قال الرئيس فؤاد السنيورة في حديث الى تلفزيون “الشرق”: “ان تفجير مرفأ بيروت من أكبر التفجيرات غير النووية التي حصلت في تاريخ العالم. وإننا كرؤساء حكومات سابقين، وفي صباح اليوم التالي لوقوع الجريمة، أي في الخامس من آب، أصدرنا بيانا طالبنا فيه الحكومة بوجوب تعيين لجنة تحقيق دولية نظرا لما يكتنف هذا التفجير الكبير والخطير من أشياء مريبة وشكوك. وقد تبين لنا في ما بعد، صحة هواجسنا وصوابية موقفنا، وذلك من خطورة الملابسات التي ظهرت وتبين أنها تحيط بهذا التفجير. كيف أتت هذه الباخرة إلى لبنان، ولماذا وكيف أفرغت حمولتها في المرفأ، وكم كانت كميتها عندما أفرغت، وكيف كان يجري سحب وإخراج كميات كبيرة من تلك المواد إلى خارج المرفأ، بحيث يقدر حجم التفجير بما يعادل 20% من المواد التي أنزلت وإلى أين خرجت تلك الكميات ولماذا؟”.
أضاف: “على ما يبدو، لقد أخرجت تلك الكميات لخدمة أغراض ينبغي التحقق منها وربما استعملت من قبل البعض في البراميل المتفجرة التي كانت يستخدمها النظام السوري أو غيره، كل هذه أسئلة ينبغي الإجابة عليها. ولكن الأمر الأساس الذي تبين من التحقيقات، أنه كانت هناك، وعلى ما يبدو، يد خفية ترعى كل أمر يتعلق بهذا الملف داخل المرفأ وعلى مدى السنوات السبع الماضية، بحيث ظهر وكأن جميع المسؤولين في المرفأ من موظفين وأجهزة كانوا كتبوا وأرسلوا وتبادلوا الاحالات والمراسلات بين بعضهم بعضا ولكن الشحنة والمواد المتفجرة بقيت في مرفأ بيروت، وكان يجري إخراج أجزاء منها كما ذكرت”.
وتابع: “أما بشأن التعقيدات القضائية، فأعتقد أن القاضي، وهو نزيه بلا أدنى شك، ولكن تم تقديم دعوى ارتياب بحقه من قبل وزيرين سابقين هما نائبان أيضا، ووزير سابق آخر، وهم أيضا محامون، وبالتالي كان ينبغي على القاضي ان ينظر في معالجة هذا الموضوع من الزوايا الصحيحة التي تمكنه من ان يكون ملتزما بأحكام الدستور. هناك مواد في الدستور تحتم على القاضي أن يلتزم بها عندما يتعلق الاستدعاء بالوزراء والنواب، وينبغي عليه أن يحيل الملف المتعلق بالتحقيق معهم إلى المحكمة الخاصة التي يحددها الدستور في المادتين 70 و71، وكان بإمكانه عندها متابعة تحقيقاته الأخرى في هذا الامر، بمعزل عن التحقيقات التي كان يجب ان تجري من قبل المحكمة الخاصة مع الوزراء والنواب المعنيين”.
وإذا كان هناك ثغرة دستورية وقانونية في قرار القاضي فادي صوان، قال الرئيس السنيورة: “لقد توقف القاضي عن التحقيق بدل متابعته. كذلك، كان ينبغي أن يركز على الجوانب المتعلقة بالقضايا الأساسية، ويبدو لي أنه حتى الآن امتنع أو لم يول الاهتمام اللازم للمسائل الأساسية المتعلقة بهذه المواد، بل اقتصرت تحقيقاته على المسؤولين الإداريين في المرفأ، وهم مسؤولون بالطبع وينبغي محاكمتهم إذا حددت التحقيقات مسؤولياتهم. ولكن الامر الأساس يبقى وجوب العودة إلى الشحنة ومن أتى بها، ما هذا الفيلم الهوليودي حول الباخرة لتأتي الى بيروت بعد ان كانت وجهتها موزمبيق، وكيف جرى ترتيب إدخالها إلى المرفأ وإنزال حمولتها في العنبر رقم 12 وبعدها إغراقها، ثم إخراج أكثر من ثمانين بالمائة من الشحنة من المرفأ، ولماذا لم تتم إعادة شحن المواد إلى خارج لبنان”.
أضاف: “إن قضايا من هذا النوع من غير الضروري أن يعرف بها الوزير المعني إلا إذا جرى لفت انتباهه أو علم بها، وهذا ما يجب أن يبينه التحقيق، فتتحدد مسؤولية الوزير أو حتى رئيس الوزراء. وفي هذا السياق، رئيس الجمهورية اعترف وقال انا علمت قبل 15 يوما من التفجير بأن هذه الشحنة من المواد المتفجرة موجودة في مرفأ بيروت. وكما هو معلوم، فإن رئيس الجمهورية هو قائد جيش سابق ويعلم تماما ماذا يعني هذا النوع من الكميات المتفجرة، فاستيرادها ممنوع ولو بكمية صغيرة، إلا بناء على ترخيص خطي مسبق، وبعد موافقة مجلس الوزراء، فكيف الحال بكمية 2755 طنا جرى إنزالها في مرفأ بيروت وعلى مقربة من المناطق السكنية”.
وتابع: “وعن تحديد طبيعة الجرم في ما خص علاقة الوزير أو رئيس الوزراء بهذا الموضوع، ينبغي على القاضي أن يحدد منذ البداية إذا كانت جريمة في معرض تنفيذ أولئك المسؤولين لمهامهم الدستورية، أكان ذلك بالنسبة للوزير أو لرئيس الحكومة. إذا كان هذا الجرم ارتكب في معرض أدائهم لمسؤولياتهم الحكومية، فعلى القاضي إحالة الملف الى مجلس النواب لمحاكمتهم من قبل المحكمة الخاصة. أما إذا كانت جريمة عادية، فمن حق القاضي أن يحقق معهم، وعليه أيضا أن يحقق مع رئيس الجمهورية وإحالة الملف المتعلق به إلى المحكمة الخاصة”.
وعن التدخلات السياسية في التحقيق لاغلاق الملف، قال: “كنت أتمنى، منذ البداية، لو جرى التحقيق تحت مسؤولية التحقيق الدولي، وفي حال عدم التمكن من إجراء تحقيق دولي، فأعتقد أننا سنشهد مزيدا من المصاعب. لذلك، كنت أتمنى من القاضي صوان ان يلتزم بأحكام الدستور، ويتابع العمل، ويجهد من أجل الاحاطة بكل جوانب التحقيق ولا سيما الأساسية منها، وألا يكتفي بمعالجة الجوانب المتعلقة بمسؤولية الموظفين والأجهزة العسكرية والأمنية المعنية في المرفأ وألا يكتفي بملاحقهم. وأكرر الأساس يكمن في إجراء التحقيقات اللازمة مع الجهات الأساسية، أكان ما يتعلق بمسؤولية من كان وراء الإتيان بتلك المواد إلى لبنان أو مسؤولية أي دولة أو حزب متورطين في هذا الأمر”.
أضاف: “لدي تخوف وهاجس من حصول تدخلات سياسية، لذلك كان المطلب بلجنة تحقيق دولية، فهذه المسألة تنطوي على علاقات متشعبة تتعلق بعدة دول، وهناك يد خفية كانت تعمل في المرفأ يجب كشفها، إذ أنه من غير الممكن ان يتم استيراد هذه المواد وسحب كميات منها من دون علم أحد، وهذه هي المشكلة”.