يوسف دياب
استأثر كتاب النائب العام السويسري الذي طلب فيه من لبنان مساعدة قضائية بشأن تحويلات مالية تقدر بـ400 مليون دولار، قام بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومساعدته ماريان حويك وشقيقه رجا سلامة إلى مصارف سويسرية، باهتمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي اجتمع أمس في قصر العدل على مدى ساعة كاملة بحاكم البنك المركزي، وأطلعه على مضمون مراسلة النائب العام السويسري.
الاجتماع الذي استغرق ساعة كاملة، استعرض كل نواحي هذه القضية ومفاعيلها القانونية، وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر قضائية مطلعة أن النائب العام التمييزي «أبلغ رياض سلامة أن النيابة العامة السويسرية حركت دعوى قضائية ضده بقضية تحويلات مالية تدعي فيها أن هذه التحويلات تنطوي على شبهة تبييض أموال وعمليات اختلاس». وأشارت إلى أن سلامة «اطلع على فحوى مطلب القضاء السويسري الذي يخيره بين الانتقال إلى سويسرا والمثول أمام المدعي العام هناك، أو استجوابه من قبل وفد قضائي داخل السفارة السويسرية في لبنان يحضر خصيصاً لهذه المهمة»، مشيرة إلى أن حاكم البنك المركزي «أعلن صراحة أنه سيتوجه شخصياً إلى سويسرا للدفاع عن نفسه بوجه التهمة المسندة إليه، وليس لديه ما يخشاه بهذا الصدد».
ولم يقتصر لقاء عويدات وسلامة على إبلاغ الأخير مضمون المراسلة السويسرية، بل جرى استيضاحه بشأن حقيقة التحويلات التي تتحدث عنها السلطات السويسرية، وكشفت المصادر القضائية أن سلامة «استفاض في الحديث مع عويدات عن حقيقة التحويلات، وأوضح أن مجمل الأموال التي حولها مع شقيقه بلغت 240 مليون دولار، وليس 400 كما تزعم السلطات السويسرية». وقال إن «هذه الأموال جرى تحويلها على مدى 19 عاماً، أي منذ منتصف العام 2002، وليس منذ اندلاع ثورة (الانتفاضة الشعبية) 17 أكتوبر (تشرين الأول) كما يوحي الجانب السويسري، وهذه التحويلات كانت بغرض تمويل شركة أسسها رياض سلامة وشقيقه في سويسرا منذ 20 عاماً».
وكان القضاء اللبناني تسلم منتصف الأسبوع الماضي، مراسلة من مكتب النائب العام السويسري، يطلب فيها الأخير مساعدة قضائية في موضوع تحقيق جنائي يجريه بشأن تحويلات مالية، قال إنها تخص حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه ومعاونته، وقدرت قيمة التحويلات بـ400 مليون دولار. وأضاف مكتب النائب العام في بيان، أن «هذا الطلب يأتي في إطار تحقيق يجريه مكتب النائب العام بشأن غسل أموال مشدد يتصل باختلاس محتمل يلحق الضرر بمصرف لبنان».
وغداة الاجتماع بحاكم مصرف لبنان والاستماع إلى موقفه بخصوص طلب السلطات السويسرية، يتعين على النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، إجابة المرجع القضائي السويسري على كتابه، وأوضحت المصادر المتابعة لهذا الملف، أن عويدات «طلب من مصرف لبنان تزويده بالمستندات الرسمية التي تبين بوضوح كيفية حصول التحويلات وقيمة كل حوالة وتاريخها»، مشيرة إلى أن «الرد على طلب المساعدة القضائية السويسرية سيكون بعد استحصال القضاء على هذه المستندات، وتبيان ما إذا حصلت التحويلات بتواريخ متسلسلة، ليتخذ القرار المناسب بهذا الشأن».
وعلى إثر مغادرته قصر العدل في بيروت، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بياناً جاء فيه «التقيت حضرة المدعي العام التمييزي الرئيس غسان عويدات، وقدمت له كل الأجوبة عن الأسئلة التي حملها بالأصالة كما بالنيابة عن المدعي العام السويسري، وجزمت له بأن أي تحاويل لم تحصل من حسابات لمصرف لبنان أو من موازناته». وأضاف سلامة في بيانه «أكدت للرئيس عويدات أنني جاهز دائماً للإجابة عن أي أسئلة، كما احتفظت لنفسي بحق الملاحقة القانونية بوجه جميع الذين يصرون على نشر الإشاعات المغرضة والإساءات التي تطالني شخصياً، كما تسيء لسمعة لبنان المالية».
“الشرق الأوسط”