الخبر بالصوت

وجه الرئيس المكلف سعد الحريري، من “بيت الوسط” كلمة إلى اللبنانيين لمناسبة الذكرى الـ16 لاستشهاد ‏الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تحدث فيها عن مجمل الوضع الراهن وخلفيات أزمة تشكيل الحكومة ووقائع ‏مشاوراته مع رئيس الجمهورية ميشال عون بالتفاصيل، وضمنها رؤيته للخروج من هذا النفق‎.‎
‎ ‎
واستهل الرئيس الحريري كلمته بالقول: “وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، ليس قليلا أنه منذ 16 سنة، كل سنة يزيد ‏شعوري أني فقدتك وليس قليلا أكثر وأكثر أن اللبنانيين يزيد شعورهم أنهم فقدوك. حتى من اعتقدوا أنفسهم أنهم ‏باتوا أكبر من البلد، لا يستطيعون أن ينسوك بعد 16 سنة، ولا زال إسمك يذبحهم، ولا زالوا خائفين ومن ‏مشروعك الحقيقي للبلد. ربما لأن اللبنانيين ما زالوا يعيشون على ما عمرته، يتعلمون في الجامعة التي بنيتها، ‏ويسيرون على الأوتوسترادات التي شققتها، ويتطببون في المستشفيات التي فتحتها، وأكيد لأن اللبنانيين بعد 16 ‏سنة يرون من عطل ومن خرب ومن أعاد البلد 30 سنة إلى الوراء، وأكثر‎”.‎
‎ ‎
أضاف: “كل اللبنانيين يرون أن بعد 16 سنة، ما زال رصيدك العربي والدولي وما زلنا نحاول أن نجيره ‏لمصلحة لبنان ولمصلحة الدولة. واليوم، في الذكرى الـ16 لاستشهادك، لكل من ليس لديهم “شغلة وعملة” إلا ‏الهجوم على الحريرية السياسية، أريد أن أذكرهم ما هي الحريرية السياسية: الحريرية السياسية أوقفت الحرب ‏الاهلية، الحريرية السياسية أعادت لبنان إلى الخريطة، الحريرية السياسية عمرت بيروت، الحريرية السياسية ‏بنت مستشفيات حكومية، ومستشفى رفيق الحريري نموذج، الحريرية السياسية عمرت الجامعة الوطنية ‏والمدارس الرسمية، والمطار، وأتت بالمستثمرين والسياح إلى البلد، وأقامت أول شبكة خلوي في الشرق الاوسط، ‏‏(أي حتى قبل اسرائيل) والحريرية السياسية هي الاعتدال والملاقاة والكلمة الطيبة، وغيرها وغيرها وغيرها‎.‎
‎ ‎
هذه هي الحريرية السياسية. سؤالي الوحيد: أنتم ما هي إنجازاتكم؟ ما الذي فعلتموه للبلد وللناس في البلد؟
‎ ‎
رحمك الله يا رئيسنا الشهيد رفيق الحريري، وفي الليلة الظلماء، يفتقد البدر‎.‎
‎ ‎
بعد 16 سنة على اغتيالك، “مش ماشي الحال” هناك فرصة لكي “يرجع يمشي الحال”، ولكن “مش ماشي ‏الحال”، ليس هناك لبناني مرتاح، الاقتصاد منهار، جزء أساسي وحبيب من بيروت تدمر بانفجار المرفأ، ‏ونترحم على الضحايا البريئة التي سقطت ونطالب بمعرفة الحقيقة وبالعقاب العادل. كورونا تفتك كل يوم بعائلاتنا ‏وأصحابنا وكبارنا، ومسلسل الاغتيالات ما زال قائما، ويأخذ بدربه أغلى الناس، وآخرهم الشهيد لقمان سليم، الذي ‏سلك طريق محمد شطح وجبران تويني وسمير قصير، بصلابة الموقف وحرية الفكر‎.‎
‎ ‎
مسلسل الاغتيالات مستمر، من محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة وصولا لاغتيال لقمان سليم‎”.‎
‎ ‎
وتابع الحريري: “منذ بضعة أشهر، صدر حكم من المحكمة الخاصة بلبنان بحق سليم عياش، أحد قتلة الرئيس ‏الشهيد رفيق الحريري، هذا الحكم يجب أن ينفذ، وعياش يجب أن يتم تسليمه، مهما طال الزمن. والأهم، مسلسل ‏الاغتيالات، يجب أن يتوقف. وسيتوقف، وإذا لم يتوقف، هناك مشكل كبير بالبلد، غضب الناس انفجر من 16 ‏شهرا، وكل يوم يكبر، ومن حقه أن يكبر، ويجب أن يكبر، الحل موجود، معروف، وجاهز. في كل لقاءاتي ‏العربية والدولية، وفي كل اتصالاتي التي أجريها، هناك جهوزية واستعداد لا بل حماس، لمساعدة لبنان، لوقف ‏الانهيار، لإعادة إعمار بيروت، لنعطي أفقا للبنانيين، ليعرفوا، فقط ليعرفوا كيف سيحصل الحل لسعر صرف ‏الليرة، لأموالهم بالبنوك، لأكلهم، للدواء، للأقساط، لمستقبلهم ومستقبل أولادهم. كل ذلك ينتظر كبسة زر، والزر؟ ‏حكومة اختصاصيين غير حزبيين، قادرة أن تحقق الاصلاحات المطلوبة، والتي فصلتها ووضعت لها خارطة ‏طريق، مبادرة الرئيس الصديق إيمانويل ماكرون. غير ذلك، لا أحد مستعد، ولا أحد سيساعد، والانهيار سيكمل ‏حتى الانفجار الكبير لا سمح الله‎.‎
‎ ‎
وهي ليست صدفة، ولا نكايات، ولا فرض إرادة خارجية. هم أنفسهم، ساعدوا لبنان كثيرا بالسابق واستثمروا ‏بلبنان، في ظل حكومات سياسية، وما كانت النتيجة؟ بعد كل محاولات الاصلاح التي تم إفشالها، من باريس 2 ‏أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصولا إلى مؤتمر سيدر من 3 سنوات، صار كل مستثمر لبناني أو غير ‏لبناني لديه مطلبين: الاول أن يبدأ الإصلاح قبل أن يضع قرشا بالبلد، والثاني تغيير طريقة عمل وعقلية أوصلتنا ‏إلى هنا، بالكامل‎”.‎
‎ ‎
وأردف: “هذا هو المعنى الحقيقي للمبادرة الفرنسية، ولحكومة الاختصاصيين ولخريطة طريق الاصلاح. تغيير ‏طريقة العمل، يعني أنه لا يستطيع كل وزير بالحكومة أن ينتظر عبر الهاتف قرار حزبه ليعرف ما عليه أن يفعل. ‏والإصلاح يعني تغيير منظومة تهرب وتهريب، وفساد ومحاصصة وإفشال الدولة على حساب المواطنين، وعلى ‏حساب حقنا البديهي أن نعيش جميعا، من كل الطوائف والمناطق، في دولة طبيعية، وهنا أريد أن أقول كلمة عن ‏الفساد ومحاربته. محاربة الفساد تبدأ بإصلاح يضمن استقلالية القضاء، وليس بالضغط السياسي على بعض ‏القضاة ليفتحوا بعض الملفات بالسياسة ويقفلوا بعض الملفات بالسياسة. هذا التصرف الذي يضمن بالنهاية ‏استمرار الفساد لأنه يدمر مصداقية القضاء والسلطة القضائية. إذن، من يمنع تشكيل الحكومة يمنع إطلاق ‏الاصلاحات، ويؤخر وقف الانهيار وإعادة الاعمار، ويطيل معاناة اللبنانيين والمآسي التي يعيشها الجميع، ويمنع ‏تغيير طريقة العمل، والعقلية التي تسببت بالازمات كلها، وبالنهاية يقول أن قراره خراب البلد‎”.‎
‎ ‎
وقال: “دعونا نرى ما الذي يمنع تشكيل الحكومة اللازمة لوضع البلد على طريق الحل. وهنا أريد أن أقول بمنتهى ‏الصراحة، بعد كمية الكذب والافتراء والخرافات التي رميت منذ أن اختارني النواب لتشكيل الحكومة، لا تطاق، ‏وأنا صبرت كثيرا، وانتظرت كثيرا، لأعطي فرصا، ولا زلت أعطي فرصة، لكن الافتراء صار كبيرا. والكذب ‏بات لا يحتمل‎.‎
‎ ‎
يقال أن المشكلة هي أني بالتشكيلة التي قدمتها لفخامة الرئيس، تعديت على صلاحياته الدستورية، وعلى حقوق ‏المسيحيين، لأني لم اسمح له أن يختار الوزراء الذين يريدهم، والوزراء المسيحيين تحديدا. أليس ذلك ما تسمعونه ‏في الإعلام؟ في التلفزيونات؟ في الاذاعات؟ أليس هذا ما تقرأونه بالجرائد؟ وبالسوشال ميديا كل يوم، وكل لحظة، ‏منذ شهرين وحتى اليوم؟ طيب. أنا سأقول، ولندع اللبنانيين يحكمون‎”.‎
‎ ‎
أضاف: “أولا أنا ذهبت وقابلت فخامة الرئيس 16 مرة منذ أن تم تكليفي. وفي المرة الثانية، أعطاني فخامة ‏الرئيس لائحة، بالألوان، لكل الاسماء التي يجدها مناسبة برأيه للتوزير. وأقول ذلك لأن هناك من اخترع أني ‏صورتها بهاتفي ولم يعطني إياها. كلا. هو يعرف، ومساعده الذي ناداه فخامة الرئيس وقال له خذ هذه اللائحة ‏واطبع له نسخة بالألوان لدولة الرئيس يعرف‎.‎
‎ ‎
فخامة الرئيس شخصيا سلمني هذه اللائحة باليد، وأعود وأقول في ثاني لقاء بيننا. بجميع الاحوال، بعد 14 جولة ‏تشاور ومحاولات إيجاد الحلول مع فخامة الرئيس، ذهبت إليه وقدمت له اقتراح تشكيلة من 18 وزيرا من ‏الاختصاصيين، غير حزبيين، القادرين على أن ينفذوا كفريق متكامل، الإصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار ‏وإعادة اعمار بيروت، وإعادة الأمل للبنانيين‎.‎
‎ ‎
ونعم، في هذه التشكيلة ليس هناك ثلث معطل، أي 7 وزراء لأي طرف من الاطراف. ودعوني أكون واضحا‎:‎
‎ ‎
عن هذه النقطة لا تراجع، لأن الثلث المعطل يعني بأفضل الاحوال أن كل قرار مهم تأخذه الحكومة، وتنتظرها ‏قرارات مهمة كثيرة، يجب أن نعود إلى صاحب الثلث، ونفاوضه، ونقايضه. وفي أسوأ الاحوال، صاحب الثلث ‏قادر أن يمنع النصاب عن الجلسات، لنفاوضه، ونقايضه، ونقايضه ونفاوضه! أو حتى أن يقيل الحكومة باستقالة ‏وزرائه. وعندها، “خود على تفاوض ومقايضة، وخود على شغل واصلاح وانجازات‎!”‎
‎ ‎
غير ذلك، لماذا يريد الثلث المعطل؟ مما يخاف؟ فخامة الرئيس موجود، ومجلس النواب موجود، ليخبرنا: مما ‏يخاف؟ إلا اذا كان هناك خلف الستارة، من يحرك ويشجع، ليقل لنا بوضوح‎!‎
‎ ‎
من أصل 18 وزيرا، اعتبرت أن لفخامة الرئيس 6 وزراء، علما أن التيار الوطني الحر لم يسمني، وفخامة ‏الرئيس يقول لي إنه هو يتحدث مع تياره‎.‎
‎ ‎
إذا، 6 وزراء، واحد منهم من الطاشناق، الذي نوابه هم اعضاء في تكتل لبنان القوي، ويصوتون كل مرة مع ‏التكتل في المجلس النيابي. ومن الخمسة الباقين، 4 أسماء، تنطبق عليها مواصفات الاختصاص وعدم الانتماء ‏الحزبي والكفاءة، اخترتها من لائحة فخامة الرئيس، اللائحة الملونة، “ما غيرها”. والخامس، شخصية محترمة، ‏اختصاصية، غير حزبية، مقربة، من فخامة الرئيس وسبق وطلب مني شخصيا أن أدعم ترشيحها لمنصب ‏مرموق، تستحقه وأكثر‎.‎
‎ ‎
وفوق ذلك، اقترحت في التشكيلة نفسها، لوزارة الداخلية اسم قاض معروف، مشهود لكفاءته ونظافته، وسبق أن ‏حكم ضد تيارنا السياسي بالقضاء، ومقرب جدا، جدا من بعبدا، وتعيينه بمنصبه الحالي كان منذ أن كان وزير ‏العدل مستشار فخامة الرئيس سليم جريصاتي. (بس مشكلتو… بيقول لأ‎!)‎
‎ ‎
وبدل أن يدعو فخامة الرئيس الرئيس المكلف، ويعطيه ملاحظاته على التشكيلة، بحسب ما ينص عليه الدستور ‏والمنطق ومصلحة البلد واللبنانيين، جاء الجواب بالإعلام، بالخطابات، بالبيانات، بالتسريبات، أنها مرفوضة، لأن ‏سعد الحريري هو من اختار الأسماء، حتى ولو من لائحة الرئيس والمقربين منه. وأن هذا اعتداء على حقوق ‏المسيحيين وعلى صلاحيات الرئاسة. وأننا نمنع الرئيس من أن يطلب الوزارات التي يريدها، مع مشكلة إضافية ‏وخاصة على الداخلية‎”.‎
‎ ‎
وتابع: “أولا من ينتمي لمدرسة سياسية، استشهد من 16 سنة في مثل هذا اليوم مؤسسها، رفيق الحريري، وهو ‏يقول: “وقفنا العد، والمسيحيون نص الدولة، شو ما كانت الاعداد”، وحتى اليوم نكرر: وقفنا العد”، فليس لسعد ‏رفيق الحريري تهمة الاعتداء على حقوق المسيحيين‎.‎
‎ ‎
ثانيا، منذ اول يوم، ومنذ يومين، ذهبت إلى فخامة الرئيس وقلت: إذا كنت تريد تغيير أسماء بين الحقائب الخمسة ‏فقل لي. انا جاهز. سم لي لكل حقيبة 3 او 4 اسماء تنطبق عليها المواصفات، وانا مستعد أن أختار الافضل من ‏بينها للحقيبة‎.‎
‎ ‎
أكثر من ذلك. قلت له: إذا كانت هناك حقيبة لا تناسبك، او اثنتان، وتريد أن تغيرهما. فقل لي. انا منفتح لأبحث ‏بالأمر وأجد حلا‎.‎
‎ ‎
وأكثر وأكثر من ذلك. قلت له، إذا كنت لا تريد الاسم الذي اقترحته لوزارة الداخلية فأنا مستعد أن أقترح على ‏فخامتك 3 او 4 اسماء لهذه الوزارة وأنت تختار الأنسب لك من بينهم. أين الاعتداء على صلاحيات الرئاسة لا ‏سمح الله؟ وأين الاعتداء على حقوق المسيحيين لا سمح الله الف مرة؟
‎ ‎
سؤالي: أين كنتم أنتم من حقوق المسيحيين حين بقيت الرئاسة شاغرة حوالي 3 سنين؟ هذا الكلام لا يقال لسعد ‏الحريري الذي قام بكل شيء ليضع حدا للفراغ في المنصب المسيحي الاول بالدولة وصولا لانتخاب الرئيس ‏عون‎”.‎
‎ ‎
وتابع: “تريدون أن تتحدثوا عن حقوق المسيحيين؟ إن لم يكن هناك اقتصاد واستقرار، ولم تكن هناك دولة، فليس ‏هناك حقوق لا للمسيحيين ولا لغيرهم‎!‎
‎ ‎
حقوق المسيحيين هي ببساطة حقوق اللبنانيين. حقوقهم أن نوقف الانهيار، ونعيد إعمار بيروت، ونوقف الكارثة ‏التي ترميهم جميعا، مسيحيين ومسلمين، على دروب الشرشحة والتعتير والهجرة. حقوقهم أن نقوم بإصلاحات، ‏تغير طريقة العمل والعقلية بكاملها، ونعم حقوقهم تدقيق جنائي بالبنك المركزي وبكل المؤسسات والإدارات ‏والوزارات: بالكهرباء، بالاتصالات، بالسدود، بالصناديق، بكل شيء، من سنة 1989 وحتى اليوم، لتُعرف حقيقة ‏ما حصل، وتتم ملاحقة كل مرتكب وفاسد وسارق‎!‎
‎ ‎
حقهم اصلاحات تأتي بالكهرباء، وتوقف التهريب، والتهرب، وتنظيم الجمرك، ومداخيل الدولة، ومصاريفها، ‏وتؤمن استقلالية حقيقية بالقضاء. حقوق المسيحيين من حقوق المسلمين بالكرامة، والطبابة والتعليم. حقوقهم ألا ‏يكونوا يتساقطون بالعشرات تحت وطأة كورونا، وحقوقهم ألا يكونوا ضحية أحد يرى أن مصلحته الشخصية ‏خراب البلد، أو يرى أن مصلحته الشخصية أكبر من البلد‎”.‎
‎ ‎
وأردف: “على كل حال، جواب فخامة الرئيس الاولي بصراحة لم يكن مشجعا وعاد إلى نغمة 6 زائد الطاشناق، ‏أي الثلث المعطل، وهذا مستحيل‎.‎
‎ ‎
فخامة الرئيس يقول إن الطاشناق ليسوا معه، لأنهم سموني، عِلما أنهم في اليوم التالي، صوتوا بالبرلمان مع تكتل ‏الرئيس، وبعكس نواب المستقبل، ومنذ وجودهم بالبرلمان، وكل مرة نواب الطاشناق، يصوتون مع نواب التيار ‏الوطني الحر‎.‎
‎ ‎
لكني قلت لفخامة الرئيس، وأقول امامكم وأمام الله، أنا مستعد وجاهز وملتزم اليوم وغدا وبعده. وليست هناك قوة ‏ستفقدني الامل ببلدي وبقدرة أبناء بلدي على وقف الانهيار والعودة إلى طريق التعافي، بإذن الله‎”.‎

“الشرق”

اترك تعليقًا