أكرم حمدان
ما بين الحاجة إلى جلسة لمجلس الوزراء لتعديل المرسوم 6433 والإكتفاء برسالة من رئيس الجمهورية إلى الأمم المتحدة أو الموافقة الإستثنائية، حط النقاش حول هذا الأمر أمس على طاولة لجنة الإدارة والعدل النيابية التي خصصت كامل جلستها وعلى مدى نحو ثلاث ساعات لمناقشة هذا الملف من دون غيره من جدول أعمالها. وقد أوصت اللجنة الحكومة بالإسراع في عقد إجتماع لمجلس الوزراء من أجل تعديل المرسوم إنطلاقاً من موقف الإجماع الوطني الذي تجلى خلال الجلسة في الوقوف خلف الوفد المفاوض من أجل حماية وتحصيل الحقوق الوطنية للبنان واللبنانيين.
وقال رئيس اللجنة النائب جورج عدوان بعد الإجتماع: “إن لجنة الادارة والعدل، وفي حضور وزيرة العدل ورئيسة هيئة التشريع والإستشارات أيضاً، لديها الموقف نفسه، ونحن كلجنة ادارة وعدل نقف كلياً وبالإجماع، خلف الوفد المفاوض ومطلبه المحق القانوني والتقني المبني على القانون وعلى معطيات علمية موثقة، وبنتيجة الحديث عن هذا الموضوع، إن لجنة الادارة والعدل تحمل الحكومة المستقيلة المسؤولية الكاملة لكي تجتمع فوراً وتتخذ قراراً بتعديل المرسوم 6433 تحت طائلة المساءلة الدستورية بالإخلال بالواجب الوطني، وأن تتخذ كل التدابير لإبلاغ الأمم المتحدة بموقف لبنان والتعديلات عليه، وهي موثقة ومثبتة وفقاً للعلم وللقانون”. ورداً على سؤال قال: “سنرفع توصية إلى الهيئة العامة لكي تطلب من الحكومة أن تجتمع، وهنا تصبح توصية صادرة عن مجلس النواب للإجتماع في أسرع وقت”. وعلمت “نداء الوطن” أن التوصية التي سترفعها لجنة الإدارة إلى الهيئة العامة لمجلس النواب ربما ستمهد أمام تبنيها من المجلس النيابي على خلفية الإجماع الذي شهدته جلسة اللجنة وبالتالي تأتي التوصية النيابية بمثابة التغطية الدستورية والقانونية التي كان طلبها رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب من أجل عقد جلسة إستثنائية لمجلس الوزراء في ظل وجود حكومة مستقيلة.
وكان النقاش توسع وتركز حول المعلومات التي نشرت في بعض وسائل الإعلام والتي تحدثت عن خط جديد يجري الحديث عنه للترسيم خلافاً للخط 29 ما إستدعى إتصالات أجراها رئيس اللجنة النائب عدوان بكل من وزيرة الدفاع زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزاف عون اللذين أكدا لعدوان أن هذه المعلومات غير صحيحة على الإطلاق وأن موقف ومعطيات الوفد المفاوض ثابتة ولا تتغير وهي مبنية على دراسات تقنية وقانونية. وبالفعل وفي وقت لاحق أصدرت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، بياناً نفت فيه ما نُشر حول خط حدودي جديد سمي “خط قانا”. وأكد البيان أن “الوفد المفاوض مستمر في أداء مهمته في المفاوضات التقنية غير المباشرة بالتنسيق الكامل مع السلطات الرسمية ذات الصلة على أساس الدراسة المعدة في قيادة الجيش والتي طرحت خلال جلسات التفاوض وفقاً للقانون الدولي، والقائمة على أسس علمية وقانونية ومثبتة وفقاً للأدلة والدراسات المعدة لدى مصلحة الهيدروغرافيا في قيادة الجيش”.
بدوره نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أكد لـ”نداء الوطن” أن “المرسوم لا يعدل إلا بمرسوم في مجلس الوزراء وهذا أمر محسوم وقد حسمته أيضاً هيئة التشريع والإستشارات وبالتالي فإن التعديل يحتاج إلى جلسة لمجلس الوزراء”.
وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم التي شاركت في جلسة اللجنة قالت في دردشة مع الصحافيين لدى مغادرتها مجلس النواب: “أنا رأيي معروف منذ أشهر في موضوع إجتماع مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال خصوصاً في ما يتعلق بالمواضيع والحالات الإستثنائية وكل ما له علاقة بالمهل الزمنية كالموازنة مثلاً وأنا مع إجتماع مجلس الوزراء لتعديل المرسوم لأنه من القضايا المهمة والأساسية”.
وكان النقاش يدورعلى خلفية إيجاد الإطارالقانوني والدستوري لتعديل المرسوم وذلك بعدما كان وزيرالأشغال في الحكومة المستقيلة ميشال نجار وقع المرسوم مرفقاً بعبارة “لعرضه على مقام مجلس الوزراء”، ما دفع رئيس الحكومة حسان دياب إلى توقيعه وإحالته إلى القصرالجمهوري الذي سارعت دوائره إلى الإعلان عن رد المرسوم إلى السراي عطفاً على رأي هيئة التشريع والإستشارات القاضي بوجوب مراعاة مبدأ توازي الصيغ الذي يحتم تعديل المرسوم المتخذ في مجلس الوزراء بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء. وعلى الرغم من أن التوجه العام هو نحو تعديل المرسوم بمرسوم وأن الكرة هي في ملعب الرئيس حسان دياب، إلا أن هناك آراء قانونية وحتى دستورية تقول بإمكانية اللجوء إلى تعديل الإحداثيات من دون تعديل المرسوم برمته.
فالمادة الثالثة من المرسوم 6433 تقول: “يمكن مراجعة حدود المنطقة الإقتصادية وتحسينها وبالتالي تعديل لوائح إحداثياتها عند توافر بيانات أكثر دقة ووفقاً للحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنية”، كذلك تنص المادة الرابعة على أنه: “يكلف رئيس الحكومة أو من يفوضه بإتخاذ الإجراءات اللازمة لإبلاغ كافة الجهات المعنية لا سيما منها الدوائر المختصة في الأمم المتحدة”. وعطفاً على ما تقدم فإن الأخذ بالإحداثيات الجديدة للجيش وبإحداثيات المكتب الهيدروغرافي البريطاني ربما لا يستوجب تعديل المرسوم ولا يستدعي كل هذا الجدل البيزنطي حول وجوب أو عدم وجوب عقد جلسة لمجلس الوزراء، بحيث يمكن لرئيس مجلس الوزراء، وفق هذا الرأي، تكليف مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة بإبلاغ الأمم المتحدة بالإحداثيات الجديدة وبإعتماد لبنان للخط 29 بدلاً من الخط 23. إذاً، فقد باتت الخيارات: إما تكليف مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة إبلاغ المنظمة الدولية نسخة عن الإحداثيات الجديدة، أو إرسال رسالة إلى الأمم المتحدة وإبلاغها بأن لبنان بدأ مرحلة جديدة من المفاوضات مع دول الجوار حول حدوده البحرية الجنوبية وبأنه يتمسك بالخط 29 ويرغب بتزويد المنظمة الإحداثيات العائدة له، أو عقد جلسة لمجلس الوزراء وتعديل المرسوم وفقاً للدراسات التي أعدها الجيش.
وقد تأجل البحث في موضوع القضاء إلى جلسة أخرى وأعلن عدوان: “اتخذنا قراراً مع الوزيرة بان نعقد جلسة قريبة جداً في حضورها ورئيس مجلس القضاء الاعلى والمدعي العام التمييزي ورئيس هيئة التفتيش القضائي من اجل البحث في كل أمور القضاء ونستفيض فيها ويكون للجنة الادارة والعدل موقف”.
“نداء الوطن”