اعتبر الرئيس أمين الجميل أن “الأحداث تتوالى وفق مخطط جهنمي محبوك ومحكم وهادف لاركاع لبنان”، مشيرا الى ان “الانحدار السريع مع أنشطة مشبوهة وحركات تأسيسية متصاعدة تنشط في المنطقة وتنبىء بمخاطر داهمة، يخشى معها أن يكون لبنان، الخاصرة الرخوة والحلقة الضعيفة، ضحيتها”.
ففي الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد الوزير بيار أمين الجميل، افتتحت عصر اليوم، “حديقة بيار” جانب البيت المركزي في الصيفي، خلال احتفال بعنوان “15 سنة وصوتك باقي فينا”، شارك فيه الرئيس الجميل وعقيلته جويس، رئيس حزب الكتائب سامي الجميل وعقيلته كارين، الوزير السابق الان حكيم، النواب السابقون: ايلي ماروني، فارس سعيد، غطاس خوري، سامر سعاده، فادي الهبر، الياس حنكش، محافظ بيروت مروان عبود، نائبا رئيس حزب الكتائب سليم الصايغ وجورج جريج والامين العام سيرج داغر، نقيب المقاولين مارون حلو، المطران جورج صليبا، باتريسيا بيار الجميل ونجل الشهيد أمين الجميل، نيكول الجميل، الاخت ارزة الجميل، الدكتور فؤاد ابو ناضر، الاب ايلي مظلوم، أعضاء المكتب السياسي والمجلس المركزي في الحزب ورفاق الشهيد بيار.
في مستهل حفل الإفتتاح، أزاح الرئيس الجميل ومحافظ بيروت ورئيس حزب الكتائب ونجل الشهيد الستار عن النصب، ثم قال محافظ بيروت: “لحظة مؤثرة أن أقف على المنبر لأفتتح حديقة بيار الجميل، هذا الشاب الذي تعرفت إليه منذ 20 سنة وأحببته، أحببت الأخلاق ورأيت فيه الشاب الواعد. ولم أكن أتخيل أن يستشهد بيار، وأصبح أنا محافظا لبيروت”.
أضاف: “نعيش في مدينة لا تشبه باقي المناطق في العالم، نحن في لبنان لا نعيش الراحة التي يعيشها الناس في البلدان الأخرى ولكننا نعرف اننا في الشرق نعيش في نضال مستمر”.
وتابع: “عرضتم تاريخ لبنان منذ الاستقلال ورأينا كم كان صعبا، فلبنان لم يعرف سنة هدوء بل حروبا ودمارا وبقاؤنا هو نضال”.
وأردف: “لكل من يريد اغتيال رجالاتنا وقياداتنا نقول له سننجب يوميا قادة ورجالا وسنزرع أرضنا سنديانا ولن نستكين ولو امتلأت الجدران صورا للشهداء”.
وختم: “حديقة الشهيد بيار الجميل ستكون عنوانا للحوار ومنبرا لكل المثقفين ولكل من يريدون العطاء في بيروت، ستكون منتدى بيار الجميل، والبلاد التي فيها شهداء مثل بيار الجميل لا تخافوا عليها”.
بدوره، قال الرئيس الجميل: “حديقة بيار واحة أمل وتأمل، نضيء في رحابها شمعة، بدل أن نلعن الظلام الدامس الذي لف لبناننا الغالي. خمس عشرة سنة انقضت على استشهاد بيار، وشمعته لما تزل مضيئة ترمز الى قضية وطن وآمال شعب. الاحتفاء اليوم هو في ساحة الشهداء بالذات، في المكان ذاته الذي جمع بيار ورفيق وجبران وسمير، كأنه قد اكتمل الآن النصاب السيادي. فهي الساحة حيث التقت الكتائب والنجادة عام 1943 لمواجهة الانتداب الفرنسي والمناداة جهارا بالاستقلال والسيادة. وهي الساحة ذاتها حيث سقطت منذ 84 عاما أول نقطة دم من جبين بيار الجميل، الرئيس المؤسس، فكانت هي الشعلة – الاشارة عام 1937 لنضال طويل وجامع يؤسس لاستقلال لبنان”.
أضاف: “ان الاحتفاء اليوم في ساحة الشهداء يعني أن نضال الشهداء لا يعرف التعب، لا يعرف الملل، لا يعرف الكسل، بل يبقى وجه النضال بهيا لا تنال منه التجاعيد، لا ينحني منه رأس، مهما تعاظمت الأثقال، ومهما توالت السنون. الشهادة لا تموت بأقدمية، ولا تنقضي بمرور زمن”.
وتابع: “أنتهزها مناسبة لأتوجه بالشكر الى سعادة محافظ بيروت الرئيس مروان عبود، ورئيس مجلس بلدية بيروت السيد جمال عيتاني وأعضاء مجلسه، والى كل من ساهم في احياء هذا الانجاز الوطني الذي، برمزيته يجذر في الذاكرة اسطورة شهداء الوطن الذين غابوا من أجل أن يبقى لبنان واحة حرية وقيم، ورسالة انسانية بكل مراميها. وأخص بالشكر أيضا مصمم النصب السيد كريم شعيا، الفنان المبدع الذي صاغ بمخيلته وفكره محيا بيار وأحاسيسه الوطنية. كما أتوجه بالشكر لكل من واكب هذا العمل وأخص المهندس عماد الخطيب الذي أشرف ونفذ المشروع في ظروف قاسية، والنقيب المهندس مارون حلو، والصديق سامي متى، وكل جندي مجهول أضفى بعمله زهرة في باقة حديقة بيار”.
وأردف: “إن أنسى، لا أنسى شكر الرئيس سعد الحريري الممثل بيننا بالدكتور غطاس خوري والذي أعطى منذ سنوات الضوء الأخضر الرسمي لإطلاق مشروع الحديقة تخليدا لذكرى صديقه بيار”.
وقال: “حديقة بيار مساحة خضراء لبيروت، وكم أحوجها اليها. بيروت الذاكرة الجميلة، وبيروت الذكرى الأليمة. بيروت الاستقلال، وبيروت الاحتلال. بيروت الواحة، وبيروت الساحة. بيروت الجميزة والبسطة معا. بيروت الهادئة وبيروت الثورة، بيروت الخارجة من وجع 4 آب، وبيروت الداخلة في خلاف على الحقيقة. بيروت المسموح لها أن تدفن القتلى، والممنوع أن تعرف القتلة. بيروت المسموح لها أن تبكي، والممنوع أن تشتكي، وبيروت اليوم شاهدة على التحلل القائم. فهل هي صدفة أن يسقط لبنان قطاعا بعد قطاع؟”.
أضاف: “سقط لبنان النظام المصرفي، سقط لبنان النظام المالي، سقطت الليرة. سقط لبنان الاستشفاء، لبنان مستشفى العرب. سقط لبنان الثقافة، لبنان جامعة العرب. سقط لبنان الديبلوماسي، لبنان العلاقات العربية والغربية. سقطت القيم، وكاد أن يسقط القضاء. أما ما أصاب المؤسسات الدستورية والإدارة العامة، فحدث ولا حرج. إن هذا السقوط لا شك مسند الى تخطيط ممنهج لقيام لبنان آخر يحاكي عفاريت جهنم، ذلك على أنقاض لبنان التاريخ، لبنان الانسان، لبنان الحضارة”.
وتابع: “في بعض الأمر كل العجب، بالتأكيد ليست مجرد صدفة، بل هذا الكم من الأحداث يتوالى وفق مخطط جهنمي محبوك ومحكم وهادف لاركاع لبنان؟ هي احداث تسقط على البلد دفعة واحدة. من تعطيل الديمقراطية بما يعنيه من إلغاء لبنان الدولة، وهذا ليس تفصيلا. الى الافلاس وإفقار الشعب لدرجة التهجير والتجويع، وهذا ليس بريئا. الى عزل لبنان عن محيطه العربي والدولي وهذا ما يشكل نهجا خبيثا لمشروع مكيافيلي يتحقق تباعا على حساب الكيان الوطني، وعلى حساب رسالة لبنان ومستقبل الشعب اللبناني في بلد تشل فيه قدرة الناس على الصمود والمقاومة”.
وأدرف: “يتزامن هذا الانحدار السريع في لبنان مع أنشطة مشبوهة وحركات تأسيسية متصاعدة تنشط في المنطقة وتنبىء بمخاطر داهمة، يخشى معها أن يكون لبنان، الخاصرة الرخوة والحلقة الضعيفة، ضحيتها، خاصة بغياب المحاور اللبناني الشرعي القادر أن يقول لا باسم دولته وشعبه، وأن يجسد حلم أبنائه بدولة القانون والحرية”.
وقال: “لم نعد نعرف أين التقاعس أو الجهل أو التخاذل، وأين حدود التبعية والارتهان؟ فمن حق الشعب أن يتساءل، أو يخاف، المواطنة لا تكون إلا على أساس الولاء المطلق للبنان. فكما لا إشراك في الدين، لا إشراك في المواطنة، وعندما يسقط الولاء من الوجدان والضمير والخطاب، تسقط حكما المواطنة، وننتقل الى فلسفة وجودية أخرى، الى جسم غريب، الى وطن آخر لا يشبه لبنان”.
أضاف: “منعا من الوصول الى هذا الجحيم، كان نضال بيار المؤسس، وكان استشهاد بيار الحفيد وأمثاله من الذين سبقوه أو تبعوه. ويبقى النضال معقودا على كل القوى السيادية وفي مقدمها حزب الكتائب اللبنانية بقيادته الفتية الشجاعة برئاسة سامي الجميل. وفي الوطن الصعب، يبقى الارث الصعب مستمرا، وثقافة بيار النضالية تنتقل طوعا الى ولديه أمين والكسندر”.
وتابع: “الحلم باق والإرادة صلبة، لا تراجع، لا مساومة رغم كل التحديات والاغراءات والترغيبات والتهديدات، فدم الشهداء أمانة في الأعناق وحصانة مانعة لكل أشكال الهدر في الوطن. أوقفوا التسويات يا أيها الممسكون بمقدرات البلاد، فالتسويات شكل من أشكال التخلي والاستسلام”.
وختم: “عذرا، لكن صرختي صرخة وجع تؤلمني وتؤلم كل لبناني مؤمن بوطنه. صرختي دعوة لأن اتحدوا، فلا دين يميزنا، ولا سياسة تمزقنا، ولا فرز يفرقنا، الخطر واحد، ولبنان يكون أو لا يكون، ولن نستكين قبل أن يكون. لبنان الوطن، لبنان الدولة، لبنان الشراكة، لبنان الحاضن لأبنائه، الجاذب لهم الى الديار، الراجعون الى نوره، لا الهاربون من ناره. و”حديقة بيار” تمثل الحافز والأمل بلبنان الجديد. فلتكن ملتقى لجميع اللبنانيين، من مختلف الانتماءات والمذاهب والمناطق، فلتكن “حديقة بيار” حديقة لبنان الأبي في بيروت الخالدة”.