ليليان خوري
هل أجهضت الطبقة السياسية اللبنانية المبادرة الفرنسية بالكامل بعدما أفرغتها من مضمونها في طبعتها الأصلية التي حملها معه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في آب ٢٠٢٠؟
وهل ما زال يملك الزائر الفرنسي ووزير خارجيتها جان ايف لودريان فرصاَ تمكَنه من تعبيد الطريق امام مبادرة فرنسا الإنقاذية التي يعوّل عليها الشعب اللبناني على الرغم من شكوكه في نجاحها وجديتها على ابتكار حلولٍ جذرية للأزمة اللبنانية لاسيَما وانه فقد ثقته المطلقة في السلطة السياسية الحالية؟
مهَّد لودريان قبل مجيئه الى لبنان بتغريدةٍ عكست بشدةٍ مواقف فرنسية مرتقبة باعتماد اسلوبٍ حاسم وقاسٍ سترفعه باريس في وجه من تصنفَهم معرقلين للتشكيل الحكومي او ممن انغمسوا بوحل الفساد .
اتى لودريان الأربعاء متسلحاً بعصًا فرنسية في وجه من عصا بنود المبادرة، ورابضاً على كاسحة الغامٍ تخوّله استخدام الأسلحة الثقيلة غير المحظورة دولياً وان على دفعات. خصوصاً، وان المبادرة باتت حاجة لبنانية وفرنسية مزدوجة تؤكد حضوراً فرنسياً شرقَ اوسطيٍ مطلوباً في ظل بوادر حلحلة دولية في العلاقات بين السعودية وسوريا والسعودية وايران واميركا وايران قد تضع فرنسا على الهامش.
اجرءات تأديبية المحت اليها الأوساط الديبلوماسية الفرنسية لموقع “ML” تعمَمت بالتواتر، وبالتكافل والتضامن بين الوسائل الإعلامية المختلفة، تندرج تحت اشكالٍ مختلفة ستعتمدها فرنسا تبعاً للحاجة القصوى.
وفق مصادر قانونية تحدثت عبر موقع “ML”، إن فرنسا قد تسعى من خلال العقوبات الى تجميد الأصول والأملاك المنقولة وغير المنقولة للمعرقلين وقد تمتد ايضاً الى الحسابات المصرفية للتحاويل وبالتالي الى الامتناع عن التعاملات المالية بالاضافة ان فرنسا قد تلجأ الى حجب اعطاء تأشيرات دخولٍ الى اراضيها.
ويضيف المصدر القانوني لموقعنا ان هذه العقوبات فرنسية داخلية لا تلزم الاتحاد الاوروبي بها، لأن بموجب معاهدة الاتحاد يتطلب الأمر اجماعاً من 27 دولة كي تصبح نافذة على الاتحاد الاوروبي ككَل وفي حال تمنَع اي دولة عن التصويت فتسقط هذه العقوبات حتماً.
على الرغم من التهويل الجاد التزم لودريان الصمت بعد زيارته رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. والإمتناع عن التصاريح اكَد المؤكد من استياء فرنسي كبير من جميع السياسيين من دون استثناء.
الملفت ايضاً في حركة لودريان الاستعاضة عن زيارة الرئيس المكَلف سعد الحريري في بيت الوسط واستقباله في قصر الصنوبر مما عُدَّ خرقاً للبروتوكول الرسمي لاسيَما وانه يلوح في الأفق بوادر عقوبات قد تطال الحريري نفسه.
الترقُب والحذر هما السائدان بين الأفرقاء السياسيين على الساحة الداخلية في انتظار ان يتأكَد المشكَكون من ورود اسمائهم على لائحة العقوبات ام لا. وكرَدٍ على التلويح بالعقوبات اعتبر مصدرٌ مقربٌ من تكتل لبنان القوي انه كان حرياً بفرنسا ان تضغط على الذين كانت تدعمهم سابقاً من دون جدوى.
في زيارته الخاطفة كان لودريان مستمعاً اكثر منه متكلَماً مع جميع الأفرقاء حتى في لقائه مع المجتمع المدني في قصر الصنوبر، التي حثته فرنسا مراراً على توحيد صفوفه في وجه السلطة.
من دون التنكَر لمفهوم المصالح الذي يحكم العلاقات بين الدول، الا ان فرنسا تحمل في الوجدان اللبناني قيمة معنوية تاريخية تحفزها على ابداء حرصٍ على لبنان من سقوطٍ قد يهدد كيانه ووجوده.
انتظر اللبنانيون من زيارة لودريان الى بيروت ان يرتفع الدخان الأبيض خلال جولاته كي يفرج عن التشكيلة الحكومية المتعثرة، بيد ان الجميع كانوا متل “الأطرش بالزفَة” فلا الطبقة السياسية فهمت لغة لودريان ولا هو استطاع ان يفهم مبررات وحجج الطبقة السياسية، وبقَت لائحة اسماء المعاقبين الموعودة لغزاً.
فهل ستفرج فرنسا قريباً عنها؟ ام سيفرج عن التشكيلة الحكومية قبلاً؟ ام سيعود لودريان الى فرنسا محملاً بخفَي حنين.؟
خاص موقع “ML”