الخبر بالصوت

كتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : أُضيفت أمس أزمة جديدة إلى الأزمات اللبنانية الكثيرة، وهي إطفاء معمل ‏الزهراني نهائياً عن العمل بعد نفاد مادّة المازوت لتشغيله. فلا المازوت ‏الكويتي وصل بسبب توقّف الملاحة في قناة السويس، ولم يتمّ التأكد من ‏ملاءمة المازوت من الباخرة‎ “Histria Perla” ‎للمعمل. الطامة الكُبرى ‏أنّه لا يُمكن تحديد موعد لإعادة تشغيل المعمل، مع انخفاض إنتاج الكهرباء ‏في لبنان إلى 900 ميغاواط 

مع إطفاء معمل الزهراني بالكامل أمس، يكون لبنان قد دخل مرحلة جديدة من التقنين القاسي. هي حادثة تحصل للمرّة ‏الأولى منذ مدة بعيدة، وقد حلّت على البلد في زمن صعب أصلاً، وزيادة في ساعات التقنين، وعدم توافر العناصر ‏اللازمة لإنتاج الكهرباء. ففي الأسابيع الماضية، كانت عمليات الإنتاج الكهربائي في لبنان تتأثّر بتأخّر مصرف لبنان في ‏فتح الاعتمادات اللازمة لاستيراد الفيول، وبإصابة المعامل بأي عطل، وبتأخّر بواخر الفيول عن تفريغ المواد، ‏وبإجراءات احتياطية لمؤسسة كهرباء لبنان… كلّ هذه العوامل متوافرة، وقد أُضيف إليها أمس عُنصران جديدان. ‏المُعضلة الرئيسية في حادثة معمل الزهراني أنّ بعض أسبابها لا يتعلّق بالمعمل نفسه، بل بعوامل “خارجة عن إرادة ‏المعنيين”، كتأمين الفيول الخاص به. لذلك، يُعتبر الأسوأ من إطفاء معمل الزهراني أنّه لا أحد يستطيع تحديد تاريخ ‏إعادة تشغيله‎. 

في 26 آذار الحالي، كان يُفترض أن تصل باخرة المازوت الآتية من الكويت إلى معمل الزهراني. توقّفت الملاحة ‏في قناة السويس، فتأخّرت الباخرة عن موعدها، وهو ما سيستمر إلى أجلٍ غير مُسمّى، ما يعني افتقاد المواد ‏اللازمة لتشغيل المعمل. هذه هي المشكلة الأولى التي أصابت “الزهراني”. أما المشكلة الثانية، فتتعلّق بنوعية ‏المازوت المُستخدم. فالمازوت الكويتي المستورد كان يؤمّن نصف حاجة المعامل للمازوت، لمدة ثلاثة أشهر تلي ‏انتهاء العقد. لذلك، عمدت وزارة الطاقة إلى إطلاق مناقصات “سبوت كارغو” (فورية) لتعويض النقص في ‏المادة. وبالفعل وصلت الباخرة‎ “Histria Perla” ‎إلى الشاطئ اللبناني، إلا أنّه تعذّر عليها التفريغ. ‏فبحسب”كهرباء لبنان” طرأ تغيير على طريقة الفحص التي تطلبها شركة‎ “Siemens” ‎المصنّعة للتوربينات، ‏وقد اختلفت عن الطريقة السابقة التي كانت تطلبها أيام العقد مع الشركة الكويتية، بعد أن أكّدت مختبرات شركة‎ ‎‎”Bureau Veritas” ‎أنّه لا يمكن تطبيقها. حاولت وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان السعي إلى حسم ‏الخلاف وإيجاد تخريجة، من دون جدوى حتّى اليوم. وقد أكدت “كهرباء لبنان” أنّ المراسلات المستمرة مع ‏الشركتين لم تُسفر عن أي نتيجة. وبحسب المعلومات، فإنّ شركة‎ “Siemens” ‎الألمانية لم تُجب بعد على طلب ‏مُختبرات‎ “Bureau Veritas” ‎الإماراتية تزويدها بالآلية المعتمدة لديها، لتطبيق طريقة الاختبار المذكورة على ‏مادّة “الغاز أويل”. أما الجهات اللبنانية المسؤولة، فتتريث في القيام بأي خطوة بانتظار حسم “سيمنز” لموقفها‎. 

هل سيؤدّي حسم الجدل إلى تفريغ الباخرة للمازوت؟ كلّا، لأنّ باخرة‎ “Histria Perla” ‎لم تستكمل بعد ‏الإجراءات المصرفية الخاصة بها، وبالتالي لا تستطيع العمل. فمصرف لبنان تأخّر، الأربعاء، في فتح اعتماد ‏الشركة، التي راسلت مصرف المراسلة في الخارج للحصول على موافقته، وهي حُكماً لن تُفرغ قبل تسلّم أموالها‎.‎
‎ 
اجتماع هذه العوامل أدّى إلى انخفاض الإنتاج إلى 900 ميغاواط، بالرغم من أنّ مؤسسة كهرباء لبنان لجأت إلى ‏تعويض النقص عبر تشغيل معملَي بعلبك وصور، علماً بأنه سبق أن تمّ تخفيض إنتاج معمل الزهراني على ‏مرحلتين لتفادي احتمال الوصول إلى إطفائه، فخفّض إنتاجه من 450 ميغاواط إلى 225 ميغاواط، ثم إلى 120 ‏ميغاواط في الأسبوع الأخير، قبل أن يُطفأ نهائياً أمس‎. 

العتمة تنسحب أيضاً على الملفّ الحكومي، الذي لم يشهد أي تطورات في اليومين الماضيين. جرى التعويل نهاية ‏الأسبوع الماضي على “مُبادرةٍ لرئيس مجلس النواب نبيه برّي” في موضوع تأليف الحكومة، واعتُبرت ‏‏”فرصة” للحلّ. إلا أنّ مصادر سياسية واسعة الاطلاع تؤكّد “عدم وجود أي مبادرة عملية، أو على الأقل لم ‏تجري مناقشتها مع القوى السياسية الفاعلة في البلد”. فما قام به برّي هو مُناقشة أفكار وطرح خيارات بديلة مع ‏رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري لم ترتقِ إلى مستوى المبادرة. وبحسب تلك المشاورات، سوّق أنّ الحريري ‏لا يُمانع التخلّي عن حكومة من 18 عضواً والبحث في زيادة العدد، من دون مقاربة الإشكاليات الأخرى، وأبرزها ‏حسم “الثلث الضامن”. ما سبق لا يعني أنّ التوافق سيؤدّي إلى تأليف الحكومة، وقد أظهرت الأيام الماضية مدى ‏ربط الحريري لقراره بالـ”فيتو” الدولي – الاقليمي على حكومة لبنانية، حين عطّل الحلّ بعدما وافق الرئيس ميشال ‏عون على التخلّي عن مطلب الثلث الضامن، ما دفع برئيس الجمهورية إلى العودة إلى مطالبه السابقة‎.‎

اترك تعليقًا