الخبر بالصوت

فيما كان سعاة الخير، في وساطاتهم واتصالاتهم لمحاولة إخراج العربة الحكومية من النفق العالقة فيه منذ اشهر، يركّزون على تهدئة جبهة بعبدا – بيت الوسط، “اشتعلت” فجأة على خط بعبدا – ميرنا الشالوحي من جهة، عين التينة من جهة ثانية… المواجهة الجديدة، بحسب ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، ليست ابدا أرحم من تلك القائمة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل، والرئيس المكلف سعد الحريري، بل تضاهيها قساوة وضراوة، وتستخدم فيها الاسلحة على انواعها، من التراشق بتهم خرق الدستور وصولا الى تقاذف الاتهامات بالفساد والصفقات ونهب المال العام، مرورا بتهم الارتهان للخارج وتقديم اوراق الاعتماد لدى العواصم الكبرى.

وفي معرض قراءتها لتفاصيل الاشتباك المستجد هذا، تشير المصادر الى انه يشكّل تأكيدا اضافيا على ضلوع اهل المنظومة، كّلهم من دون استثناء، في الممارسات الشاذة التي دفعت الناس الى الثورة في 17 تشرين، والتي اوصلت البلاد الى الافلاس المالي والسياسي والسيادي والامني الذي تتخبط فيه اليوم. وما نشرُ الغسيل الوسخ هذا، فوق السطوح، الا الدليل الساطع على هذه الحقيقة البشعة.

في الموازاة، تعتبر المصادر ان الخلاف المستعر بين البرتقالي وعين التينة، يأتي ليطرح تساؤلات جديدة حول مصير اي حكومة يمكن ان تتشكل في حال لم تكن خالية، تماما، من اي نفوذ للسياسيين على وزرائها. فكل القوى السياسية على خصومة لا بل تكيل العداء لبعضها البعض. ما يعني ان جلوسها على طاولة واحدة تحت سقف مجلس الوزراء عينه، سيحوّله برج بابل وحلبة لمناكفات وكيديات لا تنتهي. ما يعني لا اصلاحات ولا انجازات ولا من ينجزون. ومن هنا، ضرورة التقيد حرفيا بروحية المبادرة الفرنسية وتأليف حكومة من اختصاصيين “مستقلين”…

واذ تلفت الى ان العلاقة بين بعبدا وعين التينة لم تكن يوما ودية، بل غالبا ما تشهد تباينات قبل ان تهدأ بتدخّل حزب الله – حليف الطرفين – لتتحوّل نارا تحت الرماد، وقد دارت آخر فصولها منذ ايام قليلة على خلفية دور المجلس الدستوري او مجلس النواب في عملية تفسير الدستور، وقبل ذلك على خلفية التدقيق الجنائي الذي يعتبر “القصر” ان بري غير متحمس له، تشير المصادر الى ان جولة “الملاكمة” الجديدة، ستنعكس بلا شك على عملية التأليف. فالفريق الرئاسي يرى ان “الاستيذ” والثنائي الشيعي، عموما، حصل على ما يريده حكوميا، بحيث بقيت المالية من حصته واختار وزراءه، وهو ما يحرّمه الحريري، على رئيس الجمهورية.  

ولا تستبعد المصادر ان يدفع هذا الواقع، كلّا من بعبدا وميرنا الشالوحي، الى التمسك اكثر بسقفهما الحكومي، مطالبَين بالمعاملة بالمثل وبوحدة المعايير، من دون ان يغفلا هنا اللعب على الوتر الطائفي، حيث قد يحذران من اصطفاف او تحالف سني – شيعي، يتجاوز المسيحيين ويهمّشهم، اذ سيحصل الثنائي و”المستقبل” على ما يطلبون، فيما المسيحيون ممنوعون من ذلك.

الجدار يرتفع يوما بعد يوما امام عربة التأليف. وساعة بعد ساعة، يبدو ان ولادة الحكومة تزداد صعوبة، وباتت تحتاج “أعجوبة” أو “قوة دفع فائقة”، عسى ان يؤمّنها في القريب العاجل، الفرنسيون العائدون نهاية الاسبوع الى بيروت، او القطريون الذين سبقوهم اليها باسم الخليجيين، تختم المصادر.

المركزية-

اترك تعليقًا