كاترين كرم
ها هم اللبنانيون يتحملون مرة جديدة نتيجة صراع لا ذنب لهم به، بل هم ضحايا محسوبيات وتقسيم حصص ومقاعد وبدلا من أن يتسارع المسؤولون اللبنانيون لتشكيل حكومة لإنقاذ ما تبقى من لبنان، ولردّ ولو بصيص صغير من الأمل الى اللبنانيين الذين خسروا جناء عمرهم وإلى شباب ما زالوا متمسكين بوطنهم، ها هي السلطة تقف مكتوفة اليدين متشبثة بموقفها وكأنها غير معنية بما يحصل، ومبتغاها الوحيد تحقيق كل ما يصب في مصلحتها الشخصية ومصلحة من تأتمر لهم في الخارج على حساب الوطن.
لم يجد رئيس حزب حركة التغيير إيلي محفوض في حديث خاص لـ”ML”، أن فريقاً واحداً مسؤول عن عدم تشكيل الحكومة وأن المسؤولية لا تقع على أطراف بل على تطورات وظروف أبعد من الحدود اللبنانية، لأن وحسب التجربة إن الموجودين في لبنان يكونون بالظاهر مسؤولين عن تشكيل الحكومة ولكنهم أشبه بدمى تتحرك حسب علاقاتهم الخارجية.
وأوضح أن هناك تجاذب اميركي – ايراني كبير، وهذا مرتد على الواقع في لبنان أي أن حزب الله يسعى إلى أقصى حد أن تكون الحكومة تحت سيطرته بالتالي لا تكون حكومة حاكمة بل محكومة من حزب الله.
ورأى أن شد الحبال الموجود اليوم بروحية المبادرة الفرنسية وبالضغوطات الحاصلة من المجتمع الدولي على حزب الله تمنع تشكيل حكومة في الإطار الذي رسمه سعد الحريري، وأن فريق حزب الله يضع في الواجهة رئيس الجمهورية للتفاوض مع الرئيس المكلف ولكنه عملياً حزب الله من يعرقل الحكومة.
وبرأيه، لم يتبقَ لسعد الحريري الكثير من الخيارات في موضوع تشكيل الحكومة في لبنان، فهو على علم بأن أي حكومة تتشكل تكون مشابهة لحكومة حسان دياب ما يعني المزيد من العزلة، لأن أي حكومة يوجد فيها حزب الله لن يتمكن سعد الحريري أن يستميل المجتمع الدولي لكي يقدموا مساعدات للبنان، وبالتالي موقفه منطقي لأن يعلم واقع الحال.
أما بالنسبة لمطالبة السيد حسن نصر الله بتفعيل حكومة حسان دياب، أوضح محفوض، أن حسب القانون والدستور لا يوجد ما يسمى ب “تفعيل حكومة مستقيلة”، بل حكومة تصريف الاعمال تقوم بإجراءات بالحد الادنى أي تدير شؤون البلاد والعباد من دون أن تتدخل بشؤون دولية أو بقروض مالية، وأن السيد حسن نصر الله طالب بتفعيل الحكومة المستقيلة لأنه يعلم بأن الرئيس سعد الحريري لن يقبل بالحكومة التي يرسم خطوطها حزب الله.
أخيراً، عبّر محفوض عن خوفه بأن يتجه تشكيل الحكومة الى نهج رئيس الجمهورية ألا وهو ان تكون الحكومة تحت سيطرة حزب الله بالكامل من خلال استشارات نيابية جديدة، ووجد أنه إذ لم تحصل التسوية الدولية بين اميركا وإيران قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، قد يبقى العماد ميشال عون دون حكومة إلى حد انتهاء عهده وتبقى حكومة تصريف الاعمال. وفي حال لم تتشكل حكومة سيظل لبنان في التقهقر وستزيد المديونية والعزلة، لأنه كلما مر وقت ولم تتشكل حكومة كلما رسخ حزب الله سيطرته أكثر على مفاصل السلطة في لبنان.
وأضحت مصادر التيار الوطنيّ الحرّ لـ”ML”، أن الرئيس المكلف لديه مشكلة في تشكيل الحكومة وهو يحاول ان يضع “العصي بالدواليب” والواضح أنه إما يريد أن يجمع النصف زائد واحد مع حلفائه أو انه ينتظر الضوء الاخضر من السعودية لتشكيل الحكومة.
وأكدت أن رئيس الجمهورية لا يبحث عن الثلث المعطل، بالتالي ما أدلاه رئيس الحكومة المكلف بأن الرئيس يريد الثلث المعطل ليس صحيحاً بل أن رئيس الجمهورية يريد الحفاظ على حقوق المسيحيين من خلال تسمية الوزراء المسحيين بظل غياب الكتل المسيحية.
ورأت أن الحريري لم يعتذر لأن لديه حساباته الخاصة، وأن لبنان مع حكومة أفضل من لبنان بلا حكومة ولكن حكومة يسيطر عليها طرف معين مرفوضة.
ووجدت أن مطالبة السيد حسن نصر الله بتفعيل حكومة حسان دياب، هي رغبة بعدم خراب البلد.
في الختام، من الواضح أن الثورة اثرت على شعبية رجال السلطة بشكل كبير، والدليل تمسك هذه السلطة بمقاعدها مهما كان الثمن ومعارضتهم لانتخابات نيابية مبكرة ستكشف حجمهم الحقيقي والدليل الأكبر هو محاولة فريق رئيس الجمهورية لتمديد ولايته. إنها سلطة تختبأ وراء شعارات فارغة بينما الواقع أنها اتخذت الهرطقة أساساً لعملها.
ولكن، ومثل ما كتب الصحافيّ الشهيد جبران تويني: “اننا على يقين بأن السلطة محكومة بالإعدام اما الشعب فلن يُكتب له ولوطنه الا القيامة والانتصار”.
خاص موقع “ML”