“كلير شقير”
يعترف أكثر من فريق لبناني أنّ التطورات الدولية تنبئ بتغييرات على الساحة الاقليمية من بوابة البيت الأبيض مع انطلاق ولاية جو بايدن، ولبنان ليس معفياً من هذه المتغيّرات. ولكنّ هؤلاء أنفسهم، يعودون ليؤكدوا أنّ المشهد الداخلي لا يزال بعيداً من تأثيرات الأحداث الخارجية.
وبعدما تعاطى اللبنانيون مع المبادرة الفرنسية على أنّها صارت من التاريخ لعدم قدرتها على اختراق حواجز الخلافات الداخلية، رغم تدخل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنفسه أكثر من مرة للتقليل من حجم التباينات، ومن الهوة التي تبعد بين المعنيين ولكن من دون جدوى، ها هو يعيد إحياء مبادرته عبر التأكيد على أنّها المدخل الوحيد لانقاذ لبنان من مستنقع الانهيار الشامل.
في الواقع، فإنّ من يتواصلون مع الإدارة الفرنسية، من اللبنانيين، كانوا يترقّبون تفعيل الاتصالات بين باريس وبيروت خلال الساعات الأخيرة، واذ بها تنطلق من قصر بعبدا من خلال اتصال رئاسي جمع ماكرون بنظيره اللبناني الرئيس ميشال عون.
وفي هذا السياق، يقول نائب من كتلة المستقبل إنّ الأجواء الدولية، وتحديداً التقارب الأميركي الفرنسي والذي تجلى في الاتصال الأول من نوعه بين بايدن وماكرون، من شأنه أن يساهم في تبريد المناخ المحيط بالملف اللبناني، وبالتالي سيكون بمقدور الإدارة الفرنسية أن تعمل على تنفيذ مبادرتها والتخفيف من ثقل الحصار المضروب حول لبنان، مشيراً إلى أنّ كلام الرئيس الفرنسي عاد ليثبت من جديد أنّ طرح بلاده هو الممر الإلزامي الوحيد المتاح أمام لبنان للجم الانهيار والحؤول دون حصول الانفجار الكبير.
ويؤكد النائب المستقبلي أنّ هذه الأجواء الدولية من شأنها أن تكون عامل دفع للمبادرة الفرنسية على المدى المتوسط والبعيد، ولكن على المستوى القريب، لا تزال الكرة في ملعب القوى اللبنانية. ويشير إلى أنّ تأليف حكومة تلقى رضى المجتمع الدولي، وتحديداً باريس، هو حجر أساس المبادرة، وبالتالي لا يمكن الشروع في تنفيذ ورقة باريس إلا بعد قيام حكومة تلاقي تأييد الإدارة الفرنسية، لافتاً إلى أنّ هذا الشرط لا يزال صعب التنفيذ أو التجاوز، طالما أنّ رئاسة الجمهورية تحتجز الحكومة، كما يقول النائب المستقبلي.
ويرى أنّه لو كان بإمكان الرئيس الفرنسي الضغط لإخراج الحكومة اللبنانية من عنق زجاجة الخلافات الداخلية، لكان فعلها منذ أشهر، لكنه عاجز عن وضع اللبنانيين على سكة المساعدة، لذلك هو يشكو دائماً من الطبقة السياسية التي تعاند تسهيل مهمته، ويؤكد أنّ باريس لم تتمكن خلال الأسابيع الماضية من اقناع الفريق العوني من السير بمندرجات المبادرة الفرنسية بسبب تعنّت رئيس الجمهورية، مشيرين إلى أنّ الساعات الأخيرة لم تشهد أي مؤشرات جديدة من شأنها أن توحي بأن هناك حراكاً حكومياً مستجداً، بدليل الاشتباك الاعلامي الذي حصل في الأيام الأخيرة على وقع أحداث طرابلس المؤلمة، ما يشي بأنّ المشهد الحكومي مقبل على مزيد من التصعيد والمناوشات الكلامية التي قد لا تنتهي في القريب العاجل للانطلاق من جديد في ماراتون المشاورات الحكومية.
ويؤكد النائب ذاته أنّ تخلي الفريق العوني عن الثلث المعطل هو المدخل الوحيد للبحث في حكومة فاعلة من الاختصاصيين، وهي الخطوة الإلزامية التي من شأنها أن تغيّر المشهد الداخلي، جازماً بأنّ رئيس الحكومة المكلف لا يزال عند موقفه وعند القواعد التي أرساها في مسودته الحكومية: 18 وزيراً لا ثلث معطلاً فيها لأي فريق. أما غير ذلك، “فعلى الفريق العوني ترك العهد ينهار!”
“نداء الوطن”