مايز عبيد
شكّل اغتيال الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005 بالنسبة إلى الشماليين، خسارة مدوّية، شعروا معها وكأنهم خسروا القيادة، الزعامة والمظلة الوطنية والدولية التي كانت تحتضن لبنان واللبنانيين، ورصيداً وطنياً ودولياً من العلاقات والإمكانيات منقطع النظير. حزنٌ كبير عاشوه على رفيق الحريري، وتعاطف واسع أبدوه مع نجله سعد، الذي أنيط به إكمال مسيرة والده. حشود الرابع عشر من آذار وكذلك الحضور الواسع للشماليين في ذكرى 14 شباط من كل عام، كانت خير دليل على محبة الشماليين للشهيد، ورغبتهم في إكمال مسيرته السياسية، على نهج السيادة والإستقلال والبناء والتقدم.
16 سنة مرت على 14 شباط 2005، شهد فيها لبنان الكثير من المتغيرات والمنعطفات السياسية، أكدت جميعها ما كان يقال إبان الإغتيال بأن لبنان بعد رفيق الحريري ليس كما قبله. كل المعطيات بعد الإغتيال تشير إلى حجم الخسارة الكبرى التي مُني بها البلد الذي يمر اليوم بأدق المراحل السياسية من تاريخه، لحظات مصيرية يرى فيها الشماليون أن لبنان يتعرض لخطر كياني وجودي، وليس هناك من يأخذ على عاتقه من كل الأطراف السياسية، مهمة الإنقاذ التي أخذها على عاتقه رفيق الحريري بعد الطائف. مناطق الشمال ما زالت تستذكر رفيق الحريري في وجدانها رغم أن الظروف الراهنة على كل المستويات، صارت في مكان آخر، أبعد بكثير من زمن رفيق الحريري. الناس اليوم يستشعرون الخطر على وجودهم ومستقبلهم، فيعكسون ذلك في منشوراتهم على منصات التواصل الإجتماعي. وضعوا صورة رفيق الحريري على حساباتهم الخاصة تحت عنوان: “بالقلب كل سنة لتخلص الدني”؛ بينما أعربوا في منشورات أخرى، “عن افتقادهم في هذه الأيام العصيبة إلى رفيق الحريري بكل طاقاته وعلاقاته لكي يعطي الأمل للناس من جديد”. لكنهم ورغم كل الظروف الصعبة، ما زالوا يرون في مشروع رفيق الحريري طاقة الإنقاذ المطلوبة في زمن العتمة.
يعتبر عضو كتلة “المستقبل” النائب سامي فتفت أن الرئيس سعد الحريري اليوم “يسعى إلى حكومة إنقاذية من الحياديين تحظى بثقة الناس وثقة المجتمع الدولي والإخوان العرب، وهو قدّم تشكيلته إلى رئيس الجمهورية، على هذا الأساس، أي حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً، أولوياتها الإنقاذ، فليس لدينا ترف السياسة لنحرق أي فرصة ذهبية متاحة لتحقيق هذا الإنقاذ.. وعلى هذا الأساس زار أمس قصر بعبدا بعد جولة له في عدد من العواصم، ليؤكد لرئيس الجمهورية أن هناك فرصة مؤاتية علينا التقاطها لمصلحة البلد، وأي طرف يعرقلها عليه تحمُّل المسؤولية”.
وعن كلمة الحريري المرتقبة في 14 شباط اعتبر فتفت أن “الحريري دائمًا يُجري مراجعات نقدية في السياسة وعلى صعيد التيار. أعتقد أن خطابه هذه السنة سيكون تأكيدًا على ثوابتنا كتيار في السياسة، لا سيما في الموضوع الحكومي، كما ستتضمن رؤيته للمرحلة المقبلة باتجاه الحلفاء وكذلك الخصوم في السياسة، حيث هناك قناعة بأن لا أحد يملك المبادرة والرؤية الواضحة لتشكيل الحكومة الإنقاذية ومهامها في هذه الظروف أكثر من الرئيس الحريري”. وشدد فتفت على أن “رفيق الحريري كان رجلًا متميزاً، ترك لنا إرثاً كبيراً من العلاقات، يستفيد منها الرئيس الحريري اليوم، لوضع البلد مجدداً على السكة الصحيحة”.
وختم فتفت: “لا اعتذار في نية الحريري، لأنه يحمل أمانة رفيق الحريري. فلو كان الأخير بيننا اليوم لكان كل همه كيف ينقذ لبنان، وهذا ما يفعله سعد الحريري اليوم”.
بدوره، رأى عضو المكتب المركزي للإغتراب في تيار “المستقبل” محمد الكنج أننا في هذه المناسبة الوطنية: “نستذكر وطنًا في رجل ضحّى بالكثير لأجل لبنان. نستذكره في هذا الوقت بالذات ونحن أحوج ما نكون إلى التضحية من الجميع من أجل البلد، وليس التضحية بالبلد. على الجميع أن يتذكروا سيرته وكيف أنقذ لبنان من الحرب، وعلينا أن نقتدي بمسيرته لتحقيق الإنقاذ المطلوب”.
“نداء الوطن”