الخبر بالصوت

عاد إيمانويل ماكرون بقوة إلى المشهد الحكومي وعادت معه الروح إلى المبادرة الفرنسية، وليس ‏اتصاله برئيس الجمهورية ميشال عون سوى فاتحة اتصالات ضاغطة باتجاه التأليف، ولا يبدو أن ‏‏”سماعة الهاتف” ستنزل من يده قبل أن “يُسمع المعنيين ما يجب أن يسمعوه ويضع الجميع أمام ‏مسؤولياتهم”، حسبما نقلت مصادر مواكبة للزخم الفرنسي المستجد، موضحةً أنّ الرئيس الفرنسي ‏‏”لن يقع مجدداً في فخ المراوغة الذي نصبه السياسيون للمبادرة الفرنسية، بل هو سيتعامل بأسلوب ‏مختلف هذه المرة، بحيث سيعمل من ناحية على تعرية المطالب التحاصصية وتبديد كل ما ‏تختزنه من معايير وبدع لا تمت إلى الإصلاح بصلة، ونسف مبدأ الثلث المعطل الذي يهدد آليات ‏عمل حكومة المهمة الإنقاذية، على أن يُفعّل من ناحية أخرى قنوات التنسيق مع الرياض لنسج ‏تصوّر مشترك معها إزاء سبل تطبيق ودعم خريطة الطريق الفرنسية في لبنان‎”.

وفي هذا الإطار، علمت “نداء الوطن” أنّ ماكرون الذي أعاد تفعيل خط الاتصال المباشر مع ‏المسؤولين اللبنانيين، من خلال اتصاله نهاية الأسبوع بعون، قام في الآونة الأخيرة بتسخين ‏خطوط التواصل الفرنسية – السعودية حول الملف اللبناني، إذ لم تقف الأمور عند حد النداء الذي ‏وجهه إلى القيادة السعودية بأن “لا تتخلى عن لبنان وتتركه لمصيره”، بل أعقبه تواصل حثيث بين ‏باريس والرياض بهدف إنضاج رؤية مشتركة ترتكز في جوهرها على القواعد التي أرستها ‏المبادرة الفرنسية، بغية إعطائها قوة دفع عربية تساهم في إخراج لبنان من أزمته التي تزداد تعقيداً ‏وحراجة‎.

وبينما تؤكد المعلومات المتوافرة عن أجواء اتصال ماكرون بعون، أنّ الأخير لمس إصرار الأول ‏على تشكيل الحكومة “فوراً وبلا إبطاء”، يتوقع المعنيون بالملف الحكومي أن يرتفع منسوب ‏الضغط الفرنسي خلال الفترة المقبلة وأن تتكثف الاتصالات وحركة الموفدين على أكثر من خط، ‏سواء بين باريس وبيروت أو بين باريس والرياض، لا سيما وأنّ الرئيس الفرنسي تمكّن، بعد ‏دخول جو بايدن البيت الأبيض، من حيازة دعم أميركي صريح للمضي قدماً في إنجاز الحلول ‏للأزمة اللبنانية، لذلك فإنّ اكتمال دائرة المظلة الخارجية للبنان بات يحتاج إلى تزخيم قنوات ‏التواصل الفرنسي المباشر مع القيادة السعودية، من باب التشديد على أهمية المحافظة على ‏استقرار لبنان وعدم التخلي عنه‎.

وفي الغضون، يواصل البطريرك الماروني بشارة الراعي ضغوطه الداخلية و”مطاردة” رئيسي ‏الجمهورية والحكومة المكلف لحثهما على الإقلاع عن لعبة “عض الأصابع”، وهو صوّب بالأمس ‏على تردّي “العلاقة” بين عون والحريري “إلى حد التخاطب بواسطة المكاتب الإعلامية ‏والأحزاب الموالية، ردّاً بردّ ومن وراء متاريس تزيد من التشقق”، مذكراً رئيس الجمهورية بأنه ‏من المفترض “أن يكون فوق الصراعات والأحزاب”، والرئيس المكلف بأنه “يفترض أن ‏يستوعب الجميع ويتحرر من الجميع”، وحذر من أنّ “الإمعان في التعطيل يتسبب بثورة جياع”، ‏مندداً بهذا “المنطق التآمري الهدّام”، ومتوجهاً إلى المسؤولين السياسيين بالقول: “أنتم تشرعون ‏الأبواب أمام المخربين ومستخدميهم‎”.

وإزاء هذا الضغط الخارجي والداخلي المتصاعد، يبدو هامش التعطيل لدى رئيس “التيار الوطني ‏الحر” جبران باسيل آخذاً بالانحسار، لا سيما وسط المعطيات الإعلامية التي نقلتها قناة “الجديد” ‏مساءً، وتفيد بأنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أجرى اتصالاً هاتفياً بباسيل أكد له ‏خلاله ضرورة التخلي عن شرط الحصول على “ثلث معطل” بالتشكيلة الحكومية الجديدة‎.

وتوازياً، وصفت أوساط متابعة الهجمة العونية المتصاعدة في ملف التدقيق الجنائي بأنها مجرد ‏محاولة لتغطية “السموات بالقبوات” في مسار تعطيل ولادة الحكومة. ورأت أنّ باسيل “حين ‏استشعر أنه استنفد أسلحته في مواجهة إمكانية ولادة الحكومة، وتساقطت الشعارات التي رفعها ‏من “وحدة المعايير” مروراً بـ”عدالة التمثيل” وصولاً إلى إحقاق “الشراكة المسيحية”، من دون أن ‏تفلح أي منها في تغطية نزعته التحاصصية، كان واضحاً أنه قرر “نقل البارودة” إلى كتف التدقيق ‏الجنائي، وهو ما بدا جلياً من خلال تصريحات عون الصحافية التي زجت بهذا الملف في إطار ‏الصراع مع الرئيس المكلف، ولاحقاً محاولة تحريض الرئيس الفرنسي هاتفياً على الحريري من ‏خلال اتهامه بأنه يريد الإطاحة بالتدقيق في حكومته عبر وزارة العدل، وذلك بموازاة شنّ نواب ‏ومسؤولي “التيار الوطني” وإعلامه الحزبي حملة مضخمة خلال الساعات الأخيرة عبر مواقع ‏التواصل الاجتماعي تحاكي رفع “التيار” لواء هذه القضية

“نداء الوطن”

اترك تعليقًا