رداً على تسريبات إعلامية مفادها أن رئيس الجمهورية ميشال عون أبلغ اللواء عباس ابراهيم انه سيكتفي بتسمية خمسة وزراء، إضافة إلى وزير الطاشناق في حكومة من 18 وزيراً، وأصرّ في المقابل على أن يحصل على حقيبة الداخلية، على أن يمتنع النائب جبران باسيل عن منح الحكومة الثقة، وأن المفاجأة كانت أن الرئيس الحريري رفض اقتراح عون. وساقت تلك التسريبات تفسيراً لذلك أن الرئيس الحريري لا يريد تشكيل حكومة قبل نيل رضى السعودية.. أصدر المكتب الإعلامي للرئيس الحريري بياناً، جاء فيه:أولاً: إن الرئيس الحريري، لم يتلق أي كلام رسمي من الرئيس عون في هذا الصدد. ما يوحي بأن من يقف خلف تسريب مثل هذه المعلومات، إنما يهدف فقط إلى نقل مسؤولية التعطيل من الرئيس عون والنائب باسيل إلى الرئيس الحريري.ثانياً: إن الرئيس الحريري، وعلى عكس حزب الله المنتظِر دائماً قراره من إيران، لا ينتظر رضى أي طرف خارجي لتشكيل الحكومة، لا السعودية ولا غيرها، إنما ينتظر موافقة الرئيس عون على تشكيلة حكومة الاختصاصيين، مع التعديلات التي اقترحها الرئيس الحريري علناً، في خطابه المنقول مباشرة على الهواء في 14 شباط الفائت، وليس عبر تسريبات صحافية ملغومة، كما يبدو الحال اليوم.ثالثاً: إن تطابق هذا التفسير الذي تسوقه بعض الصحف لرفض مزعوم من الرئيس الحريري مع كلام نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في حديثه التلفزيوني أمس، ووروده في صحيفة “الأخبار” تحديداً اليوم، يعزز الشعور أن الحزب من بين الأطراف المشاركة في محاولة رمي كرة المسؤولية على الرئيس الحريري، لا بل يناور لإطالة مدة الفراغ الحكومي، بانتظار أن تبدأ ايران تفاوضها مع الإدارة الأميركية الجديدة، ممسكة باستقرار لبنان كورقة من أوراق هذا التفاوض.رابعاً: مع التأكيد على أن أي طرف، لا اللواء ابراهيم ولا غيره، لم يبلغ الرئيس الحريري بأنه مكلف من رئيس الجمهورية رسمياً بنقل عرض له، يبقى السؤال: إذا كانت كتلة التيار الوطني الحر ستحجب الثقة عن الحكومة وتقوم بمعارضتها، فما هو مبرر حصول رئيس الجمهورية على ثلث أعضاء الحكومة (خمسة زائد واحد من أصل 18)، كما يزعم من يقف وراء التسريب، في وقت كان الرئيس عون نفسه هو من يرفض في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان أن يكون لرئيس الجمهورية أي وزير في الحكومة، إذا لم يكن لديه كتلة نيابية تساهم في منحها الثقة ودعمها؟خامساً: إذا كان قرار التيار الوطني الحر هو فعلاً حجب الثقة عن الحكومة ومعارضتها، فلماذا قام رئيس التيار بتعطيل تشكيل الحكومة لمدة خمسة أشهر قبل أن يعلن موقفه، بعكس ما كان قد التزم به رئيس الجمهورية ليبرر الحقائب الست من أصل 18 في سعيه للثلث المعطل؟
أخيراً، يؤكد الرئيس الحريري، في ضوء ذلك، على التزام المواصفات الحكومية التي انطلق منها منذ اللحظة الأولى للتكليف، سواء بالنسبة للعدد أو بالنسبة لمعيار الاختصاص غير الحزبي، وهو يعتبر أن التزام المبادرة الفرنسية يتكامل مع المطالب الشعبية التي تنادي بحكومة قادرة على مواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية والمعيشية، ولجم انهيار الليرة وفتح الطريق أمام إصلاحات جدية توقف النزف الراهن.