صدر عن الوزير السابق نقولا التويني بيان قال فيه: “تشرفت بتمثيل فخامة الرئيس مرات عدة خلال خدمتي الوزارية، وأذكر أنني انتدبت لمعرض نحت ولوحات فنية في مقر بلدية بعلبك – رأس العين، وكان علي أن ألقي كلمة في هذه المناسبة، بعد ظهر يوم السبت. ووصلنا أنا وزوجتي قبل موعد الافتتاح بنصف ساعة، فقررنا تناول القهوة في فندق بالميرا المواجه للصرح البلدي، حيث يقام الحفل، وكان جمهور غفير تجمهر أمام الصرح وثلة أمنية وضابط في مهمة استقبال الوزير موفد فخامته. وبعد مرور دقائق، أقبل موكب من عدة سيارات سوداء بالزجاج الداكن وخرج منها مدير مصلحة في إحدى مؤسسات الدولة فظن الجميع والحرس انه موفد رئيس الجمهورية فاصطف الحرس والضابط للاستعراض، لكن ما لبثوا أن تداركوا اللغط الحاصل عندما هممت وزوجتي باجتياز الطريق فتعرف علي الضابط واعتذر قائلا بعجب ودهشة: يا معالي الوزير، هل جئت سيرا على الاقدام من بيروت؟ المعذرة وأين موكبك والحراسة والدراجون؟ فقلت له: لقد صرفت الدراجين لأن المسافة من بيروت الى بعلبك طويلة. أما الحراسة فها هي، مشيرا باتجاه زوجتي، فابتسم وقدم التحية. كانت مقدمة كلامي متناغمة مع مغزى قصة للفيلسوف هيغل الذي كان مسؤولا عن كرسي الفلسفة في جامعة هيدلبرغ في ألمانيا وكان اعتاد أن يعود سيرا على الاقدام بعد الدوام ويلتقي زوجته في موعد الغداء، وكانت تسأله دوما ما هو الجديد اليوم في المدينة. وذات يوم صادف هيغل دخول الامبراطور نابوليون فاتحا للمدينة ممتطيا حصانه الابيض ومحاطا بثلة من الضباط اركان حربه، فبادرها بالقول: صادفت اليوم عقل العالم يمتطي حصانا أبيض داخلا المدينة. أراد أن يقول إنه شاهد على لحظة التغيير التاريخي بفعل دخول نابوليون وفكر الثورة الفرنسية الى قلب ربوع ألمانيا، فالرجل نابوليون كان يرمز لهيغل اعتناقه حركة التاريخ، التاريخ الذي هجرناه بوصفه ومضات حضارية”.
أضاف: “نحن لبنانيون وعرب، زعماء وافراد، رسميون وعامة، نتخبط في تناقضات المظاهر البائدة والاستعراضية الفاشلة. لقد أخذنا من السلطة مظاهرها وتركنا مسؤولياتها ، وربما أمات البعض منا ضمائرهم الحية وغاصوا في انانية الفسق والفساد والاستغلال والاذية، لكن الأوطان لا تبنى بهؤلاء، فالشعوب الحية تقتدي بمناراتها وتنبذ مستغليها حين لا تنفع المكابرة ولا الكبرياء”.