نظم اليوم المعهد اللبناني لدراسات السوق، ورشة عمل بعنوان “البديل السريع والفعال لسياسة الدعم الممولة من مصرف لبنان” في فندق هيلتون – حبتور، “بالتزامن مع بدء الحديث الجدي عن ترشيد الدعم في نهاية شهر أيار الحالي ووصول العملات الأجنبية في مصرف لبنان إلى حدود الاحتياطي الإلزامي، وتوقيع وزير المالية مشروع قانون البطاقة التمويلية”. وقد ناقش المجتمعون الحلول المطروحة وكلفتها ومصادر تمويلها.
ياسين
استهل الورشة أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية والمشرف على مرصد الأزمة الدكتور ناصر ياسين، فعرض أبرز بنود الورقة التشاركية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التي شارك هو في صياغتها، موضحا أن كلفة الدعم بلغت 5,3 مليارات دولار في العام 2020 صرِفت بمعظمها على المحروقات والأدوية. وقد اقترح ياسين الرفع التدريجي للدعم عن معظم السلع وصولا إلى إلغائه، تزامنا مع تقديم مساعدات شهرية نقدية مباشرة للأسر. كما شدد على وجوب وضع خطة إنقاذية واستراتيجية كاملة تصلح للتفاوض مع صندوق النقد الدولي.
داغر
من جهتها، عرضت أستاذة الاقتصاد بالجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة ليلى داغر خطة وزارة الاقتصاد، مشددة على “أهمية استبدال دعم السلع ببرنامج تعويض نقدي مباشر للمواطنين اللبنانيين أو ما يعرف بالبطاقة التمويلية. وتهدف هذه البطاقات إلى مساعدة الفقراء بدلا من الأغنياء وتوفير الدولار للمستوردين”. واقترحت داغر “إعطاء 50$ للبالغ وـ 25$ للقاصر شهريا تصرف بالدولار الأميركي حفاظا على القدرة الشرائية ووقف تضخيم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية”. وتحدثت أيضا عن “آلية تسجيل الراغبين في الاستفادة من البطاقات على منصة مخصصة تسمح بتحديد استحقاقهم للمساعدة عن طريق معايير شفافة”.
السيد
وتحدثت كبيرة أختصاصيي البنك الدولي في مجال التنمية البشرية والحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيدة حنين السيد، والتي قادت عملية استجابة البنك الدولي للأزمة الاجتماعية في لبنان، عن العلاقة بين ترشيد الدعم وشبكات الأمان الاجتماعي، مستندة إلى تجارب الأردن والهند وإيران في عملية ترشيد الدعم، ومستخلصة زيادة نسبة التضخم بحوالى 24 بالمئة في حال رفع الدعم في لبنان. كما شددت على “ضرورة تأمين التمويل، لا سيما أن خزينة الدولة لا تمتلك فائضا في الإيرادات”. وشددت أيضا على “ضرورة أن يكون ترشيد الدعم جزءا من خطة تعافي تضعها الحكومة بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي”.
فكراجيان
ثم كانت كلمة للباحث الاقتصادي والقانوني في المعهد اللبناني لدراسات السوق كارابيد فكراجيان، الذي أوضح أن “آلية الدعم الحالية تهدر حوالي 74,000 مليار ليرة سنويا، أي ما يفوق ثلاثة أضعاف ما تنفقه الحكومة اللبنانية في السنة. ويسدد المصرف المركزي فاتورة الدعم من دولارات المودعين، والتي يتم استبدالها بالليرة اللبنانية عندما يلجأ المودع إلى سحب أمواله. هكذا تؤدي هذه السياسة إلى ارتفاع جميع أسعار السلع غير المدعومة وانقطاع السلع المدعومة”. واقترح “الرفع التام والفوري للدعم عن كافة السلع باستثناء الطحين، وإنشاء مجلس نقد يحمي الاحتياطي الإلزامي ويوقف التضخم” .
وقد فتح النقاش في النهاية مع عدد من الخبراء والصحافيين ورجال الأعمال والأكاديميين وممثلين عن المؤسسات المحلية والدولية. وقام بإدارة الحوار رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني.