ليس أفضل من مسرح الأونيسكو، ولا أكثر منه تجسيداً للدور المسرحي الذي تلعبه السلطة أمام الناس، حيث لا يتوانى مَن نهب أموال اللبنانيين عن محاكاة “تمثيلية” استرجاع أموالهم المنهوبة، ولا يتردد أرباب الهدر والصفقات والسمسرات في وضع قناع العفة والإصلاح والضرب بسيف مكافحة الفساد… وليس أدلّ على هذا “الانفصام ” الذي فتك بالخزينة وجفف منابعها، سوى تنظير “التيار الوطني الحر” بالأمس لإنجاز إقرار قانون “استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد”، بالتزامن مع الاستمرار في تمويل هدر “التيار” والفساد في قطاع الكهرباء، عبر إقرار سلفة خزينة جديدة بمئات ملايين الدولارات سيتم دفعها من جيوب المودعين تحت وطأة سياسة الابتزاز المزمنة بين السلفة والعتمة.
ولفتت مصادر معارضة لإقرار سلفة الكهرباء، إلى أنّ “الشعبوية بلغت مداها في المجلس النيابي أمس، إلى درجة التعمية على الإمعان في استنزاف ما تبقى من احتياطي بالعملات الصعبة من أموال المودعين لتمويل هدر الكهرباء، مقابل تسليط الضوء على مطاردة وهمية لـ”راجح” التحويلات المالية إلى الخارج، مع علم جميع القوى السياسية يقيناً بأنّ الأموال المنهوبة لن تتم استعادتها، لا سيما بعد اقتران شرط الاستعادة بإثبات كونها متأتية عن جرائم فساد، وهي أشبه بمهمة مستحيلة في ظل مافيا مال وسلطة حبكت سمسراتها وصفقاتها بشكل احترافي محكم طيلة عقود من الفساد الممنهج، هذا عدا عن تفخيخ القانون الجديد بربطه بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي لم يتم إنشاؤها حتى الساعة”.
“نداء الوطن”