بسبب تصريحات لوزير إعلامه جورج قرداحي حول حرب اليمن، أساء فيها إلى السعودية والإمارات ودول التحالف مجتمعة، وجد لبنان، الذي تحيط به الأزمات والانفجارات من كل الجوانب، نفسه في قلب أزمة دبلوماسية مع الخليج، أمس.
وحاول رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي احتواء الموقف، مردداً في أكثر من محطة، منذ مساء أمس الأول، أن تصريح قرداحي، الذي اتهم السعودية والإمارات بشن عدوان على اليمن زاعماً أن المتمردين الحوثيين يدافعون عن أنفسهم، لا يعبر عن موقف الحكومة الحريصة على أفضل العلاقات مع الدول العربية والخليجية، وخصوصاً السعودية، وكذلك تنصلت «الخارجية» اللبنانية من مواقفه، إلا أن قرداحي خرج بلهجة متحدية، رافضاً الاستقالة أو الاعتذار.
وتصدرت الكويت التحركات الدبلوماسية المنددة، بدءاً من اجتماع بين السفير الكويتي في بيروت عبدالعال القناعي ونظيره السعودي وليد البخاري جاء عقب مشاورات بين سفيري المملكة واليمن، وصولاً إلى استدعاء وزارة الخارجية الكويتية للقائم بالأعمال اللبناني في البلاد، هادي هاشم، وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية تتضمن رفض الكويت التام لتصريحات قرداحي.
وقالت «الخارجية» الكويتية، في بيان، إن تصريحات الوزير اللبناني «تتنافى مع الواقع، ولا تمتّ للحقيقة بصلة، وتتعارض مع أبسط قواعد التعامل بين الدول»، معربة عن «استنكار ورفض دولة الكويت الشديدين لتصريحات وزير الإعلام اللبناني تجاه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والتي اتهم فيها البلدين باتهامات باطلة تتناقض مع الدور الكبير والمقدر الذي يقومان به في دعم اليمن وشعبه، والتي لم تعكس الواقع الحقيقي للأوضاع الحالية في اليمن».
واعتبرت أن «هذه التصريحات تعد خروجاً عن الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية، وتغافلاً عن الدور المحوري الهام للمملكة والإمارات والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن».
كما استدعت «الخارجية» السعودية السفير اللبناني لدى الرياض، لتسليمه مذكرة احتجاج رسمية، معتبرة أن تصريحات قرداحي لا تعكس حقيقة العلاقات المميزة بين الشعبين اللبناني والسعودي.كما قامت البحرين بالمثل.
مواقف الكويت و السعودية والبحرين، إضافة إلى موقف الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجية، ستستتبع بمواقف خليجية أخرى، مما يضع حكومة نجيب ميقاتي أمام مشكلة حقيقية، وأمام خيارين؛ إما استقالة قرداحي، وإما انتظار تبعات وإجراءات قاسية، مما قد يهدد دور الحكومة وعملها، وحتى استمراريتها، خصوصاً أن قرداحي أكد موقفه، معتبراً أنه عبّر عن رأيه وأن المقابلة سجّلت معه قبل أن يصبح وزيراً، وأنه لن يخضع للابتزاز وهو جزء من حكومة متكاملة.
وكشفت مصادر دبلوماسية خليجية أن السعودية تعتبر أن موقف قرداحي يعبر عن جهات موجودة في الحكومة، وهذا دليل أن لبنان لم ينجح في تغيير سياسته الخارجية وتبني سياسة تتلاءم مع التوجهات العربية، لافتة إلى أن المملكة تعتبر أن هناك حاجة لاستقالة قرداحي.