغط عليه، رغم أن الغرب والدول الأوروبية تحديداً تعيش رهاب وصول النازحين منه إلى شواطئها. 

فقط روسيا بادرت إلى إطلاق مساعي للمساعدة على عودة النازحين بعد استتباب الأوضاع في سوريا. فوسّعت مروحة اتصالاتها لهذه الغاية، لكن تبينّ أن مبادرتها لم تحظ بالدعم اللازم من دول غربية وعربية أدوارها وازنة في الملف، حتى أن بعضهم وضع شروطاً للمطالبة بحل شامل للأزمة. كذلك، اعترضت مواقف مسؤولين عرب المبادرة بعد أن وجدوا فيها خطوة لخدمة النظام السوري، كونها لم تضع آلية للتنفيذ ولم يبادر النظام الى خطوات إيجابية وعملية لعودة النازحين. 

وفي الإطار فشل مؤتمر العام الماضي الذي انعقد في دمشق وشاركت روسيا في تنظيمه لمحاولة فتح الملف بجدية. فقد دعَت الولايات المتحدة الأميركية آنذاك الى مُقاطعته، واعتبر سفيرها لدى الأمم المتحدة أن “من غير المناسب بأن تشرف روسيا عليه بما أنها من الداعمين للرئيس السوري بشار الأسد”. 

أما حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فلم يتسن لها طرح الملف على طاولة البحث، إذ ما إن تولت مهامها حتّى تم تعطيل اجتماعاتها. وكان برنامجها اشار إلى قضية النازحين بفقرة مقتضبة، تأكيداً على مُتابعة العَمل على عودتهم الآمنة إلى بلادهم وتعزيز التواصل مع المُجتمع الدولي للمُساهمة في مواجهة أعباء هذا النزوح، وتنفيذ الورقة السياسة العامة للعودة التي أقرتها حكومة الرئيس حسان دياب في تموز 2020، من دون أن توضع موضع التنفيذ. 

وتنقل قوى سياسية عن مسؤولين روس تقديم نصح للبنان بعقد مؤتمر دولي لوضع خطة تؤمن العودة برعاية دولية بعد أن أصبحت مؤاتية مع توقّف الحرب في معظم المناطق السورية، فبات السوريون قادرين على العودة بإشراف دولي وفي ظروف آمنة، من دون أن تتم أيضاً ملاحقة العائدين من قبل النظام. مصادر دبلوماسية مطّلعة تكشف لـ”المركزية” أن ما من  بوادر لعقد مؤتمر وسبق للبنان أن أبلغ روسيا عدم قدرته على تنظيم حدث كهذا بسبب التكاليف المالية الكبيرة التي يحتاجها. كما أن الموضوع يتطلب اتفاقاً دولياً فمن دون ضمان مظلّة الأمم المتحدة وأميركا لن يعقد، دائماً حسب المصادر التي توضح أن الروس يجهّزون لاجتماع اللجنة الدستورية في 21 الجاري في جنيف، كذلك يبغون عقد لقاء في أستانة قبل نهاية العام على أن يكون التمثيل على مستوى وزاري لبحث الموضوع السوري. 

على خطّ آخر، وفي حين كانت روسيا دخلت على خطّ مساعدة لبنان للخروج من أزمته الدبلوماسية مع السعودية ودول الخليج، وهو طلب كان نقله رسمياً وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، برزت أمس استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، تجاوبا مع تمن فرنسي قبل لقاء مرتقب بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتؤكّد المصادر نفسها أن الروس لم يتّخذوا بعد موقفا من هذه التطورات، ناقلةً عنهم رضاهم على خطوة قرداحي على اعتبار أنه كان يجب إعلانها سابقاً. وستتابع موسكو مساعيها لحلّ الأزمة اللبنانية-الخليجية، خصوصاً أن مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف عاد أوّل من أمس من زيارته إلى إيران لبحث هذا الملف.

اترك تعليقًا