في الوقت الذي تنشط فيه المساعي الآيلة لمساعدة لبنان للخروج من محنته التي يتخبط بها منذ أكثر من سنة، وبانتظار الجهود التي يقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد الجولة الخليجية التي تشمل السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمشاورات التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري في باريس، أتى الاتصال الذي أجراه الحريري برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إيجابياً يكمل مسار التواصل المستمر وتبادل وجهات النظر على قاعدة من الصراحة بما يخدم المقاربات المشتركة للوقائع الحاصلة والتفكير في كيفية إتمام عملية تشكيل الحكومة التي تواجه أعتى عمليات التعطيل، ليتلوه لقاء الحريري بالرئيس الفرنسي في فرنسا، لقاءٌ تطرق إلى العقبات الداخلية التي تعترض الحكومة، وذلك خصوصا بعد ارتفاع سقف المعطلين من جديد بحديثهم عن نقض التفاهم المبدئي الذي كان وافق عليه رئيس الجمهورية على عدد وزراء الحكومة، ما يعني بالتالي إمعان هذا الفريق أكثر فأكثر في سلوك المسار التعطيلي.
وحول إتصال الحريري بجنبلاط، أوضح عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبد الله في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أنه إتصال طبيعي وهو لا يحمل بعض الأبعاد التي حاول بعض الإعلام سبغها عليه، بل هو تركّز على التشاور حول مخارج لتفعيل تشكيل الحكومة في ضوء ما هو منتظر من الحراك الذي تقوم به باريس باتجاه الخليج وإيران بعد التفويض الأميركي للرئيس الفرنسي، بالتزامن مع بداية حديث بعض الجهات عن ربط مشاكلنا بمشاكل إيران، وهذا يعني أن حل أزمة لبنان سيطول، فيما نحن نصرّ على فصل وضعنا عن مشاكل المنطقة، لكن هناك من يصرّ على ربط الموضوع بالملف الايراني، رغم أننا بوضع يتطلب حكومة بالأمس قبل اليوم.
وفي تعليقه على اتصال الحريري بجنبلاط، أكد عضو كتلة المستقبل النائب بكر الحجيري ان جنبلاط “حليف”، مشيرا الى أنه “أحيانا تحصل تباينات بوجهات النظر، لكن عند المسائل الوطنية هناك ضرورة للتواصل”.
وفيما أوضح في حديثه لجريدة “الانباء” الالكترونية أن “ما يسعى اليه الرئيس الحريري الذي يعمل على حماية لبنان، هو أن تكون المساعدات جاهزة متى تشكلت الحكومة”، أكد الحجيري أن التشكيل مسؤولية الجميع “وبالأخص الموارنة”.
وإذ أمل الحجيري ان “يكون عيد مار مارون قد شكل حافزا لدى البعض للتخلي عن انانياتهم والافراج عن الحكومة، كما شكلها الحريري”، ثمّن التعاطف الدولي تجاه لبنان “لكنه لا يكفي وحده”، وأعلن أنه يتوقع رغم كل المشهد تشكيل الحكومة قبل آخر هذا الشهر.
إلا أن عضو كتلة التنمية والتحرير محمد نصرالله وصف في حديثه لجريدة “الانباء” الالكترونية الوضع في لبنان “بالمؤلم”، وذلك “بعد أن أصبحنا نفتش عن الحكومة في كل دول العالم، فيما التوافق بين اللبنانيين يبقى أقل كلفة، لأنه لا أحد سوف يتألم غيرنا، لذلك حريّ بنا معالجة نقاط الخلاف والذهاب الى تشكيل الحكومة في أسرع وقت”.
وذكّر نصرالله أن “لبنان في خطر، فقد أصبحنا على شفير الانفجار الكبير، وحتى شكّلنا الحكومة اليوم وعملنا 24 ساعة على 24، لن نستطيع ان نخفف من معاناة اللبنانيين. لذلك فإم الحقيقة المرة أننا لن نجد حكومتنا وسعادة مواطنينا في عواصم العالم، وإذا لم نكن نحن حريصون على مصالحنا فهل ستكون دول العالم أحرص منا”.
وحول السجال القائم بين كتلة التنمية والتحرير وتكتل لبنان القوي، أمل نصرالله أن “تكون الأمور انتهت، فالقصة بدأت ببعض المواقف من هنا وهناك”، كما وصفها، “ونحن لسنا راغبين في السجالات”.
في مقابل كل ذلك رفضت مصادر التيار الوطني الحر أن تعلق سلبًا أو إيجاباً على الحراك الدبلوماسي تجاه لبنان، ورأت عبر “الأنباء” الالكترونية ان مشكلة تشكيل الحكومة “متوقفة عند احترام الحريري وحدة المعايير، وهذا الموضوع لا يتطلب تدخلًا دولياً، فالحريري يريد ان يختزل تشكيل الحكومة بشخصه، فيما الدستور ينص على اعطاء الحق لرئيس الجمهورية بإبداء الرأي في الأسماء المرشحة لتولي الوزارات”.
وقد علّق عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جوزف اسحق في حديث لجريدة “الانباء” الالكترونية على ما يجري واصفاً الأمور “بالمتشنجة”، مستبعداً أية حلحلة في ظل هذه “الأكثريّة السيئة المؤلّفة من حزب الله والتيار الوطني الحر”.
واعتبر اسحق أنه “مع هكذا أكثرية لا حل إلا بانتخابات نيابية مبكرة تريحنا من هذه الاكثرية، فهُم حتى لو شكّلوا الحكومة لن يتركوها تعمل لأن مهمتهم هي العرقلة”.
وبشأن استحالة طرح الانتخابات المبكرة، رأى إسحق ان “الموضوع يتطلب ضغطا دولياً، لأن هذه الاكثرية لا يمكن أن تسلّم بالسهل، فالبلد “خربان” وهُم “مش فارقة معهم” لأن نيتهم سيئة خربوا البلد ومستمرون بالخراب”.
وليس بعيداً عن الواقع السياسي المأزوم، لا يزال الواقع الصحي موضع قلق كبير خصوصاً وأن اللقاح لم يصل بعد ولن تبدأ عمليات التلقيح قبل مدة ليست بقليلة، فيما أعداد الذين تسجلوا على المنصة لأخذ اللقاح لا تزال قليلة وهي غير مطمئنة. وقد كشفت مصادر في نقابة الأطباء ان مشكلة المستشفيات الخاصة لا تزال بعدم تجاوبها بالكامل مع فتح أقسام كورونا وزيادة عدد الأسرة، وهي في الوقت نفسه تلوم حكومة تصريف الأعمال على عدم دفعها المبالغ المتوجبة عليها لهذه المستشفيات.
وبعد مرور ثلاثة أيام على رفع خطة الطوارئ بشكل تدريجي، وصفت مصادر طبية الوضع بالمقبول، لكنها أملت في المزيد من التشدد والالتزام بالوقاية وحظر التجول حتى تستقر الأمور، لأن أي تفلّت سيزيد الأمور تعقيدا ويضع البلاد من جديد أمام ازمة تفوق ما شاهدناه في شهر الأعياد.
“الأنباء”