منذ وصول الجراد إلى لبنان، تواصل طوافات الجيش بالتنسيق مع وزارة الزراعة عمليات الرشّ في سعيٍ منها للقضاء عليها، إلا أن الأخذ والردّ حول المبيدات المستخدمة للغرض لا يزال قائماً، خصوصاً أن نوعيتها غير واضحة مع مخاوف من إمكانية أن تكون مسرطنة ومضرّة بالبيئة.
الباحث في علم الحشرات في “جامعة الروح القدس – الكسليك” نبيل نمر أشار لـ “المركزية” إلى أن “المفروض أن تكون هناك شفافية في نوع المبيدات المستخدم. كلّها مضرّة في شكل عام. ولا معلومات لدينا عن المواد المرشوشة فعلياً، لكن يتمّ التداول إعلامياً بمعلومات عن ثلاثة أنواع: دلتامثرين Deltamethrin، لمبادا سيهالوثرين Lambda-cyhalothrin، دايمثوات Dimethoate. أوّل مبيدين من عائلة الأدوية البيريثرويدية أي تعمل عن طريق الملامسة، وأقلّ سمّية على الإنسان من غيرها، وما من مشكلة أساسية لناحية تأثيرها السلبي على صحّته. لكن، رشّها بالطرق المعتمدة راهناً في لبنان وكأننا نركض خلف الجراد، تضرّ البيئة في شكل عام، حيث تقتل حشرات أخرى مثل النحل ولا تؤثّر كثيراً على الحيوانات الثديية. أما الأدوية الأورغانو فوسفورية مثل الدايمثوات Dimethoate، فغير مستحبّة ومسرطنة، ورشّها يجب أن يكون دقيقاً جدّاً، مثلاً لا يمكن استخدامها في المكان نفسه إلا بعد 40 يوماً وليس كلّ 5 أو 10 أيام، ولديها العديد من القواعد الأخرى، خصوصاً إذا كانت ترشّ عن طريق الطوافات، ويتم تفادي ذلك عادةً كي لا نسبب خطراً على البيئة والإنسان”.
ولم يحبّذ نمر طريقة الرشّ المعتمدة، موضحاً أن “عادةً لا يرشّ الجراد عندما يطير، بل حين يغطّ ليأكُل أو خلال فترة وضع البيض، وحتّى حينها يتم تفادي الرشّ لأن البيض لا يتأثّر بالمبيدات، يجب استخدام المبيدات بعد ثلاثة أسابيع من هذه الفترة لتعاد وترشّ اليرقات التي تخرج من البيض. والرشّ يجب أن يكون على الموضع ليس في الهواء”.
وفي ما خصّ الكلام عن رشّ مبيدات الكلوربيريفوس، لفت إلى “أنه أيضاً أورغانو فوسفوري مضرّ وغير مبّحذ، أما الـ DDT فممنوع استخدامه عالمياً”.
وعن اعتماد الحيوانات مثل الدجاج والبط لمكافحة الجراد عبر أكله، اعتبر نمر أن “ذلك صحيح وبضعة أنواع من العصافير قادرة على القضاء على الجراد، لأن في لبنان الأعداد قليلة والجراد لا يأكل لأن لم يلاحظ أنه فتك بالمحصول الزراعي اللبناني بل يطير ويغطّ على الأرض والجدران لأن الحرارة لا تزال منخفضة، خصوصاً في ساعات الليل الأمر الذي لا يسمح للجراد بالبقاء حيّاً وأكل المساحات الخضراء. وفي شكل عام لا يمكن الاستغناء عن المبيدات لمكافحة الجراد في حال وصوله بأعداد كبيرة، لكن من دون رشّه عشوائياً، وعادةً يفترض ان تكون تمت معالجة الأسراب الكبرى في بلاد المنشأ قبل وصولها إلى لبنان”.
واستبعد أن “يشكّل الجراد خطراً على لبنان في القريب المنظور، والسرب الذي وصل سيموت، لأن التقلبات الحرارية لا تزال مهمّة. وحتّى شهر ونصف ما لم نواجه مشكلة كبيرة في حال وصلت أسراب أخرى لأن لا يمكنها البقاء على قيد الحياة، لكن في حال وصلت خلال الصيف ممكن أن تشكل خطراً لأن الحرارة تكون مستقرّة صباحاً ومساءً”، متوقّعاً “إمكانية وصول سرب صغير نهاية الأسبوع، لأن بعض الأسراب خرجت من السرب الكبير واستقرّت في سوريا والعراق والأردن وفي حال ظهور رياح شرقية مع ارتفاع في درجات الحرارة في اليومين المقبلين ممكن أن تصل بعض الآلاف إلى الحدود الشرقية مع سوريا من دون أن تشكّل خطراً”.
وختم نمر “الجراد يواصل طيرانه لحين الوصول إلى مكان يجد فيه طعاماً، لذا عند المرور فوق صحراء لا يغطّ فيها ثمّ يجد خضاراً في لبنان ويبدأ بأكله. وعندما حصلت مشاكل جراد في لبنان لم تكن في الدول المحيطة مساحات زراعية مهمّة لذا كان يواصل طيرانه ليصل بأعداد كبيرة إلى لبنان حيث المساحات الخضراء، أما اليوم فالدول المحيطة طوّرت مساحاتها الزراعية، اي قبل وصول سرب مهم إلى لبنان يكون مرّ في عدّة بلدان وأكل فيها”.