الخبر بالصوت

تبخّرت الآمال في ولادة حكومية قريبة التي عُقدت على عودة الرئيس ‏المكلّف سعد الحريري، ليعود الاستحقاق الحكومي الى مربع ‏الاشتباك بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وما بينهما، ‏وذلك في ضوء المستور في ملف التأليف، الذي كشفه أمس، من ‏دون ان يغلق الباب امام إمكان التوافق على تشكيلة وزارية، ولكن في ‏وقت غير معلوم، ربما في انتظار زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ‏ماكرون المنتظرة للمملكة العربية السعودية، والتي يُعوَّل عليها ان ‏تفتح آفاقاً جديدة معطوفة على المعطيات التي عاد بها الحريري من ‏جولته الاخيرة على القاهرة وابوظبي وباريس، ودفعته الى الجزم بأنّ ‏‏”الحكومة ستتشكّل”. في وقت باشر لبنان أمس حملة التلقيح ضدّ ‏وباء كورونا، على امل ان يتلقّى لاحقاً “اللقاح الحكومي”!.‏ 

لم تخرج كلمة الحريري في الذكرى السادسة عشرة لاغتيال والده ‏الشهيد رفيق الحريري عن السقف المتوقع، لكونه لا يريد ان يقطع ‏الخيط الذي يجمعه برئيس الجمهورية ميشال عون، ويمنحه على طبق ‏من فضة، فرصة دعوته إلى الاعتذار، طالما انّه لا يريد التعاون معه، ‏فتمسّك الحريري بالعناوين نفسها التي دأب على تكرارها في الآونة ‏الأخيرة: لا اعتذار عن التكليف، لا ثلث معطلاً لأي فريق سياسي، ولا ‏حكومة من وزراء اختصاصيين حزبيين. وفي موازاة هذه اللاءات، كشف ‏الحريري بعض التفاصيل المتعلقة بالأسماء التي زوّده اياها عون وأخذ ‏بها. وأكّد انّ تأليف الحكومة التي يسعى إليها ستعيد فتح باب ‏الاستثمارات مجدّداً، وستشكّل فرصة للإنقاذ، وكشف انّ نتائج جولته ‏الخارجية إيجابية، وانّ عواصم القرار تنتظر تشكيل الحكومة وفق ‏مواصفات المبادرة الفرنسية لإعادة فتح باب المساعدات، لأنّ حكومة ‏من هذا النوع قادرة على تحقيق الإصلاحات، فيما الحكومة التي ‏يسعى إليها عون ستُبقي لبنان في الفراغ حتى لو تشكّلت.‏
‏ ‏
وفي خلاصة إطلالة الحريري، توقفت مصادر متابعة لملف التأليف ‏أمام ثلاثة عناوين: رمى كرة التعطيل في حضن العهد، وضع عون ‏أمام الأمر الواقع: إما ان يتعاون معه وفق الشروط التي أعلنها طبقاً ‏للمبادرة الفرنسية وطبيعة المرحلة وتحدّياتها، وإما انّ الفراغ سيراوح. ‏ولاحظت هذه المصادر، انّ الحريري أعطى اللبنانيين جرعة أمل مهمّة ‏في إمكانية تجاوز الأزمة المالية في حال تمّ التقيُّد بالحكومة التي ‏يقترحها، الأمر الذي يرفع من منسوب ضغط الرأي العام على عون ‏واستطراداً على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.‏
‏ ‏
ورأت المصادر نفسها، انّ الحريري نجح في الآونة الأخيرة، وتحديداً في ‏كلمته أمس، في الظهور بمظهر المنقذ وإظهار العهد في مظهر ‏المعطِّل، قاطعاً الطريق على أي حرف للأزمة في اتجاه طائفي، من ‏خلال تذكيره بمواقف والده برفض العدّ، وتمسّكه بهذا المبدأ، وانّه آخر ‏شخص يمكن ان يعتدي على حقوق الطوائف، فيما همّه الأساس ‏تلبية حقوق جميع اللبنانيين بما يخدم كل الطوائف.‏
‏ ‏
في هذه الاثناء، بدا انّ العهد لن يتعامل إيجاباً مع ما تضمنته كلمة ‏الحريري، بدليل الردود الفورية التي صدرت عن أكثر من نائب وقيادي ‏في تكتل “لبنان القوي”، الأمر الذي يعني أنّ الأزمة ستراوح، فيما ‏الوساطات الداخلية اصطدمت بالحائط المسدود، ولا مؤشرات إلى ‏وساطات خارجية في الأفق القريب، وبالتالي المتوقع هو مزيد من ‏السخونة السياسية بين قصر بعبدا و”بيت الوسط”، ومزيد من التأزُّم ‏على أكثر من مستوى، ومزيد من الفراغ في انتظار ما هو غير معلوم ‏بعد، طالما انّ عون والحريري ليسا في وارد التراجع، وطالما انّ رهان ‏عون على تراجع الحريري لم يكن في محله.‏
‏ ‏
حملة على الحريري
وفي الوقت الذي استعدت فيه قيادات التيار لشن حملة اعلامية عبر ‏وسائل التواصل الاجتماعي تحت “هاشتاغ”: #الحريري_الى_التدقيق”، ‏لم تتناول الردود على كلمته مضمونها، وما أشارت اليه من وقائع ‏شهدتها بعض الجلسات بينه وبين رئيس الجمهورية. وذلك ربما في ‏انتظار المؤتمر الصحافي لباسيل الاحد المقبل، في حال لم يستعجل ‏الى عقده قبل هذا الموعد.‏
‏ ‏
تزامناً، كشفت مصادر مطلعة على مجريات اكثرية جلسات ‏المشاورات بين عون والحريري لـ “الجمهورية”، انّ الاخير اجرى ارشفة ‏دقيقة لمراحل المفاوضات منذ الجلسة الثانية، وما رافقها من محطات ‏تناول فيها مختلف الروايات والسيناريوهات التي تمّ تسريبها بنحو ‏متتالٍ في مرحلة سابقة، وأوضح فيها بعض الحقائق وما شهدته ‏وصولاً الى تسليمه تشكيلة “9 كانون الاول” الماضي، وأورد بعض ‏الوقائع التي ما زالت مدار أخذ وردّ من دون ان يشرح احد ما جرى فيها ‏بنحو دقيق، قبل ان يكشفها الحريري امس.‏
‏ ‏
ولفتت هذه المصادر، الى انّ الحريري كشف بطريقة لا لبس فيها ما ‏جرى معه، وقدّم صورة للائحة التي تسلّمها من عون في ذلك اللقاء، ‏من دون ان يسلّمها او يكشف عمّا تضمنته من أسماء لأي من ‏الاعلاميين وحتى لمساعديه.‏
‏ ‏
نفي التسريب
وفي هذه الاجواء، اجمعت مصادر بعبدا و”بيت الوسط” ‏لـ”الجمهورية”، على انّ اللائحة التي تسرّبت عن الأسماء التي اقترحها ‏رئيس الجمهورية ليست دقيقة، بدليل حجم الأخطاء المرتكبة فيها، ‏ووجود اسماء مختلطة بين مسيحيين ومسلمين لحقيبة كانت من ‏حصّة احدى الطائفتين، هذا عدا عن الاخطاء في الانتماء الطائفي ‏لبعض الاسماء، ليتبيّن لاحقاً انّ هذه الاخطاء نجمت عن “قرصنة” ‏اللائحة من شاشة التلفزيون بطريقة غير واضحة، فتشابكت الاسماء ‏والحقائب.‏
‏ ‏
أربعة اسماء
واكّدت مصادر مستقلة من خارج الاصطفاف القائم بين بعبدا و”بيت ‏الوسط” هذه الرواية، وكشفت لـ “الجمهورية”، انّ اللائحة سُحبت من ‏شاشة التلفزيون عندما رفعها الحريري بيده اثناء القاء كلمته، وتمكّن ‏البعض من تظهيرها، الامر الذي اتاح التعرف على ما تضمنته من ‏اسماء.‏
‏ ‏
وأضافت المصادر، انّ الحريري اختار من لائحة رئيس الجمهورية اربعة ‏اسماء، وهي لكل من نقيب المحامين السابق المحامي انطوان ‏قليموس لحقيبة العدل، والاستاذ الجامعي عبده جرجس لوزارة التربية، ‏والدكتور سعادة الشامي للمالية، والمهندس وليد نصار للاشغال ‏العامة والنقل.‏
‏ ‏
بعبدا لا تضيف
ورفضت مصادر قصر بعبدا إضافة اي تعليق على مضمون البيان ‏الذي صدر عن مكتب الاعلام في القصر الجمهوري تعليقاً على كلمة ‏الحريري والذي تضمن الآتي: “مرة جديدة استغل رئيس الحكومة ‏المكلّف سعد الحريري ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، ‏ليلقي كلمة، تناول فيها ملابسات تشكيل الحكومة العتيدة وضمّنها ‏مغالطات كثيرة وأقوالاً غير صحيحة لسنا في وارد الردّ عليها مفصّلاً ‏لتعذّر اختصار 14 جلسة ببيان. لكن تكفي الإشارة الى أنّ ما أقرّ به ‏رئيس الحكومة المكلّف في كلمته، كافٍ للتأكيد بأنّه يحاول من خلال ‏تشكيل الحكومة فرض أعراف جديدة خارجة عن الاصول والدستور ‏والميثاق”.‏
‏ ‏
عين التينة
في غضون ذلك، اعتبرت اوساط عين التينة، “انّ الناس أصبحوا غير ‏مهتمين بكل السجالات السياسية، ولا يريدون سوى امر واحد وهو ‏تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد”.‏
‏ ‏
وفي سياق متصل، أبلغت اوساط واسعة الاطلاع الى “الجمهورية”، ‏انّ “الدور الفرنسي في لبنان بات على المحك، فإما ان يستطيع فرض ‏الحكومة قريباً، واما سيسقط هذا الدور لفترة طويلة”، لافتة إلى “انّ ‏باريس أصبحت أمام معادلة “‏now‏ او ‏never‏”.‏
‏ ‏
وتعليقاً على خطاب الحريري، لاحظت اوساط سياسية معارضة لـ”بيت ‏الوسط”،انّ “هناك فراغات واجتزاء في الرواية التي سردها حول ‏العراقيل التي تؤخّر تشكيل الحكومة”، متسائلة: “لماذا يكون للحريري ‏والرئيس نبيه بري و”حزب الله” والنائب السابق وليد جنبلاط الحق في ‏تحديد هويات الوزراء السنّة والشيعة والدروز، بينما يريد الحريري ان ‏يتدخّل في أسماء الوزراء المسيحيين، ومن قال له انّ الدكتورة فاديا ‏كيوان، التي لمّح اليها، يجب أن تكون مقبولة حكماً عند رئيس ‏الجمهورية، فقط لأنّه كان قد تمنّى دعمها لتولّي مركز في الخارج ‏انطلاقاً من كونها لبنانية بالدرجة الأولى؟ ومن قال له أيضاً انّ القاضي ‏زياد ابو حيدر الذي رشحّه لوزارة الداخلية هو خيار مقبول بالضرورة لدى ‏عون، لمجرد انّ هذا القاضي تمّ تعيينه في مركزه ايام وزير العدل ‏السابق والمستشار الرئاسي الحالي سليم جريصاتي؟
‏ ‏
معاون بري
ولفت امس موقف عبّر عنه المعاون السياسي لبري النائب علي حسن ‏خليل في كلمة له في بعلبك، اشار فيه الى مبادرة رئيس مجلس ‏النواب التي دعا فيها الى تشكيل حكومة وفق “صيغة قائمة على حق ‏الكتل النيابية في اقتراح ما تراه مناسباً، وعلى دور الرئيس المكلّف ‏اقتراح الأسماء التي يريد، وأن يكون هناك نوع من الاختيار المبني ‏على الكفاءة وعلى الإلتزام بالمعايير التي توافقنا عليها في ما يُسمّى ‏بالمبادرة الفرنسية”. وقال: “للأسف هناك من يريد أن يكرّس واقعاً ‏يفرض ما يشبه الثلث الضامن في الحكومة، وهناك من يريد أن يؤثر ‏ويمسك بقرار هذه الحكومة لحسابات خاصة به”. وأكّد “أنّ الأزمة التي ‏نعيش مفتاحها حلّ المشكلة السياسية وتشكيل الحكومة والإسراع في ‏إقرار خطة إصلاح في الوضع النقدي، إعادة هيكلة للوضع المالي، ‏إعادة دفع للاقتصاد، إطلاق عجلة النمو، والاتفاق مع الجهات ‏المانحة”.‏
‏ ‏
وفي المواقف السياسية ايضاً، دعا رئيس “الحزب التقدمي ‏الاشتراكي” وليد جنبلاط الى”صيغة سياسية جديدة. إذ لا نستطيع أن ‏نستمر في الصيغة القديمة”. وهاجم عون قائلاً: “هناك اليوم حاكم ‏مدمّر وحكم عبثي، وأنا لا أنصح الحريري. هو لديه القدرة والحكمة ‏لتقدير الظرف وأنا إلى جانبه”. وختم: “الإتصال الأخير بيني وبين ‏الحريري لم يكن هناك حديث سياسي، وسأتصل فيه لمناسبة 14 شباط ‏‏(وقد اتصل به أمس) وهناك واحد عبثي في بعبدا ميشال عون يريد ‏الإنتحار، فلينتحر وحده هو والغرف السوداء والصهر الكريم، ويا ليته ‏‏”كريم”.‏
‏ ‏
الراعي
واتهم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في ‏عظة الاحد، المسؤولين، بحرمان الشعب “من حقه في الخلاص من ‏معاناته” وتوجّه اليهم قائلاً: “لقد تجاوزنا عبثاً الفترة المألوفة لتشكيل ‏حكومة تعتمد المعايير الدستورية والميثاقية أساساً، ومصلحة الشعب ‏والوطن هدفاً. حان الوقت لأنْ تستخلصوا العِبَر من هذا الفشل”. ‏واضاف: “الشعب المقهور يريد تشكيل فريق وزاري نخبوي، مستقل، ‏بعيد عن ذهنية المحاصصة الحزبية، معزز بذوي خبرة في الشأنين ‏الإصلاحي والوطني لمواجهة التطورات الآتية. الشعب يريد حكومة ‏تقوم على معايير المداورة الكاملة وعدم احتكار الحقائب وعدم ‏الهيمنة على مسار أعمالها”. ورأى ان “ليس المطلوب من رئيس ‏الجمهورية ولا من الرئيس المكلّف أن يتنازلا عن صلاحياتهما ‏الدستورية ليؤلفا الحكومة، بل أن يتحاورا ويتعاونا من دون خلفيات ‏وتحفظات غير مكشوفة. إنّ الحرص على الصلاحيات لا يمنع الليونة ‏في المواقف، ولا يحول دون التفاهم”.‏
‏ ‏
وشرح الراعي حيثيات دعوته الى تنظيم مؤتمر دولي خاص بلبنان ‏برعاية منظمة الأمم المتحدة وقال: “مثل هذا المؤتمر الدولي لا ينتزع ‏القرار اللبناني والسيادة والاستقلال – وهي أصلاً مفقودة حالياً – بل ‏ينتزعها من مصادريها ويعيدها إلى الدولة والشرعية والشعب، إلى ‏لبنان. المؤتمر الدولي ينزع التدخّلات الخارجية التي تمنع بلورة القرار ‏الوطني الحر والجامع، ويثبت دولة لبنان ويضمن حيادها الإيجابي. ‏ودعا الأمم المتحدة الى ايجاد “الوسيلة القانونية لتقوم بواجبها تجاه ‏دولة لبنان التي تتعرّض للخطر وجودياً”.‏
‏ ‏
التلقيح ضدّ كورونا
على الصعيد الصحي، باشر لبنان امس حملة التطعيم ضدّ فيروس ‏كورونا بإعطاء أولى جرعات اللقاح للطواقم الطبية والمسنين، أملاً في ‏تخفيف الضغط على المرافق الصحية.‏
‏ ‏
وتلقّى عدد من الأطباء والعاملين في الفرق الطبية، إضافة لأشخاص ‏تزيد أعمارهم عن 75 عاماً الجرعة الأولى من لقاح “فايزر-بايونتيك” ‏بعد يوم من وصول شحنة أولى من بلجيكا ضمّت 28,500 جرعة.‏
‏ ‏
وتمّ توزيع أولى جرعات اللقاح أمس في ثلاثة مستشفيات في بيروت ‏هي مستشفى رفيق الحريري، ومستشفى الجامعة الاميركية ‏ومستشفى القديس جاورجيوس. وسيشرف الاتحاد الدولي لجمعيات ‏الصليب الأحمر والهلال الأحمر “بشكل مستقل” على تخزين وتوزيع ‏اللقاحات الممولة بمساعدة من البنك الدولي بقيمة 34 مليون دولار.‏
‏ ‏
وينتظر لبنان تلقّي ما مجموعه 6 ملايين جرعة من اللقاحات، بينها 2,7 ‏مليون جرعة عبر آلية “كوفاكس” الدولية التي أُنشئت لدعم الدول ‏ذات الإمكانات المحدودة.‏
‏ ‏
وبحسب وزارة الصحة، فإنّ نحو نصف مليون شخص سجّلوا أسماءهم ‏حتى الآن لتلقّي اللقاحات بينهم 45 ألفاً ممن تزيد أعمارهم عن 75 ‏عاماً و17500 موظف في القطاع الصحي.‏
‏ ‏
عون رفض اللقاح
على صعيد آخر، علمت “الجمهورية” من مصادر قريبة من بعبدا، انّ ‏رئيس الجمهورية رفض ان ينال لقاح الكورونا إلّا من ضمن برنامج ‏الاولويات التي حدّدتها اللجنة الخاصة، ولذلك فهو سينال هذا اللقاح ‏في الايام المقبلة.‏
‏ ‏
وأعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات ‏فيروس كورونا، تسجيل 2130 إصابة جديدة (2116 محلية و14 وافدة) ‏ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 339122 اصابة. كذلك سجّلت 32 ‏حالة وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 3993 حالة.‏

“الجمهورية”

اترك تعليقًا