يخطئ من يحتسب خسائر الأزمة مع دول الخليج العربي، من خلال ارقام الصادرات والتحاويل والعمالة فحسب، فلم تبلغ الأزمة الحد الاقصى بعد، ومن غير الواضح السقف الذي يمكن ان تبلغه الاجراءات.
فالأضرار يمكن ان تذهب الى مدى أبعد، ومنها على سبيل المثال: مسألة إنجاح التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج انقاذي ينتشل البلد من أزمته العميقة.
صحيح ان الخسائر المرتبطة بالشق التجاري بكل تفرعاته مهمة وحيوية، لأن سوق الخليج يستوعب لوحده نصف الصادرات اللبنانية تقريبا، لكن لا يمكن التقليل من أهمية الاضرار التي قد تصيب ملف الانقاذ. اذ من المعروف ان اي اتفاق مع صندوق النقد لا يكفي مالياً لإخراج لبنان من أزمته، وان التعويل هو بشكل اساسي على الاموال الاستثمارية التي قد تدخل الى البلد بعد توقيع الاتفاق مع الصندوق، فمن المسلّم به ان اهمية الاتفاق مع صندوق النقد تكمن في الثقة التي يمنحها لتشجيع قدوم الاستثمارات.
ففي حال أحجم المستثمرون الخليجيون عن مواكبة الخطة والمجيء للاستثمار في لبنان، سيفقد لبنان القدرة على اعادة احياء مؤتمر “سيدر” المخصّص لتنفيذ مشاريع في البنى التحتية، لأن حصة دول الخليج، لا سيما المملكة العربية السعودية، في تأمين التمويل للمشاريع الواردة في “سيدر” كبيرة جداً. وبالتالي، فإنّ استمرار الأزمة مع لبنان يعني ان كل هذا التمويل لن يتأمّن.