أشار رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، في حديث الى إذاعة “صوت كل لبنان”، الى أن “الدولة تقوم بجهد حيال كورونا، لكن هناك ثغرة هي الحاجة الى حملة توعية أكبر للمجتمع، وفي الوقت نفسه هناك مناطق معينة غير ميسورة وفقيرة ويصعب الوصول اليها، فهؤلاء بماذا ينفعهم الحجر إذ أنهم يريدون لقمة عيشهم اليومية”.
وقال: “كل ما يحصل يعيدنا الى السياسة، فصحيح أن وزير الصحة يعمل جاهدا لكنه يحتاج الى تعاون من كل الجهات، من وزير الداخلية ومن الجميع، فيما هناك الكثير من الضياع، وفي الوقت نفسه إذا عدنا الى رفع الحجر فهذا سيعيدنا الى مكاننا، وعلى الأقل يجب القيام بمثل ما قامت به فرنسا وهو حظر التجول الدائم من الساعة السادسة مساء”.
أضاف: “تم تجهيز الكثير من المستشفيات، وبحسب معلوماتي هناك قطاع خاص من المستشفيات لا يريد استقبال مرضى كورونا، و60% من المساحات في المستشفيات الخاصة لا يريدون استخدامها، مع أنهم يتمتعون بالكثير من التسهيلات من الدولة”.
وعن وصول اللقاح إلى لبنان وشمول الدفعة الأولى 80 ألف جرعة، قال: “سمعت أن العدد سيكون مليون لقاح، والـ80 ألف على الأقل يجب أن تذهب الى أصحاب الحاجة خاصة الطواقم الطبية والتمريضية والعاملين في المستشفيات الحكومية فهم الذين يؤمنون حمايتنا”.
أضاف: “الحزب التقدمي الإشتراكي يعمل كما تعمل أحزاب أخرى، لكن هذا لا يعني أن عمل الحزب يغني عن وجود الحكومة، ولكن حتى هذا الوقت ليس هناك أي بصيص أمل”.
وعما إذا كنا قد “وصلنا الى جهنم”، قال جنبلاط: “هل هناك أكثر مما نحن فيه، لسبب بسيط وهو أن البعض يظن أن العالم مهتم بلبنان لكن لا أحد مهتم به. كان هناك شيء من الإهتمام من قبل فرنسا ولا يزال، انما علينا الاهتمام بأنفسنا وبحل العقد الداخلية، وأنا من أصحاب نظرية التسوية، فلا بد من تسوية في ما يتعلق بالحكومة”.
وعن المبادرة الفرنسية، قال: “هذه المبادرة لم تفشل بل أفشلناها نتيجة الحسابات الداخلية، لذلك التسوية أو بمعنى إمكانية المصالحة بين الرئيس ميشال عون وسعد الحريري وبالطبع خلف الرئيس عون هناك جبران باسيل، هذه النقطة التي انتهينا اليها في آخر حديث مع باتريك دوريل المبعوث الفرنسي منذ أربعة أشهر”.
وعن رفض الرئيس عون المبادرة والإتصال بالرئيس المكلف، قال: “المسألة لا تحتمل عنادا من قبله، والحريري من موقعه أهين بالفيديو الذي تم تسريبه، ويجب الخروج من هذه الأمور الصغيرة للأوسع، إلا إذا كان موقع سعد الحريري مرفوض، وأنا صاحب نظرية “خليهم هني يحكموا”، وهذا الأفضل، لكن الشيخ سعد يريد أن يحكم معهم، بينما حزب الله ومن خلال التيار الوطني الحر يستلمون البلد، فليستلموا كل البلد، بكل مفاصله وليتحملوا مسؤولية الربح أو الخسارة. لماذا نشارك نحن ولا نتسلم أي شيء؟”.
أضاف: “لدى البعض حسابات أخرى، فالشيخ سامي الجميل حساباته ربما تكون تحسين وضعه الإنتخابي، والدكتور سمير جعجع يريد أيضا تحسين وضعه الإنتخابي للرئاسة، وما تبقى من تحالفات قديمة انتهى، ولم يعد هناك 14 آذار”.
وعن دعوة جعجع الى تكوين “جبهة إنقاذ معارضة لأجل إجراء إنتخابات نيابية مبكرة تعيد تكوين السلطة”، قال جنبلاط: “يريد انتخابات نيابية مبكرة على قاعدة هذا القانون، الذي مزق كل الناس، ونحن لن نوافق معه على هذا الأمر، إذ غيرنا القانون ربما نلتقي، ولكن بهذا القانون أبدا، فقد تم إجبارنا عليه، إذ أن تحالف حزب الله – التيار الوطني الحر سار به، والحريري حاول تأخيره انما في النهاية وقع عليه، لقد دمر نفسه ودمرنا معه”.
وإذا كان ينصح الرئيس المكلف بالإعتكاف عن تشكيل الحكومة، قال: “هذه نصيحتي بالأساس وقلتها في مقابلتي الأخيرة مع مارسيل غانم، لكن نصيحتي غير ملزمة فهو عليه أن يقرر، هم لا يريدونه، جربها في الماضي لمدة 3 سنوات ولم نستطع القيام بشيء ولا حتى تغيير موظف واحد في شركة الكهرباء، ولم نستطع القيام بالإصلاح المطلوب الأساسي الذي طالبت به فرنسا وهو موضوع الطاقة، لم نقم بشيء”.
وعن تشكيل حكومة أخصائيين، قال: “ماذا نقصد بالأخصائيين؟ هذه الوزارة فيها نوع من الأخصائيين، لكن في لبنان بحاجة الى أشخاص مسيسين ولديهم سلطة على الإدارة، الأخصائي يأتي من البنك الدولي أو من غيره لا يعرف بالتفاصيل الداخلية”.
وعن علاقته بالعهد، قال: “في الأساس ليست جيدة “لا يحبونني ولا أحبهم، والامر معروف وليس سرا، آخر مرة التقيت فيها رئيس الجمهورية كانت منذ سنتين، ثم خلف رئيس الجمهورية هناك “الصهر” الكريم، والصهر الكريم مشروع سلطة دائمة، وهو يريد في الحكومة الحالية أو في تشكيل الحكومة، الثلث المعطل حتى إذا حدث شيء لعمه – والأعمار بيد الله – أن تكون السلطة بيده أي بيد جبران في الحكومة، التي بحسب الدستور هي التي تحكم بانتظار انتخاب رئيس جمهورية جديد، وهذا هو الأمر بكل وضوح”.
أضاف: “هناك غرف سوداء، هناك سليم جريصاتي والمدام عون، غرف معزولة، هم الذين يحكمون ويتحكمون بالقضاء، وهناك غرف عسكرية “غريبة عجيبة”، ولماذا فجأة يظهر هذا الهجوم من قبل بعض الصحف التي يسمونها الممانعة على العماد جوزف عون؟ غريبة هذه القصة، لماذا اليوم، وأين أخطأ قائد الجيش؟ هناك أمور غريبة، فمثلا عندما اجتمعوا في المرة الأخيرة في مجلس الدفاع الأعلى اعتذر قائد الجيش لظروف خاصة وذلك لمخالطته ضابطا مصابا كورونا، فبدلا من أن يأتي رئيس الأركان أرسلوا الضابط الذي يرسم الحدود بيننا وبين إسرائيل والذي أراد زيادة الحدود بما يصل ربما الى ضواحي حيفا”.
وتابع: “نعود الى الموضوع المركزي، هناك حزب قوي جدا ومن خلفه دولة قوية جدا إسمها الجمهورية الإسلامية، وكان سؤالي مع ليال الاختيار عبر قناة “الحرة”: هل الجمهورية الإسلامية تعترف بلبنان الكبير أم أننا فقط مقاطعة من المقاطعات في الجمهورية الإسلامية بين لبنان وسوريا والعراق؟”.
وأردف: “دائما كان هناك تقسيمات سياسية ثقافية، وصور هنا وهناك مستفزة لهذا ولذاك، لكننا لم نصل الى هذه المرحلة حيث لا وجود لما تبقى من لبنان. يبدو ان لديهم رؤية مختلفة حول ما سأسميه “الإقليم اللبناني”، أي أنهم يريدون إقليما كما كردستان وعربستان على طريقتهم، وليس بالضرورة دولة إسلامية، بل دولة غير موجودة لنسميها ملحقا بإيران الكبرى، فهل العراق أفضل منا اليوم؟ كلا ليس كذلك، وسوريا ثلثها يقع تحت النفوذ الروسي والتركي ثم لدينا الإيراني، فالدولة السورية انتهت”.
وردا على سؤال عما يحكى عن استعداد بشار الأسد للمصالحة مع إسرائيل وعن إمكانية عقد تسوية، قال: “المشكلة أنه بقي وهو محمي نتيجة التدخل الروسي والإيراني، ولأنه آنذاك عندما كان باراك أوباما يدير المحادثات النووية مع إيران رفض الدخول في أي تغيير للنظام السوري، فلم يقم (النظام) بأي تنازلات، ما زال موجودا، بل على العكس، فقد استمر بالقمع والضرب، وما زال موجودا. أما بالنسبة الى الانتخابات، فكيف سيجرونها وعلى أي أساس؟ اتفقوا في جنيف على انتخابات على أساس التغيير التدريجي للسلطة، لكنه لم يغير، ولن يتغير، هناك حلف سياسي معين، وحلف عقائدي معين، وأكثر من ذلك، حلف ديني معين من لبنان إلى إيران مرورا بدمشق”.
وعن اتهامه النظام السوري بتفجير مرفأ بيروت، قال: “يبدو أن التحقيقات لا تتحرك لهذا السبب، فنظام الأسد، مباشرة أو من خلال أصحابه في لبنان، أوقف التحقيق، ونحن أيضا أخطأنا، كان على سعد الحريري أن يقبل بالتحقيق، لا شيء على سعد الحريري، لأن علينا أن نعود إلى العام 2014، كل الذين حكموا، بالإستخبارات أو غير الإستخبارات، على علم بهذه المواد”.
أضاف: “المحقق العدلي القاضي فادي صوان ارتكب خطأ عن قصد أو عن غير قصد، بأنه لم يستدعِ رئيس الجمهورية، فدخل في الإشكال الشكلي الطائفي، على أن الرؤساء يحاكمون أمام الهيئة الخاصة. فليسحموا لي بما خص الهيئة الخاصة، لا بد من الإستمرار بالتحقيق أيا كان المسؤول. بيروت دمرت و200 شهيد وآلاف الجرحى، دون أن ننسى العقيد أبو رجيلي وجوزف بجاني. اما التحقيق الدولي فقد رأينا سابقا إلى أين أوصلنا، إلا إذا كان هناك احتياط مليار دولار لندفعها، وننتظر 10 سنوات”.
وردا على سؤال، قال جنبلاط: “مع الأسف هذا قدرنا، والحكومة لو شكلت، وحسب وعد الرئيس ايمانويل ماركون، كان ربما سيفتح أبواب البنك الدولي وصندوق النقد كي يعاد إعمار بيروت والبلد على الأقل. الرئيس ماركون أتى ووعد على أساس الإصلاح، ولم تقم الطبقة السياسية بذلك، وأنا جزء منها، لكنني لست مؤثرا فيها بقدر تأثير ميشال عون والسيد حسن نصرالله وسعد الحريري. وعد ماكرون على أساس الإصلاح لكن الإصلاح لم يتم، وعدنا إلى الحلقة المركزية الصغرى، لم يتم الإصلاح ولم تتشكل الحكومة الجديدة”.
أضاف: “لم أضع الحريري في موقع أي أحد، وأنا أذكر بما أن الشيخ سعد يريد مشاركة هؤلاء، فأنصحه “بلاها”، وإذا كان مصرا، فليكمل، لكن أقول إن ماكرون وعد شرط الإصلاح والحكومة الجديدة، ولم ينفذ البندان”.
وعن وصول كميات من المواد الكيميائية الخطيرة الى لبنان، قال جنبلاط: “القرار الأول كان موقعا من قبل “المدام عكر”، استغربنا هذا الأمر، ولولا الضجة التي أثارها النائب جورج عقيص ربما لم نكن لننتبه، إلا أنها هي من وقعت القرار الأول ووزير الأشغال حول بعض المواد الغريبة العجيبة، لكنهم لا يكترثون، فنحن فاقدون للحد الأدنى من القرار الوطني اللبناني، وفي النهاية حكومة حسان دياب هي حكومتهم، وليست حكومتي”.
أما عن “إهمال دول الخليج للبنان وفقدانه دوره في الشرق الأوسط”، فقال: “الوضع تغير مع تغير موازين القوى في المنطقة، فدول الخليج تعاتبنا وهذا من حقها، انما لا يمكنها أن تنسى الوجود اللبناني. لديها حيثياتها، أجرت حسابات ربما خاطئة، تتعلق بإيران، هذا رأيي، الجمهورية الإسلامية موجودة، والدول التي كانت تخضع لنفوذها كبيرة: اليمن، سوريا، العراق، لبنان. لا نستطيع أن نفقد الأمل، وهذا دور الحكومة الجديدة إذا ما شكلت، نعمل جاهدين، لأنه في النهاية، من أين يعيش ما تبقى من لبنان، من هؤلاء عشرات الآلاف ممن تبقى من لبنانيين في دول الخليج، دون دول الخليج لا وجود لما تبقى من لبنان”.
أضاف: “لا يمكن أن نفقد الأمل، إن لم تتم المصالحة بين باسيل وعون من جهة، والحريري من جهة، يا شيخ سعد هم لا يريدونك، فليحكموا، وسنرى لاحقا إذا ما كان هذا الحكم سينجح، وبرأيي لن ينجح، فمشروعهم تدمير وإفقار”.
وتابع: “نظرية الحياد قديمة وتعود إلى الخمسينات، الحياد مستحيل في لبنان بين الجارين الكبيرين، إسرائيل وسوريا، والآن إسرائيل وإيران، لكن على الأقل الحياد الإيجابي، أي أن يملك لبنان الحد الأدنى من القرار الذاتي. اتفقنا في الحوار أيام الرئيس ميشال سليمان على أن نقوم بالإستراتيجية الدفاعية من أجل ان نوضح الأهداف، سلاح المقاومة من أجل ماذا؟ تحرير شبعا ومزارع كفرشوبا، اليوم أصبحنا منصة صواريخ، تحرير كل فلسطين أو بالأحرى الحرب مع أميركا، من الخليج إلى البحر الأبيض المتوسط، توسعت قليلا لكننا لا نستطيع تحملها”.
وردا على سؤال عن معادلة الأقوياء والضعفاء في لبنان، سأل جنبلاط: “من القوي في البلد؟ نظرية الرجل القوي غلطة، المطلوب أن يكون البلد بمؤسساته قويا، وباقتصاده وبجيشه وسياسته الخارجية. حزب الله هو القوي لأن إيران هي القوية، في النهاية حزب الله موجود ولديه حيثياته العسكرية والإقتصادية، لديه المدى الإيراني ويملي إرادته علينا، فهل يعترف بالكيان اللبناني؟ هذا السؤال غير موجه إليه، بل الى إيران”.