شربل بو كرم
لا قيامةَ للبنانَ إلّا باستيقاظ شعبه من الغيبوبة التي يعيشُها، أقول الشعب، لأنَّ سلطتَنا في غيبوبة منذ ثلاثين عاماً وقد فُقِد الأمل بشفائها وردّها للحياة.
وحلّت الجمعة العظيمة عند الطوائف التي تتبع التقويم الغربي دون زياحاتٍ أو مراسمَ ليتورجيا.
وما بعد الصلب إلّا القيامة… اعتدنا سماعَ هذه الجملة مراراً وتكراراً، ولكن هل سيكون للبنانَ قيامة بعد درب الجلجثة التي مشاها ومازال؟
للأسف، أصبحا المقال الديني تدخل في خباياه الأخبار السياسية، فلا يمكننا أن نتكلّم عن الأعياد من دون الرجوع للسياسة التي تهيمن – للأسف – على جميع أصعدة الوطن.
أتى العيد هذه السنة كالتي سبقتها:
صحياً: الكورونا تواصل فتكها بالناس دون رحمة ولا شفقة.
إقتصادياً: الدولار يواصل ارتفاعه ولا بشائرَ تفرّح.
معيشيّاً: من كان يتعشى “خبزة وزيتونة” لن تعود هذه اللقمة متاحةً له.
حكوميّاً: حدّث ولا حرج، اللعبة تسير والشعب مثل الأطرش بالزفة.
نفسيّاً: بعد انفجار الرابع من آب، تدمّر الجزء الأخير فينا، فأصبحنا نشتهي الموت علّنا نرتاح من الجحيم الذي نقطن فيه.
لا بهجةَ عيد في هذه السنة، فالعائلة التي كانت تجتمع أحد القيامة، لم يعُد مسموحاً لها الاجتماع أصلاً: كورونا وإغلاق تام مع حظر التجول.
نسير درب الجلجثة التي مشاها سيّدُنا المسيح، ونحمل صليبَه الثقيل ولكن، يجب ألّا ننسى أنَّ نيرَهُ هينٌ وحمله خفيفٌ.
(متى ١١-٣٠)
حتى متى سنبقى دون أعياد؟ صحيحٌ أنَّ العيد صلاةٌ وخشوعٌ لا زينة وثياب، ولكن حتى كنائسنا خلَت من الزائرين الكثر واقتصرت على شخصٍ أو اثنَين من كل عائلة.
سنقوم بتمثيل إنجيل الصلب، ولكن هل نحن مستعدون ضمنيّاً الاحتفال به، أم هو مجرّد واجب سنقوم به يوماً واحداً فقط؟ ناهيك عن أنَّ نفسيّتَنا أصلاً هابطة (أقولها ملأَ الثقة لأن هذه العيشة أصبحت خبزنا اليومي).
وكم يشبه لبنانُ هذا الإنجيل: في أحد الشعانين هتفوا هوشعنا والأسبوع الذي تلاه هتفوا أصلبْه، هكذا لبنان، قبل الانتخابات، هوشعنا ولبنان في عيوننا، وبعد الانتخابات، مزّقوا جمالَه وعليه اقترعوا ليقتسموا الغنائمَ.
حتى متى سنبقى شعباً يائساً حزيناً؟ حتى متى ستُغرَزُ الإبرة في عنقِنا ونقطة دمٍ واحدة لن تتسرّب منّا؟
هل سيكون للبنانَ قيامةٌ بعد الجلجثة التي يمشيها؟
يبقى الجواب عندكم، أيها القراء، وإن شرَدْتم، الجواب موجود في المقدمة.
أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة.
خاص موقع “ML”