جاء في “أساس ميديا”:
انتهت المبادرة الفرنسية. كلّ الإشارات السابقة لزيارة وزير الخارجية جان إيف لودريان إلى بيروت، وكلّ ما رشح عن حواراته، يؤشّر إلى انتهاء المبادرة الفرنسية. والدليل أنّه قال لممثلي “الثورة” في لقائه معهم: “تحضّروا للانتخابات”، ورفض الدخول في تفاصيل حكومية مع الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي، قائلاً لهما: “حاولنا… وأنت فشلتم ولتتحمّلوا مسؤولية فشلكم، فرنسا لم تعد معنية بالتفاصيل والمبادرات ولا بحلّ الخلافات بين اللبنانيين، هناك إجراءات بدأنا باتّخاذها وسنبدأ بتطبيقها”.
الوزير كان استبق وصوله بتغريدة مُهينة هدّد خلالها “بالتعامل لحزم مع الذين يعطّلون تشكيل الحكومة”، وكتب على تويتر: “لقد اتّخذنا تدابير وطنية، وهذه ليست سوى البداية”.
وفعلاً كانت لهجته حاسمة: “جئتُ أبلغكم أنّ فرنسا بذلت كل جهودها وكل ما بوسعها لتشكيل الحكومة وإنقاذ لبنان، وهي ملتزمة بتقديم المساعدات الانسانية للشعب اللبناني، وأنتم قد فشلتهم وتتحملون مسؤولية فشلكم”.
مصادر عين التينة أكّدت لـ”أساس” أنّ الضيف الغاضب “لم يتناول مع الرئيس بري مسألة العقوبات الفرنسية أو الأوروبية على بعض المسؤولين اللبنانيين، لا من قريب ولا من بعيد، بل اقتصر كلامه على أنّ المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة، وعلى ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على إنقاذ الوضع”.
وحتّى وقت متأخر من ليل أمس لم يكن قد أعلن عن زيارة لودريان إلى بكركي، “كأنّه تجاهلٌ لكلّ مواقف البطريرك الأخيرة”، بحسب مصادر كنسية. كما “حردت” بعض مجموعات “الثورة”، لأنّ الوزير الغاضب استقبل شخصيات ومجموعات دون غيرها. وشكّك بعض العاتبين بـ”أوزان” المدعويين إلى قصر الصنوبر، وبـ”ميول” بعضهم الآخر الأقرب إلى “الممانعة”، وبشرعية تمثيلهم لكلّ “المجتمع المدني” اللبناني. ورشح من اللقاء أنّ الوزير طلب من “الثوّار” التركيز على الانتخابات النيابية المقبلة، وتقديم مطلب إجرائها في موعدها على أيّ مطلب آخر قد يساهم في تأجيلها.
أوساط قصر بعبدا وزّعت أنّ لقاء الـ30 دقيقة تحدّث خلاله الرئيس عون 15 دقيقة “حول التدقيق الجنائي وضرورة حصوله كبوابة للإصلاح”. وشكا عون خلاله من سلوك الرئيس المكلّف سعد الحريري. أما في عين التينة فالاجتماع استمر 40 دقيقة. ومساءً التقى الحريري في قصر الصنوبر. وتجنب الوزير الفرنسي التصريح بعد اللقاءات كلّها.
لودريان الذي أغضب الجميع تقريباً، سلطةّ وثورةً، لم يكشف ما هي الإجراءات التي ستتّخذها فرنسا، والتي أعلن عنها في تغريدته، ولمّح إليها خلال لقاءاته. لكن من الواضح أنّنا دخلنا مرحلة العقوبات الفرنسية، واستطراداً الأوروبية، وهي “ستطال شخصيات سياسية بمنعها من السفر وشخصياتٍ مرتبطة بالفساد بمنعها من السفر وبتجميد أموالها”، بحسب مصادر مطّلعة على حركة الضيف الفرنسي.
شخصيات في 14 آذار متحمّسة للدور الفرنسي بدت عاتبة. إذا اعتبرت أنّ “المبادرة الوطنية، التي كانت مطروحة عبر المبادرة الفرنسية، أسقطتها الطبقة السياسية”.
واعتبرت هذه الشخصيات أنّ “الحكومة التي تريدها فرنسا لا علاقة لها بالمبادرة الفرنسية، بل لها علاقة بالموقف الإيراني”، وسألت: “أين المعايير التي وضعت في المبادرة من وزراء اختصاصيين مستقلين إلى مسألة المداورة، فالبرنامج الإنقاذي. ومتى تعود فرنسا إلى مبادرتها؟”.
وعندما سُئِل مسؤولون فرنسيون عن تلويح الحريري بالاعتذار، كان الجواب بأنّ “فرنسا لا يعنيها هذا الأمر ولن تتدخل”، وأنّ “الموقف الفرنسي يتجاوز كلّ هذه التفاصيل”.
وإذ تستبعد مصادر مواكبة أن يقدم الحريري على خطوة الاعتذار، ترجّح أن يبقى على موقفه دون تراجع. وتؤكد المعلومات أنّ رؤساء الحكومة السابقين سيزورون الحريري أيضاً لدعمه وتثبيت موقفه والإصرار على منعه من الاعتذار.
لكنّها زيارة “تبليغ” في الأساس، بأنّ فرنسا فقدت صبرها، وأنهت مبادرتها، بالشكل السياسي، ودورها كوسيط، وأنّها انتقلت إلى صفوف “المُعاقِبين” و”الغاضبين”، إلى جانب العرب والولايات المتحدة، وأنّ لبنان بات معزولاً أكثر وأكثر… وبلا ولا صاحب.