الخبر بالصوت

قد يكون اشد ما يستدعي الأسف لدى اللبنانيين ان يشاهدوا دولة الإمارات العربية المتحدة تحتفل بحدث يشكل إنجازا ‏علميا تاريخيا يتمثل في نجاح وصول “مسبار الامل ” الى مدار المريخ لتصبح الإمارات خامس دولة في العالم تحقق ‏هذا التطور فيما لبنان يجرجر ذيول الفشل التصاعدي في ابسط البديهيات وأكثرها الحاحا أي تشكيل حكومة جديدة ‏تنقذه من أسوأ ما شهده من أزمات في تاريخه . تحضر هذه المقارنة الشديدة الوطأة على اللبنانيين فيما بات الواقع ‏اللبناني الذي يرزح تحت وطأة الانهيارات المختلفة يستدرج مزيدا من الضغوط الخارجية التي تستعجل تاليف الحكومة ‏كممر اجباري مطلوب دوليا لمد يد المساعدات العاجلة له ،وهو الامر الذي لم تخرج عنه او تخالفه المعطيات التي ‏حملتها زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لبيروت امس حيث ‏اجرى لقاءات مع كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة ‏تصريف الاعمال حسان دياب . واذا كانت المعطيات التي سبقت وصول المسؤول القطري الى بيروت ذهبت بعيدا في ‏الاجتهادات والتفسيرات مثل تهديد هدف الزيارة باعتزام قطر تنظيم مؤتمر جديد للحوار اللبناني في الدوحة فان الوزير ‏القطري سكب مياها باردة على الرهانات المغالية على زيارته بل بدا شديد الوضوح في رسم معالمها الأساسية لجهة ‏ابداء الاستعداد القطري للمضي في دعم لبنان ولكن من خلال حضه المسؤولين اللبنانيين على استعجال تشكيل ‏الحكومة نافيا ان يكون تنظيم مؤتمر حوار لبناني في الدوحة مطروحا الان . وأكدت مصادر الذين التقاهم ان الزيارة ‏كانت بهدف تأكيد قطر ان لبنان غير متروك وإبداء استعداد الدوحة للمساعدة في كل المجالات من دون ان يحمل ‏مبادرة محددة بل شدد على ضرورة الوصول الى تاليف الحكومة لانها ستكون باب المساعدات من خلال برنامج ‏اقتصادي متكامل . كما ان ابرز ما تخلل الزيارة قطع الوزير القطري الطريق على الاجتهادات التي ذهبت الى ان ‏توقيت زيارته لبيروت التي تزامنت مع وجود رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في باريس تهدف الى نسف ‏المبادرة الفرنسية الامر الذي نفاه بشكل قاطع الوزير القطري بل شدد على ان تحرك بلاده حيال لبنان يكمل التحرك ‏الدولي . وفيما افادت معلومات ان الحريري سيلتقي اليوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بدا واضحا ان كل طرق ‏الدول ووساطتها ومبادرتها تؤدي الى مكان واحد هو تشكيل حكومة جديدة . ‏

وقد شدد الوزير القطري من بعبدا على ان قطر “ستستمر في دعمها للاشقاء في لبنان وفي بذل جهودها لاستكمال ‏مشاريع إعادة الاعمار في هذه المناطق المدمرة، إضافة الى أننا نتمنى للشعب اللبناني الشقيق التوفيق وللتيارات ‏السياسية المختلفة في لبنان التوفيق، وأن تغلب مصلحة الشعب اللبناني، ويتم تشكيل حكومة بأسرع وقت لكي نستطيع ‏استكمال هذه المشاريع”. وتابع: “نحن ننظر الى مستقبل لبنان كمستقبل واعد وإيجابي، ولكن، هذا الأمر يتطلب ‏استقرارا وحكومة، من هنا نتمنى لهم كل التوفيق في مشاوراتهم وأن يتم تشكيل الحكومة في أسرع وقت”.‏
وقال “اذا طلب من دولة قطر أن يكون لها دور لتسهيل أي حوارات، فهي مستعدة لذلك، ولكننا على ثقة بأن هناك قدرة ‏لدى التيارات السياسية في لبنان لتغليب مصلحتهم الوطنية، ودولة قطر ستدعم أي مسارات لتشكيل حكومة تحدث ‏استقرارا سياسيا في لبنان. أما بالنسبة للمستوى الاقليمي والدولي، فنحن دائما لدينا مشاورات مع كل الدول الصديقة ‏المهتمة بالشأن اللبناني، والجميع يتفق معنا في دولة قطر، أن المرحلة الحالية هي مرحلة حساسة للبنان ويجب أن ‏يكون هناك تشكيل حكومة في اسرع وقت ونتمنى لهم التوفيق في تشكيلها، وجميع الدول التي نتحدث معها حاليا ‏متوجهة في هذا الاتجاه”.‏ 

وشدد على ان “الموضوع ليس له علاقة ابدا بنسف المبادرة الفرنسية، على العكس، نحن نأتي استكمالا للجهود الدولية، ‏ووجود الرئيس المكلف السيد سعد الحريري خارج البلد، هو بمحض الصدفة، ولأن عملية جدولة مواعيد الزيارة لم ‏تتم بشكل منسق ومسبق”.‏ 

أما بالنسبة الى دعوة الأطراف الى مؤتمر في الدوحة فأكد ” أن اللبنانيين مرحب بهم في أي وقت، ولكن لا توجد حاليا ‏أي مبادرة على الطاولة لدعوة الاطراف للتشاور في الدوحة للوصول الى حل، ونحن نتمنى ان يخرج الحل من ‏بيروت بأسرع وقت”.‏

وعن المساعدات المالية؟ قال : “نحن نتحدث عن برنامج اقتصادي متكامل لدعم لبنان، وهذا البرنامج يتطلب وجود ‏حكومة والتزام معايير معينة، وهي المعايير ذاتها التي تتبعها دولة قطر مع كل الدول التي تتعامل معها عبر برامج ‏اقتصادية، ونحن ملتزمون هذا الاتجاه”. ‏

وسط هذه الأجواء مضى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في التركيز على مطلب عقد مؤتمر ‏دولي للبنان الذي طرحه قبل أيام . وفي مناسبة عيد القديس مارون امس اعرب الراعي عن اسفه لاحياء العيد ‏‏”واللبنانيّون يعانون العذاباتِ ويقدِّمون التضحيات بينما دولتُهم منشغلةٌ بأمورٍ صغيرةٍ كثيرة. يتنافس المسؤولون على ‏تعطيلِ الحلول الداخلية ما يدفعنا إلى التطلّعِ نحو الأمم المتحدة للمساعدة على إنقاذ لبنان. فمن واجبها أن تَعكُفَ على ‏دراسةِ أفضلِ السبلِ لتأمينِ انعقادِ مؤتمرِ دولي خاصٍ بلبنان، يعيد تثبيتَ وجودِه ويمنع سقوطه. إلى الأممِ المتّحدةِ ‏توجَّهت جميعُ الشعوب التي مرّت في ما نّمر فيه اليوم. فمنظمةالأممِ المتّحدة ليست فريقًا دوليًّا أو إقليميًّا أو طائفيًّا أو ‏حزبيًّا ليكون اللجوءُ إليها لمصلحةِ فريقٍ دون آخر… لبنان يحتاج اليوم إلى دورٍ دوليٍّ حازمٍ وصارمٍ يُطبِّق القراراتِ ‏السابقةَ من دونِ استثناء واجتزاءٍ، حتى لو استدعى الأمرُ إصدارَ قراراتٍ جديدةٍ. جميعُ اللبنانيّين بحاجة إلى إنقاذ، فكلنا ‏في محنةٍ أمام الواقعِ المأزوم. وكلّما أسْرعنا في هذا المسار كلما جاء الحل في إطار وحدة لبنان وشراكتِه السامية، وكلما ‏تأخّرنا تاهَ الحلُّ في غياهبِ العنف والانقسام ِمن دون رادعٍ وكابِح، وما من منتصر”. ‏

النهار

اترك تعليقًا