عقد مؤتمر صحافي في مقر منسقية “تيار المستقبل” في طرابلس، للبحث في تداعيات الأزمة بين محافظ الشمال رمزي نهرا ورئيس بلدية طرابلس رياض يمق، بعنوان “طرابلس لا تقبل ظلما ولا ضيما”، في حضور أعضاء من المكتب السياسي ومنسقي التيار في الشمال وأعضاء من مكتب المنسقية في طرابلس.
بداية تحدث المنسق العام للتيار في طرابلس النقيب بسام زيادة، فقال: “يخطئ من يتوهم أو يظن أن أيا من أبناء مدينة السلام والتقوى، متروك وليس له ظهر أو أو عصبة تنصره بالحق، ومخطئ كثيرا من يتوهم أن طرابلس مكسر عصا، وأنها مزرعة، مخطئ من يعتقد أن القانون فيها، يخضع لمزاج شخص، والأهم من يعتقد نفسه هو القانون”.
اضاف: “إذا كنا كلنا نؤمن بفكرة الاحتكام الى دولة المؤسسات والقانون، فإننا أيضا لا نؤمن بمن يحول القانون الى خيوط عنكبوت يمزقها ساعة يشاء، ولا نؤمن بأن يصبح الموقع الوظيفي مهما علا شأنه حلبة للملاكمة وللعضلات، وأن تصبح المساءلة جزءا من عملية استقواء، وبطريقة بوليسية، فقد سقط مفهوم الدولة البوليسية منذ نشأة لبنان في 1943، وسقط معها مفهوم شخصنة مؤسسات الدولة وتسييس مرافقها، وحذار حذار من هذه الأساليب القمعية التي ورثها البعض من زمن الاحتلالات، نحن هنا في دولة قانون ومؤسسات ولن نرضى باستبدالها بدولة المزاج والاستعباد”.
ورأى زيادة أنه “مهما حصل، فإن طرابلس ستبقى مرفوعة الرأس وشامخة وأبية، وستبقى نابضة بالحرية وستبقى قلب لبنان، وعلى من يعتبرون أن طرابلس تسكت عن ظلمها وضيمها، مخطئون جدا، طرابلس ليست سرابا، وطرابلس أقوى بسلامها ورقي أبنائها في انجرارها الى حيث يريد قناصو الفرص، ونقول لهم فرصكم ضائعة، فلا تبحثوا عن ضالتكم الكيدية في طرابلس”.
وأكد أن “ما حدث من تعد واضح من قبل محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا على الحرية الشخصية لرئيس بلديتنا الدكتور رياض يمق، وهي سابقة كررها المحافظ مع رئيسي بلدية ومدير الوكالة الوطنية للاعلام، تدعونا الى السؤال: هل يريد سعادة المحافظ إهانة الكرامات أم يريد المساءلة الشفافة؟ اذا كان يريد الاهانات نقول له: لا تجرب واسأل التاريخ، واذا كنت تريد الاستفهام والاستيضاح الشفاف فنحن قبلك من يريده، نريده في المحاكم ولدى الجهات المختصة، ونريده أن يكون تحقيقا شفافا بدءا من احتراق المحكمة الشرعية الى احتراق البلدية، ونريده في كل الملفات”.
وتمنى زيادة “أن يكون الجميع على درجة كبيرة من الوعي لما يحاك من مؤامرات على هذا البلد، وان لا نتورط عن قصد أو غير قصد في هذه المؤامرة التي جعلت بلدنا يعيش الأزمة تلو الأزمة، وما نشهده اليوم من صراع بين الشركاء في الوطن، يدعونا الى التروي ودعوة الجميع للاسراع في إنقاذ بلدنا من الغرق”.
ودعا في ختام كلمته الى “التشاور مع كل المرجعيات والقيادات في المدينة، للخروج بموقف موحد، وخصوصا أن هذه الحادثة تكررت مع أكثر من شخصية، ونحن لا نطالب أبدا بوقف التحقيقات بل نطالب بالتحقيق عبر المؤسسات المختصة، وأن يشمل التحقيق احتراق المحكمة والبلدية وكافة الملفات المحاطة بالشك”.
يمق
بعد ذلك، تحدث رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق، فقال: “بداية أشكر لتيار المستقبل هذه الدعوة، كما أشكر للصديق النقيب زيادة والدكتور علوش وكل الاعلاميين الحضور”.
وتابع: “ما يؤسفني هو ما حصل ويحصل لمدينة طرابلس من إهمال كبير ومزمن، ومنذ استلامي رئاسة البلدية كان همي الوحيد إنماء طرابلس ورفع العبء الذي وقع على كاهلها خلال عهود طويلة، حتى وصلت الأمور مؤخرا الى إحراق بلدية طرابلس، والسؤال لماذا كان التصويب على إحراق بلدية طرابلس؟ لمصلحة من إفساد العلاقة بين بلدية طرابلس وأهلها وناسها؟ لا يخفى على أحد أن البلدية وأكثر أعضاء المجلس البلدي الى جانب أهل طرابلس وتحديدا في المناطق الشعبية، والظاهر أن السبب هو هذه العلاقة وصلات القربى والمودة بين البلدية وبين أهلها، بعد ان كان هناك تباعد، ودائما كانت البلدية لطرف سياسي، نحن أردناها بلدية لطرابلس ولأهل طرابلس وللشمال جميعا، لم نكن يوما نفرق بين أهل طرابلس وبين أهل الشمال او الاخوة النازحين السوريين او الأخوة الفلسطينين وغيرهم ممن يقطنون في طرابلس، لهذا السبب أرادوا أن يكون الدم أمام بلدية طرابلس، نعم توجد ثورة، وهذا صحيح، لكن الثورة تخللها الكثير من الاختراقات والكل يعلم ويرى الحرائق والاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة وكانت دائما بلدية طرابلس بأمان، وكل الفئات الثورية يتجنبون المس بالبلدية ومبانيها وآلياتها، ويبدو أنهم وجدوا اخيرا مدخلا ليكون هناك صدام بين شرطة بلدية طرابلس وبين المواطنين، وكان رأينا منذ استلامنا الرئاسة ممنوع ان يحتك أي شرطي بلدي بطريقة العنف مع المواطنين، هذا في الايام العادية فكيف يكون تعامله خلال الاحتجاجات مع من ينادي بحرية المدينة وحقوقها ومطالبها المحقة، وينادي بلقمة العيش الكريم”.
وقال: “ما حصل أنه تخلل فترة الاحتجاج وجود أناس مخربين عملوا على إحراق البلدية، ووجدنا التفاف كل طرابلس والشمال وكل لبنان بكل طوائفه واطيافه ونقاباته بوقوفهم الى جانب البلدية ورفض حرقها والبدء فورا بإعادة ترميمها، وأيضا كانت طرابلس بكافة فئاتها ومكوناتها واطرافها السياسية كما كل الشمال الى جانب البلدية ومؤيدين لمواقفنا ومستنكرين ما حصل معنا في المحافظة ليس لشخصنا فقط بل لبلديتهم ولرمزية البلدية”.
أضاف: “عندما استدعيت للتحقيق ظننت أن هذا أمرا لمصلحة المدينة، فذهبت الى مكتب سعادة المحافظ لنستفسر ونتكلم لنصل الى الحقيقة، لاننا مباشرة بعد حرق البلدية طلبنا من محامي البلدية إقامة دعوى جزائية ضد كل ما يثبته التحقيق، ليس فقط من قاموا بعملية الحرق ورمي المولوتوف والقنابل بل أيضا ضد كل المحرضين والمخططين، همنا معرفة من المحرض على حرق البلدية ومن أراد بهذه المدينة السوء. مسلسل إحراق بلدية طرابلس والمحكمة الشرعية والتعرض للسرايا والمالية وحتى الضمان، يؤكد انهم يريدون إفراغ المدينة من مقوماتها ومن أهم مؤسساتها ومرافقها الخدماتية، هذه خطة جهنمية، كان يراد لها ان تبدأ من البلدية لوجود شرطة البلدية ويمكن ان يقوموا بالاحتكاك مع المتظاهرين ويمكن ان تأخذهم الحالة والانفعال ويردوا على المتظاهرين بالمثل، نحن نرفض إراقة الدماء أمام البلدية كما نرفض أي هجوم على البلدية من أي جهة كانت، ولهذا ذهبنا الى مكتب سعادة المحافظ، ذهبنا الى بيتنا فالمحافظة هي لطرابلس ولكل لبناني، فكان الامر ليس للاستفسار، ووجدنا أن هناك استقواء في التحقيق، والتحقيق ليس بالطريقة التي يجب ان تكون مع رئيس بلدية طرابلس، بغض النظر من هو الرئيس، رياض اليمق او غيره”.
وأردف: “وبعد استغراب من طريقة الأسئلة واحتجاز واستقواء أولا بحارس، ثم بخمسة آخرين لنحو عشرة دقائق، وللأسف نفى المحافظ هذا الكلام، ولهذا اتمنى العودة الى شريط الكاميرات المصور صوت وصورة في مكتب المحافظ ليظهروا التسجيل للتأكد من صحة أقوالنا ونحن الذين لا نعرف الا الصدق منذ طفولتنا، نحن تعلمنا في مدارس الفرير التعاليم المسيحية التي تقول ان الكذب حرام، كما تعلمنا من رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ان الكذب حرام، ما حصل صحيح، ومصور بالكاميرات بحسب العارفين بمكتب نهرا، ولا يمكن ان يقول انه غير صحيح”.
وحيا يمق “الالتفاف الشعبي والنقابي والسياسي بكل مكوناته، وهذا يظهر ان طرابلس فيها الخير، طرابلس بكل طوائفها وكل الأطراف السياسية والنقابية والاهلية فيها وقفوا ضد ما قام به المحافظ، هناك تقصير ممن هم في سدة المسؤولية عن طرابلس وكل الشمال، والمحافظ هو المسؤول الأول عن الأمنيين ويرأس مجلس الأمن الفرعي الذي يرسم السياسات الأمنية في المدينة وكل الشمال، وهو مسؤول عن كل الإدارات والمرافق العامة، والسؤال كيف تترك المدينة لمصيرها سواء في حرق البلدية او المحكمة الشرعية او السرايا او الأملاك الخاصة بدون مراقبة وبدون أمن استباقي، يجب عدم تضييع البوصلة وأعتقد أن التحقيق يجب ان يبدأ من المكان المناسب وهو المحافظ. أعيد وأكرر اننا على إستعداد لأي مساءلة، نحن تحت القانون وليس فوقه”.
وختم يمق: “أجدد شكري وأتمنى من المسؤولين إعطاء المدينة حقها لانها صمام الأمان للبنان، في طرابلس اكثرية من طائفة معينة تشعر بانها مظلومة ونأمل ان يعمل على رفع الظلم، فالمدينة بكل طوائفها مجتمعة لا ترضى الا بالعيش المشترك وان تكون بكل احيائها واطيافها وناسها تحت القانون، لا ترضى طرابلس الا ان تكون في دولة لبنان ومن دولة لبنان، ونكرر كلام غبطة البطريرك الراعي عندما زار طرابلس، حيث قال الكلام المناسب الذي يرضي أهالي طرابلس وكان كلامه بمثابة كلمة حق في وجه الدولة التي كانت تحرم طرابلس من كل مقومات العيش الكريم حتى وصلت لان تكون أفقر مدينة على البحر المتوسط”.
علوش
ومن جهته، أكد نائب رئيس “تيار المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش “أن موقع البلدية يتم انتخابه من قبل الشعب، وبالتالي فإن اعضاء المجلس البلدي هم الممثلون لمواطني المدينة، وبالتالي فإن رئيس البلدية هو ممثل طرابلس المنتخب، ويجب على جميع الموظفين احترام هذا الامر، واحترام السلطة المنتخبة من قبل ابناء طرابلس، اذا فالتضامن ينشأ مع طرابلس من خلال ممثليها”.
وأردف: “إن أحد اسباب نكبات مدينة طرابلس هو مجموعة من الموظفين الحاقدين على المدينة، ويقومون بالتصرف غير اللائق والمخرب احيانا بشكل واضح على المدينة، لذا فالاشكالية الكبرى هي في شخصية من يأتي للمدينة حاملا الضغائن والدونية، والتي تشبه نوعا ما جنون العظمة، وهي وجهان لعملة واحدة، وأن محافظ الشمال أثبت انه يتمتع بهذه الصفات”.
وأكد تضامنه مع رئيس بلدية طرابلس من “أجل الحفاظ على اهل المدينة، وقد اخطأت السلطة بإدارة الامر وسمحت بحرق المحكمة الشرعية إضافة لمبنى البلدية لتغطية سوء التصرف وسوء الادارة، وربما للتغطية على المسؤول الحقيقي عن هذا التخريب”.
وقال: “أما الاشكال الكبير هو وجود بضع الاشخاص الذين قاموا بالتخريب، وهم معروفون من قبل الدولة، فوجوههم كانت مكشوفة والبعض الاخر قطع الطريق على الدفاع المدني من أجل منعهم من إطفاء الحريق في البلدية”.
وشدد علوش على “أهمية معرفة الحقيقة وهذا ما يطالب به ابناء المدينة والمتضررين، وبخاصة أنه تم إلقاء القبض على المخربين، اذا على الدولة إعلان الحقيقة في ما يتعلق بهؤلاء الاشخاص، وهل هم مخربون أم فوضويون أم مدفوعون؟”، ووجه اصبع الاتهام نحو من يقوم ب”تغطية هؤلاء بحيث انهم خائفون أو مسؤولون”.
وقال: “المحافظ من واجبه المحافظة على هذه المدينة برعاية أبوية ومحبة، وعلى المدى الطويل افتقدت طرابلس لهذه الشخصيات، فلا وجود الا للتنكيل بالمدينة وهي المدينة الصابرة على الوجع والالام، والتي بدورها تحتاج ليد المساعدة، وهذا ما تؤكده كافة المنظمات الدولية والاقليمية”.
وختاما أكد علوش أن “تيار المستقبل يسعى دوما لمد اليد الى أقصى ما يمكن من أجل رعاية هذه المدينة وابنائها”.