غادة حلاوي
بزيارته الخارجية يكون رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قد خرج من أجواء تشكيل الحكومة وارتاح مرحلياً من مناكفاتها. يهرب الحريري من واقع مأساته الحكومية محاولاً الاستعانة بأصدقائه في الخارج، لتكون رئاسته للحكومة على ارض صلبة خليجياً وسعودياً على وجه التحديد. بعد الامارات استعان بمصر. زيارة ان لم تفده فهي لا تضره بل تعيد تجديد حضوره كرئيس حكومة ولو كان مكلفاً. يدرك الحريري ان لا حكومة ولا مؤشرات قريبة لولادتها وان جل ما يفعله “حزب الله” هو محاولة تخفيف التوتر ووقف التراشق الاعلامي بين الرئاسات الثلاث. ونجح في ذلك مرحلياً. كل ما يهم “حزب الله” في الوقت الحاضر هو منع دخول اي عنصر خارجي للعب بالوضع الامني داخلياً لا سيما بعد ضبط خلية من “داعش” مؤخراً. اما رئيس الجمهورية ميشال عون فليس في وارد قبول التنازل عن صلاحياته لأي اعتبارات كانت، وخلال اتصاله الهاتفي تمنى على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ان يتأكد مما اذا كان الرئيس المكلف في وارد السير قدماً في حكومته بالتدقيق الجنائي.
في المقابل، لوحظ ان الكلام عن مبادرة قدمها رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يكن بالشكل الذي تم تظهيره، وتقول مصادر مطلعة إن بري لم يقل إنه أطلق مبادرة او انه في صدد طرحها، ذلك ان المبادرة لها شروطها ومنها وضع تصور للحلول ومحاولة اقناع الاطراف بهذا التصور الى ان ينتهي الى نتيجة معينة وهذا لم يحصل. كل ما في الامر ان بري يحث دائماً الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة على عدم تضييع الوقت وهدر الفرص من امام اللبنانيين، وفي هذا السياق قدم مجموعة أفكار وحلول لكل من يراجعه، وهي ذاتها ابلغها للبطريرك بشارة الراعي ولفاعليات وشخصيات مقربة من الرئاسة الاولى ومن أركان تكتل “لبنان القوي”، وكذلك موفده النائب علي حسن خليل لا يقطع زيارته الاسبوعية باتجاه بيت الوسط للاطلاع من الرئيس المكلف على مستجدات التشكيل. يردد بري على مسامع قاصديه تأكيده على الخطوة التي انطلق منها في تعاطيه مع الحكومة وهي اختيار شخصيات مؤهلة لتولي حقائب حكومية “لا تكون معك ولا تكون ضدك”.
أما على المحورين الدولي والاقليمي فليست الاجواء اكثر اطمئناناً ورغم كل الجهود المبذولة لم يتضح بعد مشروع تسوية فعلية بين الاطراف يشير الى حلحلة قريبة. وتنقل مصادر وثيقة الصلة ان الفرنسيين فشلوا في نيل ضوء أخضر لمتابعة الملف اللبناني بعدما طلب الرئيس ايمانويل ماكرون تفويضاً اميركياً بذلك فكان الجواب الاميركي، على ذمة المصادر، ان الاميركي يرحب بالتعاون مع الاوروبيين غير انه من المبكر الالتزام بأي أمر بعد، ذلك ان الادارة الاميركية لم ترتب اوراقها بعد على مساحة الشرق الاوسط.
ورغم ذلك لم يتوقف المسعى الفرنسي الذي يتجه نحو الخليج وتحديداً نحو الامارات، وتفيد معلومات ان الموفد الفرنسي الذي يتولى الاتصال مع القوى المعنية بتشكيل الحكومة في لبنان سيستبق زيارة ماكرون الى لبنان بزيارة قد يقوم بها الى الامارات او السعودية. ويتحدث مطلعون عن معلومات جدية تقول ان ولي العهد محمد بن سلمان الذي لم يعد يدرج موضوع لبنان في صلب اهتماماته اتفق مع الامارات على ادارة هذا الملف. واذا كانت الامارات باشرت فعلاً رفع الجليد عن علاقتها مع لبنان ولو تدريجياً فهي حكماً لن تقوم بأي خطوة تجاه لبنان لا ترضى عنها المملكة.
خلال زيارته الوداعية الى بعبدا حمّل رئيس الجمهورية ميشال عون السفير الاماراتي حمد الشامسي رسالة تمنٍ بأن تبذل بلاده دوراً ايجابياً لمساعدة لبنان على تخطي ازمته. ولا ننسى ان الامارات أبدت تجاوباً مع طلب لبنان اطلاق سراح عدد من اللبنانيين لديها، وهي نسقت خطوتها هذه مع عدد من المسؤولين الرسميين في الدولة وغير الرسميين ممن التزموا كبادرة حسن نية بأمور معينة، تسهيلاً لانجاح عملية اطلاق سراح الموقوفين لما للموضوع من بعد انساني والذي سيحصل ربما على دفعتين.
“نداء الوطن”