بسرعة وليس بتسرّع أنهت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تحقيقاتها في الأحداث الدموية التي شهدتها منطقة الطيونة.
السرد الواقعي للأحداث والمدعَّم بما سجّلته كاميرات المراقبة وإفادات الموقوفين والشهود، يعطي الإستنتاج بأنّ الاشتباك الذي حصل جاء وليدة ساعته ولم يكن مخططاً له مسبقاً. تلاسن وشتائم طالت رموزاً دينية، ومن ثم اشتباك بالأيدي والحجارة وبدء اعمال شغب فإطلاق نار ومن ثم اشتعال الوضع بالرصاص والقذائف الصاروخية. وهو ما يعني انّ اللجوء الى الشارع في ظلّ حال الفقر المدقع الذي يرفع مستوى الغضب عند الناس، إضافة الى حال الحقن السياسي وما ينتج من ذلك من تشنج، والإنغماس في لعبة شدّ العصب مع الدخول في مرحلة التحضير للانتخابات النيابية، كل ذلك يُنتج مزيجاً قاتلاً من الفوضى، ويدفع الامور للإنزلاق بسرعة في لعبة الدم، مع عدم إغفال الواقع الاقليمي الدقيق الذي تمرّ فيه المنطقة، على أبواب تغييرات في موازين القوى، تمهيداً لرسم خارطة نفوذ سياسي جديد.
أولى هذه الاسئلة تبدأ من القاضي عقيقي نفسه، الذي طلب إفادة رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وهو ما أوحى وكأنّ طلبه جاء استكمالاً لإفادات جرى الإدلاء بها خلال التحقيقات. وعندما سُئل القاضي عقيقي عن النقاط التي استند اليها لإصدار قراره، كان جوابه اولاً بسبب الكلام الذي أدلى به جعجع خلال مقابلته التلفزيونية، حين تحدث عن «نصف 7 ايار» جديد. واعتبره القاضي اعترافاً تلقائياً بالمشاركة في الاشتباك. وثانياً، بناءً على ما ورد في التحقيقات بحصول اتصال بين أحد افراد مجموعة «القوات» بمقر «القوات اللبنانية» في معراب في الليلة التي سبقت الأحداث الدامية.
لكن الجواب الذي تلقّاه القاضي عقيقي، بأنّ المقابلة تضمنت مواقف سياسية لا يمكن الإستناد اليها، أضف الى ذلك، انّ الاتصال الهاتفي بمقر فيه مئات الاشخاص لا يعني بالضرورة تواصلاً مع جعجع نفسه.
والسؤال الثاني هو: هل ستحصل الانتخابات النيابية؟
رغم الشكوك التي بدأت تظهر، والتي تؤشر الى الواقع المأزوم للعديد من اطراف الطبقة السياسية وميلها للشغب، الّا أنّ القرار الخارجي لا يزال حاسماً بوجوب حصول هذه الانتخابات، تحت طائلة المحاسبة الدولية القاسية للذي سيعمد الى إرجائها. على الاقل هذا هو الموقف الدولي لغاية الآن.