كتبت ليليان خوري عبر موقعنا:
هل اصبح لبنان يحتاج الى طائف من نوع آخر بينه وبين السعودية؟ فما زال النقاش اللبناني السعودي محتدماً وملتهباً خصوصا بعد التصعيد الكلامي الذي اوردته صحيفة عكاظ الرسمية في وصف المسؤولين اللبنانيين بورق التواليت؟
الدخول في تحليل هذا الوصف على قساوته واستغرابه سيما في استخدام لغة خشبية استعلائية غير مألوفة في العمل السياسي والديبلوماسي بين البلدين. فاستخدام هذه المفردات لا تليق بدولة شقيقة وغير مستحبة بين الدول العربية وبالأخص من المملكة التي تتبوأ مكانة تاريخية وعاطفية في قلوب اللبنانيين من الطائفة المسيحية كما المسلمة خصوصاً مع وقوف المملكة الدائم الى جانب لبنان في اوقاته المرّة والحلوة على حد سواء فدخلت بذلك عمق وجدانهم بحيث اضحوا يبادلوها المحبة والوفاء في كل الأوقات والظروف.
الغوص في عمق الخلاف المستجد بين الشقيقين اللبناني والسعودي والرغي في العتاب والتهجّم من كلا الطرفين لن يفيد احداً لا بل ان استخدام المفردات القبيحة والتهجمية من الطرفين تراكم الوضع وتسهم في بناء الحواجز بينهما.
الوضع الآن بحاجة الى حوار جدي بين الطرفين وزيارة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام ذكي أمس الاثنين الى لبنان لمعالجة ذيول هذه الأزمة التي وان كانت ظاهرياً بسبب تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي وكلام وزير خارجيتها السعودي فيصل بن فرحان منذ فترة دليلٌ واضح على ان الجفاء السعودي تجاه لبنان تراكمي وان قلوبهم مليانة وورمانة عتب وزعل وخيبات، ومشكلتهم الكبرى كما عبر الوزير تكمن في وجود حزب الله وهيمنته على الحياة السياسية الداخلية وتأثيراته السلبية في علاقة لبنان مع الخارج وبالأخص اشقائه العرب.
المطلوب اليوم من السلطة اللبنانية ان تطمئن المملكة من هواجس تعتري علاقتها بلبنان لجهة ضبط كل الثغرات التي تؤثر سلباً على متانة العلاقة بينهما خصوصاً لجهة ضبط تصدير الممنوعات الى السعودية والتي بدورها تحمي صورة لبنان وتنقيه من شوائب وفلتات وعمليات خاطئة ومؤذية تسيء اليه اولاً في سمعته وصيته وبالتالي علاقته مع الآخرين فكيف اذا كان هذا الآخر شقيق للبنان.
من المستحب اليوم ومن الملّح ايضاً تغليب لغة العقل والروية في المخاطبة الإعلامية فلا تنبري اقلام اعلامية من الجهتين الى تسعير الخلاف وصب الزيت على النار . فالمسألة لا تتعلّق بعدد المغتربين اللبنانيين في السعودية وقد حيدتهم المملكة اصلاً في خلافها مع لبنان بل المسألة تتعلّق بآواصر اللحمة والتآخي بين البلدين والعلاقة التاريخية النقية التي تجمع بينهما وهي اغلى من اي منفعة مالية او وظيفة يكسبها اي لبناني في المملكة والتمسك بهذه العلاقة اغلى واعمق من اي مكسب مادي مع الدول العربية كافة والمملكة العربية السعودية خاصة.
افسحوا المجال للعقلاء من البلدين لحل هذه الأزمة فما بين المملكة ولبنان لا يحتاج الى وسطاء وان كان كل سعي لعودة ميمونة في العلاقات بين البلدين مرحّب به. المهّم توّفر الإرادة الطيبة وفتح القلوب وتنقيتها من اي خبث وحقد وشرح كل الهواجس والمآخذ ووضع حجر الأساس لأي علاقة مستقبلية على مدماك صلب وقوي لا يهتز مع كل لفحة هواء تأتي في غير مكانها او تصريح من مرتفع جوي ثقيل يقلب موازين الطقس ويخرب دوزنة ميزان الحرارة العاطفية بين البلدين.
المقالات المُذيّلة بأسماء كاتبيها تُعبّر عن آرائهم الخاصّة، ولا تتبنى بالضرورة ادارة الموقع مضمونها، كما أن أي عملية نسخ ونشر من دون ذكر المصدر ستعرض صاحبها للملاحقة القانونية.
خاص موقع “ML”