جاء في كلمة وزير المالية يوسف الخليل في افتتاح لقاء بعنوان “قانون الشراء العام في لبنان: الدروس المستفادة والخطوات المستقبلية لإنجاح المسار الإصلاحي” أن:
” يشرّفني أن أتواجد معكم اليوم في مجلس النواب اللبناني لافتتاح هذا اللقاء حول قانون الشراء العام والخطوات المستقبلية لإنجاح مساره الإصلاحي. ويسعدني أن يشارك فيه هذه النخبة المميزة من الخبراء الدوليين من المؤسسات المرموقة التي لها باع طويل في مساندة الدول في إصلاح أنظمة الشراء العام.
اسمحوا لي أولا أن أنوّه بالجهد التشريعي الذي قام به مجلس النواب للوصول إلى إقرار قانون شراء عام عصري لطالما انتظره لبنان وطالب به المجتمعين اللبناني والدولي من أجل تأمين أعلى درجات الفعالية والشفافية في إنفاق المال العام.
تأتي مشاركتنا اليوم للتأكيد على التزام وزارة المالية بهذا الجهد الإصلاحي على المستوى الوطني، كون الشراء العام هو في صلب العمل المالي للدولة، ويرتبط ارتباطا وثيقاً بتخطيط التزاماتها عند وضع الموازنات العامة وعند تنفيذها، وهو شرط من شروط تحقيق التصحيح المالي واستعادة النمو الاقتصادي، لاسيّما في ظلّ الوضع المالي الدقيق الذي يمرّ به لبنان.
لقد كلَفت وزارة المالية معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي تنسيق هذه العمليّة الإصلاحيّة المُعَقَّدة. اختارت الوزارة أن نبدأ من المعطيات بتنفيذ مسح MAPS وهو مسح تقييمي شامل دام أكثر من عام ونصف بالشراكة مع المعنيين في الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
شكّل المسح نقطة الانطلاق المتينة وبيّنت البراهين والمعطيات العلمية مدى عمق الفجوة بين المعايير الدولية والأطر القانونية والمؤسسية الناظمة للشراء العام وشفافية وتنافسية السوق ومخاطر الفساد والتواطؤ وغيرها من المحاور.
بموازاة ذلك، انطلق العمل التقني على مضمون قانون الشراء العام الذي أقرّه مجلس النواب في 30 حزيران 2021.
الجدير بالذكر أن العمل على مضمون القانون بدأ من دون أي دعم خارجي وبخبرات وطنية متنوعة ومتكاملة في الاقتصاد والشراء العام والقانون، وقد استقطب فيما بعد، لجديّته ومهنيّته والمنهجيّة التشارُكيّة التي اعتمدها، اهتمام المؤسسات الدوليّة التي قدّمت مشكورة المشورة التقنية وأذكر منهم البنك الدولي ومبادرة SIGMA المشتركة بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة OECD ووكالة التنمية الفرنسيّة.
حكومتنا التزمت في بيانها الوزاري متابعة تنفيذ قانون الشراء العام وسمته تحديدا في نص البيان لأهميته وقناعتنا بالحاجة الملحة لانتظام العمل في هذا المجال وتصحيح الممارسات التي أدّت إلى هدر مئات ملايين الدولارات سنوياً، وأدت إلى تدهور الخدمات العامة وجودتها، وفقدان الثقة.
نحن، في وزارة الماليّة اللبنانيّة ملتزمون أن نُكمل ما بدأناه مع الشركاء الدوليين، وأدعو الشركاء الآخرين اليوم لتقديم كلّ الدعم لمواصلة تقدم هذا المسار وتثمير الجهد المبذول لاسيما وأن التحضير لتنفيذ القانون هو عمل طويل ومضني ومُكلف ويقتضي تضافر الجهود لإنجازه وإلا لن يدخُل قانون الشراء العام حيّز التطبيق في المهلة المحددة له أي في تموز من العام 2022 ولن نتمكن من الوصول إلى الهدف وهو وضع القواعد التي تطمئن المانحين والممولين والقطاع الخاص وتؤكد لهم أننا نسير في الطريق الصحيح.
هذا القانون تميّز بمنهجيته والشكر الكبير لمجلس النواب واللجنة الفرعية التي ترأسها الوزير جابر والسادة النواب أعضاء اللجنة الذين بذلوا جهداً مميزاً لإقراره وفي ظروف صعبة جداً مرّت بها البلاد وخصوصاً بعد تدمير البرلمان من جراء انفجار مرفأ بيروت. الشكر الكبير لكم ولفريق العمل لإنجاز قانون عصري يشمل كلّ الجهات الشارية ويؤمن الأطر الحديثة للرقابة والتدقيق والشكوى والمراجعة وفق المعايير الدولية المنصوص عليها في قانون اليونيسترال النموذجي والتوصيات الدولية لاسيما توصية مجلس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الـ OECD.
ينتظرنا في المرحلة المقبلة إقرار الاستراتيجية الوطنية لإصلاح الشراء العام في مجلس الوزراء وخطة العمل التي وضعت لتكون خارطة طريق تحدد الأولويات والمسؤوليات وتتيح متابعة التنفيذ ورصد التقدّم من قبل كافة الأطراف.
لكننا في وزارة الماليّة وفي المعهد لا ننتظر هذا الاستحقاق بل نعمل وبتوجيه من رئيس الحكومة على أكثر من محور، وسنحرص فور عودة الحكومة إلى الاجتماع، على إقرار هذه الوثيقة ووضع الخطوات التنفيذية التي أُدرجت ضمنها موضع التنفيذ بالشراكة معكم حيث أنّ الدعم الفنّي والمادي أساس لتنفيذ مكونات هذه الاستراتيجية.
ختاماً، كل الامتنان لجهود مجلس النواب في متابعة تنفيذ قانون الشراء العام، خصوصا النائب الصديق الأستاذ ياسين جابر والسادة النواب المساهمين في هذا الجهد.
كل الامتنان والتقدير للأمانة العامة لمجلس النواب، بشخص الأمين العام الأستاذ عدنان ضاهر، على الدعوة الكريمة لهذا اللقاء.
الشكر لممثلي المؤسسات الدولية الحاضرة إلى جانبنا اليوم والسيدات والسادة المحاضرين الكرام ولمعهد باسل فليحان المالي والاقتصادي ممثلاً برئيسته السيدة لمياء المبيض بساط وفريق العمل المميز، وكذلك لمؤسسة Westminster للديمقراطية مُنظِمة هذا اللقاء”.